التهميش يخرج سكّان (بطباطة) بالشطّية إلى الشارع

  • PDF

يستنجدون بالسلطات العليا

انتفض سكّان الموقع القصديري (بطباطة) الواقع ببلدية الشطّية بولاية الشلف مندّدين بالأوضاع الكارثية التي يتخبّطون فيها حيث خرجوا في احتجاجات عارمة شارك فيها النّساء والأطفال احتجاجا على سياسة التهميش والإقصاء الممارسة في حقّهم.
قال السكّان إنه لم يعد بوسعهم تحمّل سياسة الصمت والتهميش المطبّقة في حقّهم من طرف السلطات المعنية التي تجاهلت مشاكلهم المتراكمة المتعدّدة بالرغم من رفع شكاويهم في عدّة مناسبات هذه الأخيرة لا تكترث بالوضعية التي يعيشها السكّان في ظلّ غياب أدنى شروط الحياة الكريمة إلى جانب المخاطر التي يتعرّضون لها من اعتداءات يومية وسطو على المنازل بذات المكان الذي لا يصلح حتى للحيوانات والمعزول عن البلدية بمسافات كونه متواجد بمحاذاة أحد الوديان والمنحدرات. وأضاف محدّثونا أنهم يعيشون رعبا وخوفا دائمين من جماعة المنحرفين التي وجدت راحتها لتمارس كلّ أنواع الإجرام من سرقة وتعاطي المخدّرات وترويجها والمظاهر المشينة داخل هذا الحي بعيدا عن أعين رجال الأمن. وفي السياق ذاته أبدى هؤلاء تخوّفهم على أبنائهم من الانزلاق في متاهات تلك الفئة التي تنشط بكلّ حرّية كما تخوّفوا من الاعتداء على أطفالهم سواء الجسدية أو الجنسية على حدّ تعبيرهم مطالبين بالتدخّل الفوري من أجل حمايتهم بتوفير مركز أمني بالحي. وفي حديثهم مع (أخبار اليوم) أكّد هؤلاء السكّان أن حيّهم يعدّ من أقدم الأحياء القصديرية بالشطّية والذي يعود إلى أكثر من 40 سنة ويقولون: (إننا أجبرنا على الاستيطان في هذا الموقع هروبا من بطش الإرهاب والمجازر التي ألحقت بعائلاتنا وتمّ ترحيلنا من ديارنا بأمر من السلطات آنذاك بوعود إعادة إسكاننا بعد انتهاء الأزمة إلاّ أنه لا شيء من هذا القبيل حدث بل قابلتنا السلطات بالإنكار والتغاضي بعدما تركنا ديارنا وأراضينا ورغم ذلك لازلنا نتخبّط في أزمة السكن التي مازالت قائمة إلى حدّ اليوم رغم السنين الطويلة ورغم المشاريع المتعدّدة التي استفادت منها معظم الأحياء القصديرية حتى الحديثة منها).
فحسب ما أعرب عنه هؤلاء القاطنون بالحي فإن منازلهم الشبيهة بإسطبلات وغير الصالحة -حسب تعبيرهم- تحسّسهم وكأنهم داخل قبور تفتقر إلى أدنى متطلّبات العيش الكريم. وأضاف محدّثونا أنهم يذوقون مرارة تلك الحياة المزرية التي لا تطاق أو تلائم بني البشر وحسبهم فإنه رغم الوضعية المأساوية التي يتكبّدونها لم يخطر على بالهم القيام بأيّ أعمال شغب أو احتجاج بقطع الطريق أو الحرق مكتفين باحتجاجات سلمية للفت انتباه المسؤولين (إلى أننا موجودون ليس إلاّ) ولإيصال أصواتهم كما فعل سكّان أحياء قصديرية أخرى ودائما أملهم قائم في منحهم الحقّ الشرعي ألا وهو السكن فتلك البيوت المتكوّنة من غرفة واحدة التي لا تسع أربعة أفراد تأوي 10 أشخاص من عائلة واحدة والتي تمّ تشييدها بالقصدير والحطب حيث يعيش فيها هؤلاء حياة صعبة أثقلت كاهلهم بسبب غياب أدنى الضروريات من ماء وكهرباء وغاز ناهيك عن غياب قنوات الصرف الصحّي والمياه التي تعدّ مصدر العديد من المشاكل على غرار انتشار المياه القذرة بسبب تلك المطامير التقليدية المشيّدة بطريقة عشوائية والتي تتسبّب في روائح لا تحتمل بسبب فيضانها والتي تطفو على السطح وتنتشر عبر كامل الحي حسبهم ممّا ينجرّ عنها تعرّضهم للأمراض والأوبئة. إنه بالفعل واقع صعب ومؤسف وقفت عليه (أخبار اليوم) أقلّ ما يقال عنه إنه وضع كارثي لا يليق بحياة البشر. وأضاف محدّثونا أن غياب قنوات الصرف الصحّي أكبر كارثة وعائق نتج عنها حدوث تسرّبات للمياه القذرة وتلك التراكمات للنفايات والأوساخ تتسبّب في انتشار الذباب وشتى أنواع الحشرات الضارّة سيّما في ظلّ الحرارة الشديدة التي تصل أحيانا إلى ما بين 45 و53 في الشلف ما زاد من التدهور المعيشي للعائلات التي أغلبها فقيرة.
كلّ هذه المشاكل عادت بالسلب على قاطني هذا الحي خاصّة الأطفال الأبرياء الذين يتعرّضون لعدّة أمراض نتيجة اللّسعات السامّة من طرف الحشرات على غرار الناموس والطفح الجلدي وغيرها من التعقيدات الصحّية فضلا عن تلوّث المحيط الذي يعتبر الفضاء الوحيد الذي يجمع هؤلاء الأطفال للّعب في غياب مساحات خضراء أو أماكن خاصّة للترفيه غير واعين بما تسبّبه تلك القاذورات والأوساخ من أخطار على صحّتهم. ولا تنتهي معاناة هؤلاء السكّان عند هذا الحدّ بل تعدّته إلى مشكل المياه حيث تعاني أزيد من 200 عائلة منه والتي تضطرّ يوميا إلى الاستنجاد بالأحياء المجاورة كحي الحباير برطالي وقرية الحرّاش من أجل جلب صهريج ماء ناهيك عن غياب شبكة الكهرباء التي اضطرّ الكثيرون منهم إلى إيصالها بطريقة فوضوية شكّلت في العديد من المرّات خطرا عليهم خاصّة في فصل الشتاء أين تحدث شرارة الكهرباء بسبب استعمالها العشوائي. وفي هذا السياق قال السيّد (خلوف) إنه وقع حادث بسبب شرارة خلال العام الماضي كاد يودي بحياة عائلات بأكملها بعد تساقط الأمطار فلولا تدخّل الحماية المدنية للقوا حتفهم جماعة. وعليه وأمام هذه الأوضاع الحيوانية التي يعيشها هؤلاء في ظلّ الغياب التام لوسائل العيش الكريم تناشد أزيد من 200 عائلة السلطات المعنية وعلى رأسها رئيس الجمهورية انتشالهم من الخطر المتربّص بهم من كلّ جهة والمذكور سالفا إضافة إلى انتشالهم من حياة الذلّ والإهانة داخل سكنات شبيهة بالجحور على حدّ تعبيرهم مطالبين إدراج ملفاتهم ضمن المرحّلين إلى سكنات لائقة تحفظ ماء الوجه والكرامة.
مليكة حراث