النخبة

  • PDF


بقلم جمال نصرالله*


يوافقني عدد من الزملاء والمهتمين بأن النخبة في الجزائر تملك مقومات وجودها ومادتها الأولية لكنها لا تملك تأثيرها ولا حتى فاعليتها....بل هي نخبة تعيش كالضوء الخافت البهيت وسط زحمة من الألوان والأشكال الضوئية البارزة المتداخلة... فإلى من تعود الأسباب التي ألحقتها لذات الحال ياترى؟! هل لعوامل استراتيجية حركيتها البطيئة أم لنوعية عناصرها وأفرادها...ثم قبل هذا أين هي النخبة المثقفة عندنا لو حول أحد تشخيصها هل هم الشعراء...الذين يُعدون بالآلاف أم هم الكتاب الصحفيون في المجالين السياسي والفكري أم هم الأساتذة الجامعيون الذين غالبا ماتراهم منغمسين في مناقشة أطروحات بحث طلابهم..وإن حدث وأن كتبوا فإنهم يكتبون في إطار تخصصاتهم لاغير...ولا ينزلون أبدا لأمهات القضايا التي يعاني من ويلاتها الفرد والمجتمع على حد سواء.
في الدول المتقدمة تجد النخب على نسق وتناغم معلومين مع رديفتهما السياسية..فترى السياسي والمثقف المفكر جنبا لجنب مع العسكري تجمعهم طاولة تشاورواحدة..وأهم صفة تطلق عليهم هي صناع القرارالفعلي؟! هذا حقيقة غير موجود في الجزائر بتاتا ولا حتى في أي إقليم عربي..حيث هنالك انفصام كلي مثله مثل انفصال المجرات عن بعضها البعض لأسباب تاريخية لا يتسع المقام لذكرها؟!
لاتوجد نخبة في الجزائر بالمعنى الضبطي يشار لها في كل مناسبة...لأن فكر الاتحاد والتكتل داخل بوتقة واحدة لا يمكنه أن يصمد نهائيا. فغالبا ماتحدث انشقاقات وانسدادات بدءا من جمعية محلية إلى مجلس بلدي إلى حزب سياسي والدليل وضعية اتحاد الكتاب اليوم...الذي لم يعد عبارة إلا عن مجموعة من الأقلام المتحيّنة للمشاركات الخارجية داخل مؤتمرات مغلقة ؟! فأنت تراها منغمسة في هذا الشأن..تعيش نواحا مطلقا وكل لسان حالها يقول بغياب الدعم.. حتى وهذا فيه الكثير من الحقيقة...لكن السؤال الأكثر من واقعي ...لماذا يظل هؤلاء متشبثين بهذه المناصب..لو لم يكن من أجل منافع شخصية كما أسلف وأن ذكرنا...فليتركوا الجمل بما حمل..ولا يُشركوا أحدا في  بهتانهم ؟!
بدليل أن واحدا مثل عبد العزيز غرمول غادر هذا المبنى وغسل يديه بالماء البارد...وهاهو الآن يشد هممه نحو قبة البرلمان.. حيث الخيار الثاني بالنسبة إليه أفضل من الأول...وهذا يؤكد ماذهبنا إليه عن أن الحياة الثقافية تحيا بالدعم...وحتى النخب التي هي بمثابة عماد الخيمة لن يُكتب لها الصمود. لو لم تكن ذات سيادة معنوية واستقلالية مادية.
فيحدث أن تلقى بعض المرات ومن جهات خارجية (وليس عندنا هنا) دعما جنونيا للفعل الثقافي لكن أثرياء الجزائر إن حدث وأن فعلوا فإن وجهتهم الوحيدة هي الرياضة؟! لذلك لا يمكن أن يرتسم مفهوم نخبة حقيقي في الأفق إلأا إذا حدث هناك  نوع من التوافق. بين عدة جهات..وخلافا عن أن يكون هناك دعم بلا حدود للفعل الثقافي من طرف الدولة. فعلى أقل تقدير هناك نظرة الاحترام والتقدير لهذه الكوكبة التي من المفروض أن يُستنجد بها في أزمة ومحنة....ومادامت الأمور بالمعكوس فإن بلدنا هذا سيظل يراوح نفسه في نفس الدائرة ولن يخرج منها إلا بقدرة قادر ؟! لأن النخبة كالشجرة العملاقة لابد لها كي تحيا عوامل طبيعية متعارف عليها..في الجزائر حدثت مشكلة من نوع خاص ..الشجرة هذه هُجنت...وتم سقيها بمواد غريبة ..وخُدر وعيها بحقن طويلة المدى ...وحين صارت تطل على الشمس أدخلت في حظيرة الغابة العملاقة؟!


شاعر وصحفي جزائري