جوهرة صغيرة تتطلع لانطلاقة كبيرة

  • PDF


بلدية العيساوية بولاية المدية
جوهرة صغيرة تتطلع لانطلاقة كبيرة


بلدية العيساوية أو الجوهرة الصغيرة للأطلس التلي تحاول بصعوبة التخلص من سمعة (منطقة الموت) التي التصقت بها منذ سنوات للشروع في انطلاقة جديدة. 
ق. م
تعتبر بلدية العيساوية التي تقع بدائرة تابلاط شمال شرق عاصمة ولاية المدية من بين أبرز المناطق المرشحة لتكون منتجعا سياحيا بامتياز لهواة الطبيعة وممون كبير لزيت الزيتون واللوز نظرا للإمكانيات الهامة التي تكسبها غير أن هذه البلدية الجبلية التي تقع على ارتفاع 754 متر عن مستوى سطح البحر لم تسنح لها الفرصة لتحسين مواردها وظروف معيشة سكانها الذين كان يبلغ عددهم 13.000 نسمة قبيل سنوات الإرهاب. 
ومنذ بداية سنوات الثمانينات ظهرت بوادر السياحة الدينية والحموية في الأفق مع قدوم السياح الأوائل القادمين خصوصا من الجزائر العاصمة والبليدة المنجذبين بالهواء المنعش والمناظر الخلابة في الغابات الخضراء الشاسعة التي كانت تغطي المنطقة وأيضا مياهها الطبيعية ذات الفوائد العلاجية. 
عين كسيس مصدر مياه طبيعي ينبع من باطن الأرض كان يمثل أحد الوجهات المفضلة للعديد من المواطنين القادمين من مختلف مناطق وسط البلاد بحثا عن هذا (الماء الثمين) الذي يعرف بفوائده الجمة خصوصا للذين يعانون من القصور الكلوي كما تزخر العيساوية بثروة أخرى تتمثل في الشلالات الصغيرة تيجية بجنوب شرق البلدية والمتمثلة في حمامات بوحمامة ومولاي أحمد إلى جانب الزاوية العيساوية أحد المعالم الدينية التي يلتقي فيها تابعي هذه الطريقة والتي تم تخريبها من طرف المجموعات الإرهابية التي كانت تتواجد بالمنطقة التي هجرت لعدة سنوات بسبب الوضع الأمني تسجل حاليا تدفقا لا بأس به للزوار خصوصا خلال عطلة نهاية الأسبوع وموسم الاصطياف موضحا أنه يجري القيام بإجراءات لجذب مستثمرين واستغلال الحمامات بهدف المساهمة في إعادة بعث النشاط السياحي بالمنطقة. 

1997 سنة مشؤومة للقرويين المسالمين
وبسبب المضايقات المتكررة للجماعات الإرهابية المستمرة شرع سكان البلدية في هجرها تدريجيا بحيث كانت القرى المعزولة أول ضحايا الهجمات الإرهابية المتكررة التي كانت تختبئ في جبال المنطقة متسببة في كل مرة في حزن عائلة أو أكثر بحيث أصبحت بين عشية وضحاها قرى خالية على عروشها. وفرّت عشرات العائلات خوفا من براثن الجماعات الدموية التي كانت تختبئ في البلديات المجاورة على غرار تابلاط أو بولاية البليدة وتيبازة والجزائر العاصمة غير أن الأسوأ حسب السيد تهمي حدث في بداية سنة 1997 عندما ضغطت الجماعات الإرهابية على سكان عاصمة الولاية وأجبرتها على المغادرة واللجوء إلى تابلاط أو ضواحيها. 
وبقيت البلدية خالية لعدة أيام إلى غاية تدخل قوات الجيش الوطني الشعبي بعد نشر كتيبة عسكرية بعين المكان لتبدأ العودة التدريجية للسكان إلى منازلهم بحيث ورغم الجهود المبذولة عقب استعادة الأمن وتأمين مناطق كبيرة بهذه البلدية الجبلية التي تمتد على مساحة 70 كلم مربع إلا أن العديد من القرى بقيت خالية وأضحت في طيّ النسيان. 
وأضحى الاضطراب الديمغرافي الذي عرفته البلدية من بين مخلفات تلك السنوات حيث انخفض عدد السكان من 13.000 نسمة في بداية 1990 إلى حوالي 3763 نسمة في يومنا هذا. 

رغبة ملحة في بذل مجهود إضافي للدولة لفائدة العيساوية 
وسمحت المساهمة الكبيرة للسلطات العمومية خصوصا في مجال المساعدة على البناء الذاتي والتزويد بالتجهيزات الأساسية بتجاوز البلدية لمعاناتها وقلب صفحة الماضي. 
ومنذ سنة 2007 استفادت البلدية من عدة مشاريع للتجهيز والمنشآت الاجتماعية التربوية الموجهة خصوصا للإبقاء على بضع الآلاف من السكان الذي قاوموا الهجرة الداخلية. 
ومنذ ذلك الحين شرع عدد من السكان الذي فروا في السابق في العودة إلى ديارهم بفضل تلك المشاريع وبالتالي العودة التدريجية للحياة الطبيعية وتم مع نهاية سنة 2010 تسجيل عودة جماعية للسكان بكل من قبالجية ولد كولة شماليل خوالد تيجاي بني بوبكر بلحيرات الزاوية وبوحمامة حيث تزامن ذلك مع وضع حيز الخدمة لعدة مشاريع كانت قد أطلقت من قبل من بينهما مدارس ومنشآت إدارية وخدماتية ودار للشباب تنظم فيها مختلف الأنشطة الثقافية والتنشيطية إلا أن أهم عامل ساهم في إعادة إحياء هذه البلدية هو مجهودات الدولة في مجال البناء الذاتي حيث خصص برنامج هام للمساعدات الريفية للمنطقة بحيث وفي هذا الصدد استفاد سكان البلدية من ما لا يقل عن 700 مساعدة ريفية إذ تم الانتهاء من بناء معظمها والباقي لا يزال طور الإنجاز.