والله غالب على أمره

  • PDF

قال الله تعالى: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} و[يوسف:21].
قالت الحكماء في هذه الآية: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ}
أراد إخوة يوسف قتلَه فغلبَ أمرُ الله حتى صار ملِكاً وسجدوا بين يديه.
ثم أرادوا أن يخلو لهم وجهُ أبيهم فغلبَ أمرُ الله حتى ضاق عليهم قلبُ أبيهم وافتكر يوسف بعد سبعين سنة أو ثمانين سنة فقال: {يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ} [يوسف:84].
ثم أرادوا أن يكونوا من بعده قوماً صالحين -أي تائبين- فغلب أمرُ الله حتى نسوا الذَنْب وأصرّوا عليه حتى أقرّوا بين يدي يوسف في آخر الأمر بعد سبعين سنة وقالوا لأبيهم: {إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ} [يوسف: 97].
ثم أرادوا أنْ يخدعوا أباهم بالبكاءِ والقميص فغلب أمر الله فلم ينخدع وقال: {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ} [يوسف:18].
ثم احتالوا في أن تزول محبتُه من قلْبِ أبيهم فغلبَ أمرُ الله فازدادت المحبةُ والشوقُ في قلبه.
ثم دبّرت امرأةُ العزيز أنها إن ابتدرته بالكلام غلبتْه فغلبَ أمرُ الله حتى قال العزيز: {وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ} [يوسف:29].
ثم دبّر يوسف أن يتخلّص من السجن بذِكْرِ الساقي فغلبَ أمرُ الله فنسي الساقي ولبثَ يوسف في السجن بضع سنين.
...........