في صلاح القلب وفساده

  • PDF

إن الله سبحانه لا ينظر إلى صوركم وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم فالقلب هو محل نظر الله من العبد.
وهو الذي إذا صلح صلح الجسد كله وإذا فسد فسد الجسد كله كما أخبر بذلك النبي وهو محل معرفة الله ومحبته وخشيته وخوفه ورجائه ومحل النية التي بها تصلح الأعمال وتقبل أو ترد وتبطل قال : ((إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)).
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: فأشرف ما في الإنسان قلبه فهو العالم بالله الساعي إليه والمحب له وهو محل الإيمان والعرفان وهو المخاطب المبعوث إليه الرسل المخصوص بأشرف العطايا من الإيمان والعقل وإنما الجوارح أتباع للقلب يستخدمها استخدام الملوك للعبيد والراعي للرعية فسبحان مقلب القلوب ومودعها ما يشاء من أسرار الغيوب الذي يحول بين المرء وقلبه ويعلم ما ينطوي عليه من طاعته ودينه مصرف القلوب كيف يشاء أوحى إلى قلوب الأولياء أن أقبلي إلي فبادرت وقامت بين يدي رب العالمين وكره عز وجل انبعاث آخرين فثبطهم وقيل: اقعدوا مع القاعدين.


كانت أكثر يمين رسول الله : ((لا ومقلب القلوب)) وكان من دعائه: ((اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك)) إلى أن قال الإمام ابن القيم رحمه الله: وإذا تأملت حال القلب مع الملك والشيطان رأيت أعجب العجاب فهذا يلمّ به مرة وهذا يلم به مرة فإذا ألَمّ به الملك حدث من لمته الانفساح والانشراح والنور والرحمة والإخلاص والإنابة ومحبة الله وإيثاره على ما سواه وقصر الأمل والتجافي عن دار الغرور فلو دامت له تلك الحال لكان في أهنأ عيش وألذه وأطيبه. لكن تأتيه لمة الشيطان فتحدث له من الضيق والظلمة والهم والغم والخوف والسخط على المقدور والشك في الحق والحرص على الدنيا وعاجلها والغفلة عن الله ما هو من أعظم عذاب القلب. 
إن القلوب تقسو فتكون كالحجارة أو أشد قسوة فتبعد عن الله وعن رحمته وعن طاعته وأبعد القلوب من الله القلب القاسي الذي لا ينتفع بتذكير ولا يلين لموعظة ولا يفقه مقالة فيصبح صاحبه يحمل في صدره حجرًا صلدًا لا فائدة منه ولا يصدر منه إلا الشر. ومن القلوب ما يلين ويخشع ويخضع لخالقه ويفقه ويقرب من الله ومن رحمته وطاعته فيحمل صاحبه قلبًا طيبًا رحيمًا يصدر منه الخير دائمًا.


الشيخ صالح بن فوزان الفوزان/ المنتدى الإسلامي العام