صيام الفايسبوكيين!

  • PDF

 

أشد وسيلة وأخطرها وأسرعها انتشارا (الفايسبوك) وما تضخه من معلومات مهولة، وفرائد عزيزة، وتعليقات مثيرة، ومراسلات غزيرة، وإنشائيات عريضة، وتافهات وسيعة، حتى شغلت الناس واجتثت أوقاتهم بلا حسبان فكان من آثاره الآتي :

١/ الإشغال : عن معالي الأمور، وجلائل الأعمال.

٢/ الإلهاء : بسفاسف الدنيا عن غالياتها، وتوافهها عن معاليها.(( والعصر إن الانسان لفي خسر )) سورة العصر .

٣/ الالتصاق : بمعنى الإدمان التام، والتحجر المطلق أمام الجوال. عكفنا عليها كالدواب على الجنى// وليس لنا من بعدهنّ صعودُ !

٤/ النسيان : من جراء الالتصاق والمتابعة والاعتكاف الدقيق. والتسبب في حوادث السيارات .

٥/ التخليط : بسبب كثرة المجموعات وزخارة الرسائل وصور الدردشة.

٦/ الجدال : في حوارات جيدة أو عقيمة تنتهي للإساءة والاتهام.

٧/ الخصام : إذا خفيت الآداب الحوارية، ودخلت حظوظ النفس.

٨/ النفور : بسبب عدم التكافؤ، والتوافق النفسي، أو إساءة بعضهم.

٩/ التذكير : بمواعيد مهمة وإعلانات مفيدة أو جلسات علمية، ما دق وما جلّ، وبلا استثناء...!

١٠/ النصح : لحث خير أو دفع شر، أو إحياء سنن ودفن بدع ومسالك غواية..!!

١١/ الجفاف: وقسوة القلب من جراء المعلومات التافهة والتهريجية، والماجَرَيات السياسية والدرامية اليومية، وقد يحاول تخفيف ذلك بلقطات إيمانية ووعظية للبقاء برغم ضخامة الفتن الجائحة ، والله المستعان،وعنِ ابن عُمَر رضي الله عنهما قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (( لاَ تُكْثرُوا الْكَلاَمَ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ فَإِنَّ كَثْرَةَ الْكَلاَمِ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ قَسْوَة لِلْقَلْبِ وَإِنَّ أَبْعَدَ الناس منَ اللَّه الْقَلْبُ الْقَاسِي )).

وهذا لدى مستعملين حرصاء على الخير،ومتجنبين للسوء وصوره والغواية ووسائلها ومن ذلك :

١/ السخف الفكري: القائم على إضحاك الناس وتسجيل مقاطع وصور ومسلسلات لتحقيق أهداف معينة.

٢/ الصور المخلة: بلا حياء وأدب.(( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم )) سورة النور .

٣/ مقاطع الإضحاك : والمبالغ فيها وقد تصل للسخرية والاستهزاء .

٤/ التبليغ اللحظي: والذي لا يردعه رادع، ولا يكفه كافٍ قد التصق صائما وذاكراً عنده...!

الجرأة: على الباطل واستسهاله حتى يجعل من نفسه ولسانه بريدا لها، ومن وصايا عمر رضي الله عنه ( ومن كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه قل حياؤه ).

وخلاصة صيام الفايسبوكيين التعلق الشديد بالآلة، والعكوف عليها طوال الساعات، خيرا وشرا..! وفِي الصحة والتعب والحضر والسفر، والبيت والمسجد، بحجة الدعوة والتعرف..! حتى يلجوا ( مستنقعات الثرثرة )..!

ومع اتساعه يكثر الانسحاب والمغادرة لا سيما مع إطلالة رمضان، فلا بد من التفقه هنا وامتطاء الحكمة والرزانة .

ومع الخير الدعوي المرتجى منها، فلا يصح أن يبقى الصائم بلا تلاوة يُدمنها أو صلاة يطيلها أو آداب يلتمسها..!(( شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن )) سورة البقرة .

ومعنى ذلك الاعتناء بالقرآن، والغوص في معانيه وبيناته(( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها )) سورة محمد .

وفي الجانب التفريطي، فما صام إلا ممسكا عن الطعام والشراب وقد صح حديث (( رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش )) وكفه عاكفة على الزرار، قد تسمرت تقليبا وتحريكا..!

(فالفايسبوكي) ، مأسور بعجائبه، ومبهور بفوائده، ومنهمك في أخباره، يراسل ويحول ويهدي، ويبارك، ويعزي، ويذكر وينصح..!

وجميل بعضها ولكن الشيء المبالغ فيها تتكنفه الأضرار، وقد تلتفه السلبيات، واغترار بعضنا بفوائده الجمة والتي تفوق الحصر والجمال، لا يسوغ الإدمان الدعوي والوعظي، كالذي يرسل فرائد رمضان كل لحظة، وإشراقاته كل ساعة، وموائده كل هنيهة ..!

فإن ذلك من الإملال وليس من الفقه الدعوي والتوجيهي في شيء..!

* حمزة الفتحي