نقائص بالجملة تحاصر السكان منذ 10 سنوات

  • PDF


العزلة تحولت إلى واقع مفروض على سكان مفتاح بالبليدة، نتيجة انعدام ابسط متطالبات الحياة اليومية وغياب شبه تام لمشاريع التنمية المحلية، هذا في الوقت الذي تستعد فيه ولاية الجزائر الى ترحيل آلاف العائلات الى مفتاح قبيل رمضان، إلا ان الوضع الكارثي في المنطقة لا ينبئ بخير، فالتهميش أغرق المنطقة وحولها الى بركان يحذر السكان من انفجار حممه الحتمي في أية لحظة اذا لم تتدخل السلطات بشكل فعلي على ارض الواقع·
روبورتاج: مليكة حراث

مشاهد محزنة ألفيناها خلال الجولة الميدانية التي قادت أخبار اليوم الى منطقة مفتاح بولاية البليدة، ونحن نتجول في أحيائها وقفنا على مدى التهميش والعزلة التي فرضها المسؤولون المنتخبون عليها وهذا بعد الحاح وطلب بعض المواطنين في اتصالهم بنا لتلبية الدعوة بزيارة هذه البلدية البعيدة كل البعد عن أعين واهتمامات رؤساء المجلس البلدي الذين تداولوا على السلطة وهذا  لرصد مشاكل هذه الأخيرة والتي طالما سمعنا عنها، لكن لم نتصور أن تطرح أزمة العزلة بتلك الحدة التي وقفنا عليها، حيث أضحت أوضاع الحياة المعيشية لدى هؤلاء بمثابة هاجس يؤرق يومياتهم، بل نالت القسط الكبير من مجمل الانشغالات والاهتمامات، والأدهى في الموضوع أن هذه البلدية تتصدر البلديات الواقعة في ولاية البلدية من حيث النشاط الاقتصادي والصناعي والتي من المفروض تكون مثالا في كل الجوانب  سيما وانها قبلة للتجار من كل حدب وصوب، إلا انها تشهد افتقارا ملحوظا في المرافق الضرورية على غرار الملاعب الجوارية وقاعات الترفيه  خصوصا الطرقات التي تعرف وضع كارثي والتي لم تشهد أي تزفيت منذ ازيد من 10 سنوات حسب شهادات قاطنيها حيث تحولت الى حفر بليغة ومسالك ترابية حيث تتحول في فصل الشتاء الى برك من الاوحال يتعذر السير عبرها، اما اصحاب المركبات فقد راسلوا الجهات المعنية وقاموا بشكاوي متعددة بهذا الشأن إلا أن شكاويهم بقيت حبيسة الأدراج لغاية كتابة هذه الأسطر·

عزلة تامة
تعيش كثافة سكانية معتبرة في عزلة تامة فرضها موقعها الجغرافي من جهة وإهمال المسؤولين من جهة أخرى، حسب عمي رابح الذي كان رفيقا لنا في جولتنا التي حاولنا من خلالها الوقوف أمام ما يتكبده هؤلاء، ونحن نتوجه نحو مدخل البلدية صادفتنا المحطة الرئيسية التي كانت عبارة قطعة عن حقل لغرس البطاطا وليست محطة بسبب الأوحال والحفر المملوءة بمياه الامطار، حيث يصعب على المواطنين التنقل بها وامتطاء الحافلة حيث لا تتوفر على أدنى مقاييس المحطة وتغيب فيها كل ظروف الراحة للمسافر لا واقيات ولا تزفيت ولا كراسي ولا لافتات أما عن الأرضية السابق ذكرها فحدث ولا حرج تشعر للحظات أنك في إحدى المناطق النائية الغائب عنها المسؤولين·   
ونحن نتجول بدأ عمي رابح يسرد علينا قصة المنطقة، التي تحولت وخلال فترة وجيزة من العشرية الدموية إلى ملاذ ومقصد كل سكان البلديات المجاورة وحتى من باقي أرجاء الوطن، وبفعل النزوح الريفي هروبا من بطش الإرهاب الدامي، وبذلك صارت المنطقة تشهد حالة من الاكتظاظ أكثر مما كانت عليه وفوضى،  حيث كانت منطقة ذات طابع فلاحي بالدرجة الأولى وتجاري محض، غير أن هذا لم يدم بفعل الأزمات التي عرفتها بعض الولايات او بالبلاد بصفة عامة أزمة العشرية السوداء، وحتى أزمة السكن الذي ساهمت  فيه هذه العشرية بشكل كبير في الفوضى والاكتظاظ الذي أصبح يميز منطقة مفتاح بوجه الخصوص·

تهيئة الطرقات·· حلم السكان 
ما يشد انتباه الزائر ولأول مرة للمنطقة، هي الحالة المزرية التي تشهدها معظم إن لم نقل كل الطرق بالبلدية، والغريب في الأمر أن مصالح البلدية وبشهادة الكثير ممن تحدثوا إلينا أنها لم تقم بتهيئة الأرصفة والطرقات منذ 10 سنوات باستثناء الطرق الرئيسية وذلك بطريقة سطحية فقط أو البريكولاج ، فهي حالة أصبحت تنبئ بوقوع كوارث خاصة على مستوى حوادث المرور التي تشهد تزايدا وأرجعها السكان إلى حالة الطرقات التي تزداد ترديا عند تهاطل الأمطار، حيث تتحول الى مستنقعات مائية وأوحال تصعّب وبشدة حركة السير سواء للراجلين الذين ضاقوا ذرعا لما آلت إليه أغلب الطرقات، خاصة حي 20 ماي وحي 30 مسكنا وغيرها من الأحياء الذي تتواجد على مستوى المنطقة، وما زاد الطين بلة هو انعدام الإنارة العمومية في مختلف الأحياء كحي 84 كوسيدار الجديد، هذه الوضعية أرقت كاهل السكان فقد عزلت سكان المنطقة بصفة شاملة وليس الأحياء المذكورة، وحسب عمي رابح أن بعض الأحياء المجاورة تعاني عزلة تامة في غياب تام لأغلب المرافق والضروريات على غرار منطقة زيان البعيدة كل البعد عن اهتمامات رئيس البلدية وبالأحرى لم يطأ قدمه بها على الإطلاق حيث لا تتوفر على ابسط مرفق ضروري كمركز علاج هذا كأبسط مثال كما لو كانت هذه المنطقة غير تابعة لإقليم البلدية وهذه المنطقة عينة فقط على باقي الأحياء المجاورة التي تشهد تهميش تام، ولم تشهد أي التفاتة او تغيير منذ أزيد من 15 سنة· وفي السياق ذاته ركز هذا الاخير ومجموعة من المواطنين قوله على اللامبالاة التي يفرضها المسؤولون على السكان، كما أكد العديد من شباب أن المنطقة محرومة من كل شيء وتستدعي ضرورة تدخل الوالي المنتدب ووالي ولاية البليدة للتكفل شخصيا بانشغلاتهم وضرب بيد من حديد على السلطات المحلية لتهيئة الطرق الرئيسية التي تعطي الوجه الحقيقي للمنطقة وتزفيت بعض الطرقات الداخلية التي عرفت مؤخرا عملية صيانة شبكة المياه، وإدخال شبكة الغاز الطبيعي، سيما بعد ترحيل سكان الجزائر الوسطى للبلدية   كون أنها المسالك الوحيدة، والحيوية في نفس الوقت وتعد رئة التجار الناشطين داخل البلدية التي صارت شبه منعزلة عن حركة المرور داخل وخارج المنطقة·
ولم تنته معاناة سكان المنطقة عند هذا الحد بل يضاف اليها مشكل الغاز الطبيعي الذي لا تزال بعض الأحياء تعاني منه كمنطقة الجبابرة لا يزالون يحلمون به، آملين وصل صدى معاناتهم إلى المسؤولين لاتخاذ الإجراءات اللازمة في سبيل وضع حد لمعاناتهم اليومية في البحث عن قارورات غاز البوتان، ضف إلى ذلك مشكل الإنارة العمومية الذي زاد من مخاوف السكان وحوّل حياتهم إلى جحيم لا يطاق· من جهة أخرى عبرت لنا احدى السيدات  القاطنات مع العديد من تحدثوا إلينا عن مشكل النقل خاصة وأن الحي يبعد عن موقف النقل الوحيد المتواجد على مستوى البلدية بكيلومتر ونصف كيلو متر غير أن هذه المسافات تقطع وبشكل يومي مشيا على الأقدام أمام غياب وسائل النقل، ورغم ما قدمه من شكاوي إلى المسؤولين، غير أن دار لقمان بقيت على حالها، نفس المعاناة يتجرعها العديد من الأحياء كحي 84 مسكنا بـ كوسيدار الجديد أين يعيش قاطنوه ظروفا مزرية في ظل تذبذب  المياه الصالحة للشرب، حيث لا تزور قطرة الماء حنفياتهم لأزيد من 5 ايام كاملة مما يجبرهم على شراء مياه الصهاريج التي تهدد صحة السكان  بالاضافة الى انقطاع الإنارة العمومية  في العديد من المرات سيما في الايام الاخيرة التي عرفت تردي الاحوال الجوية، ناهيك عن القمامات المنتشرة   والمتراكمة بمحاذاة العمارات بالحي، والتي أكثرها من مخلفات البناء، حيث لم تقم المؤسسة المسؤولة عن الحي برفع مخلفات البناء مسببة بذلك الكثير من المخاطر لدى السكان، لاسيما الأطفال·

البطالة·· السم القاتل للشباب  
يعاني شباب منطقة مفتاح فراغا قاتلا  وواقعا مؤلما بسبب النقص الفادح المسجل في غياب فرص العمل سواء المؤقتة أو الدائمة، وهو الهاجس الذي عبّر عنه شباب المنطقة خلال زيارتنا الميدانية، حيث لا يزال حلم العشرات من أبناء مفتاح الخروج من دائرة البطالة القاتلة والتسكع في الشوارع واقتحام عالم الانحراف من بابه الواسع في ظل الفراغ الذي يُحاصرهم وجعل حياتهم بدون معنى، وعليه يناشد السكان والشباب خاصة والي ولاية البليدة التدخل الفوري للدفع بعجلة التنمية بالمنطقة لتصبح ضمن مصاف البلديات الحضارية والعصرية·