محمد الهاشمي الحامدي: احذروا .. هذه الدولة العربية تستهدف الجزائر

  • PDF

* الجزائر العمود الفقري لنهضة شمال إفريقيا..
* سأترشح لرئاسة تونس في 2019
* هذا مفتاح الإصلاح لأوضاعنا العامة..
* أنا ضد الإعلام الماجن المضلل والمفسد في كل مكان
* الآم بي سي وصمة عار على الإعلام السعودي والعربي
* قناة الجزيرة ساهمت في خراب ليبيا وسوريا واليمن
* الفساد في تونس.. زاد
* هناك مؤامرة واضحة لتقسيم سوريا وتدميرها.. وهذا ما قلته لمعارضي بشار الأسد
كاتب وإعلامي تونسي بارز مقيم في العاصمة البريطانية لندن منذ 1987 على صفحته الخاصة بموقع تويتر كتب يقول: (جدي الأول آدم وجدتي الأولى حواء. فكل الناس قرابتي. وكل العالم وطني).. كثيرا ما يثير حوله زوابع سياسية وإعلامية لا يهاب الدخول في نقاشات حادة مع أشقائه العرب.. إنه الأستاذ محمد الهاشمي الحامدي مالك ومدير قناة المستقلة الفضائية الذي تواصلت (أخبار اليوم) معه لتجري معه حوارا تحدث فيه بصراحته المعتادة عن قضايا متعددة وقال أن لديه عتابا كبيرا على الجزائر رافضا الإفصاح عن فحواه مشيرا إلى أنه يحبها كثيرا ـ (ولكنه حب من جانب واحد) على حد تعبيره ـ ومحذرا أبناءها من دولة عربية قال أنها تستهدفها.. وكشف الحامدي عن نيّته الترشح لرئاسة تونس في 2019 مواصلا التحذير من الإعلام الماجن والمضلل والمفسد ومقدما وصفة عامة لإصلاح أحوال الأمة الإسلامية..

حاوره: الشيخ بن خليفة

* أخبار اليوم : كيف تقرأ الصورة العامة لحال الأمة الإسلامية وهي تودع سنة مثخنة بالجراح.. مضرجة بالدماء؟
ـ الحامدي: أمتنا تركت الأساس الذي تتقدم به البلدان ويزدهر به العمران وهو العدل. لذلك هي تحصد ثمار ما تزرع من ظلم وتسيّب وقبول بالفساد.
* هل تتوقع أن يحمل العام الجديد بعض الأمل في غد أفضل للمسلمين هنا وهناك؟
ـ مفتاح الإصلاح لأوضاعنا العامة موجود ومعروف: العدل وحكم القانون ومساواة الناس أمام القانون. نحن لن نعيد اختراع العجلة. متى ما عدنا إلى العدل سيصلح أمرنا بحول الله.
* ماذا عن حالنا في المغرب العربي. كيف تقيّمه؟ وما الذي يحول دون الوحدة المغاربية المنشودة؟
ـ الآن تراجعت الآمال والتوقعات كثيرا بسبب الظلم والفساد وغياب العدل وحكم القانون. لم تعد الوحدة المغاربية هي الهدف الواقعي بل الحفاظ على الوحدة الوطنية في الأقطار المغاربية وحمايتها من التمزق والانقسام وما ليبيا الشقيقة عنا ببعيد.
* هل تغيّرت تونس فعلا بعد ثورة الياسمين ؟ وكيف تقيّمون ما مضى من حكم السبسي؟
ـ باستثناء حرية أوسع للتعبير والتنظيم زاد الفساد في تونس وزادت الأسعار وزادت البطالة وزادت الديون وزادت نسبة اليأس والإحباط عند الشباب. الوضع لا يسر أبدا.
* اغتيال الشهيد الزواري على أرض تونس فتح الباب واسعا أمام الحديث عن (اختراق صهيوني) للجارة الشرقية للجزائر. هل لديكم أي معلومات بشأن الجريمة؟ وكيف يمكن لتونس أن تتحصن من عبث (الموساد)؟
ـ اغتيال الشهيد الزواري حدث في نفس اليوم الذي استقال فيه المدير العام للأمن الوطني أو أقيل كما يشيع البعض. أقرأ تصريحات بعض الساسة والنقابات الأمنية فأسمع عن صراع للتموقع في المناصب القيادية بأجهزة الأمن ووزارة الداخلية. لست مرتاحا على الإطلاق.
* تدور معارك ضارية على أرض سوريا هذه الأيام توازيها معارك إعلامية يلعب فيها التضليل لعبته. كيف يمكن للمتتبع البسيط أن يفرّق ويميّز بين الحقائق والأكاذيب؟ وما الذي يجري هناك من وجهة نظرك؟
ـ سوريا فيها مأساة. المتطرفون المعارضون لبشار تجمعوا من أصقاع الدنيا والميليشيات الموالية لإيران تجمعت في الصف المقابل وتدخلت دول كثيرة على الخط على حساب المصالح الوطنية الإستراتيجية للشعب السوري الشقيق. وهناك مؤامرة واضحة لتقسيم سوريا وتدميرها. لا أرى فرصة لنجاح أي ثورة تقودها تنظيمات إرهابية وجماعات متشددة. قلت لمعارضي بشار الأسد في صفحتي على تويتر: طالما بقيت ثورتكم تضم فتح الشام وأنصار الشام وأحرار الشام ووو...  فستظل دماؤكم مهدورة وحقوقكم مستباحة. راجعوا أنفسكم ونهجكم فورا. وقلت لهم: قبل أن تنجح ثورة الجزائر كانت هناك جبهة التحرير الوطني وقبل تحرر السود في جنوب إفريقيا كان هناك المؤتمر الوطني الإفريقي أين مثل الجبهة أو المؤتمر في سوريا؟
* تواصل جماعات الغلو التي تنسب نفسها للإسلام تنفيذ اعتداءات في أماكن مختلفة. ما هي رسالتك لها ولمن هو متأثر بفكرها إن وُجد؟
- كتبت حديثا أن التنظيمات السنية المتشددة هي السكين الحقيقية التي تطعن بها أمة الإسلام اليوم أكثر من سكين إسرائيل وإيران. بحيث أصبح الأمر واضحا: حيثما أرادت قوة من قوى البغي والشر والعدوان تهجير المسلمين السنّة خاصة من مكان واستباحة دمائهم وأعراضهم زرعت فيهم داعش أو القاعدة وتنظيمات أخرى تلتقي معهم في إعلان الحرب والعداوة لمن يصفونهم بـ(العلمانيين والكفار والملاحدة والشيعة الروافض).
هؤلاء المتشددون ليسوا تيارا فكريا وسياسيا في الحقيقية. هؤلاء مجرمون متمردون على القانون يجب التعامل معهم بكل ما في القانون من حزم. وإن حملوا علينا السلاح فيجب على دولنا أن تتصدى لهم وتهزمهم. هؤلاء هم من يريد إغراق سفينة الأمة بجهلهم وانحرافهم أو بأدمغتهم المغسولة من قبل أجهزة مخابرات أجنبية. هؤلاء من شوّه سمعة دين الإسلام وأهدر دماء المسلمين. من ثمارهم تعرفونهم.
وهؤلاء لا ينفع معهم الحوار والمناصحة إلا قليلا ولا حل معهم إلا بالقانون الحازم الرادع. هؤلاء أخطر علينا من إيران وإسرائيل والمخططات التوسعية لأية دولة أجنبية تمكر بأمتنا وإذا سكتنا عليهم وتركناهم فسنغرق معهم جميعا. يجب أن نتصدى لهم ونعرّيهم فكريا وسياسيا وأخلاقيا ونهزمهم. هذا شرط أساسي للانتصار في أي معركة مهمة أخرى من معارك أمتنا المعاصرة.
* مقابل التطرف تتنامى نزعة الإسلاموفوبيا. كيف السبيل إلى التقليل من آثارها على الجاليات العربية والمسلمة في الغرب وتصحيح الصورة النمطية عنهم؟
ـ إذا صلح أمرنا في بلداننا بالعدل واحترام حقوق الإنسان وكرامة المواطن فستتراجع الإسلاموفوبيا. أما إذا استمرت بلداننا غارقة في الظلم والفساد فستزداد هذه الظاهرة الخطيرة للأسف.
* عُرفت بقيادتك حملة شرسة ضد مجموعة قنوات الآم بي سي وتراجعت حدة هذه الحملة مؤخرا.. ما هي خلفياتها؟ وهل رفعت الراية البيضاء ربما شعورا منك باستحالة التأثير إيجابا منحى هذه المجموعة الإعلامية؟
ـ أنا ضد الإعلام الماجن المضلل والمفسد في كل مكان وهو موجود في تونس والجزائر والمغرب ومصر وليس في السعودية فقط. لكن أنا نصحت الأشقاء في القيادة السعودية لفك الارتباط بأي مؤسسات إعلامية ماجنة لأنهم خدّام الحرمين الشريفين والمسؤولية المعنوية عليهم أكبر. من حقهم علي أن أنصحهم ولا أنوي أن أتوقف عن ذلك. هذا واجب الأخ على أخيه.
* هاجمت قبل مدة قناة العربية أيضا من خلال تغريدة على موقع (تويتر).. ما هي تحفظاتك على هذه الأخيرة؟
ـ قناة العربية بنت مجموعة آم بي سي. والمجموعة في نظري وصمة عار على الإعلام السعودي والعربي في هذا الزمان لأنها روجت للمجون والديكتاتورية معا.
* يتهمك البعض بـ(الغيرة الإعلامية) ويقولون أن هجومك على الآم بي سي وأخواتها ناتج عن (غيرة) سببها تفوق هذه القنوات. إذا كان الجمهور هو من يرغب في مشاهدة هذا النوع من القنوات أليس الأولى العمل على إقناعه بخطئه وتقديم بديل قوي؟
ـ البرامج الماجنة تخاطب الغرائز في الشباب التونسي والجزائري والعربي وبشكل عام. والقنوات المتخصصة في هذا النمط تمتاز عادة بمجاملتها للديكتاتورية وتزيينها للاستبداد. والبديل ليس سهلا لأنه يتطلب أموالا طائلة. من حسن الحظ أنه بالإمكان اليوم تنبيه الناس عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي. هذه معركة مستمرة معركة الجمال الحقيقي ضد الجمال المزيف معركة الجودة ضد الرداءة معركة الذوق الرفيع ضد الذوق الفاسد.
* تبدو أكثر (حنانا) مع قنوات أخرى مثيرة للجدل مثل الجزيرة والميادين وكذا قنوات أخرى ناشرة للميوعة. أم أن الأمر غير ذلك؟
ـ توقفت عن مشاهدة قناة الجزيرة منذ أشهر. ورأيي في قناة الجزيرة أنها ساهمت في خراب ليبيا وسوريا واليمن. أما قناة الميادين فلا أشاهدها إلا نادرا.
* ما موقع قناتكم (المستقلة) من هذا الحراك الإعلامي لاسيما في ظل تراجع الاهتمام الشعبي بالبرامج الحوارية التي ظلت علامة مميزة بقناتكم؟
ــ نحن نواصل أداء دورنا في تنبيه الجمهور العربي إلى الأخطار المصيرية التي تواجهه وتوعيته بأهمية التزام مبادئ العدل وحكم القانون ومحاربة الفساد. هذا واجبنا وسنستمر في القيام به. والبديل عنه هو ربما عودة الاستعمار المباشر من جديد لا قدر الله.
* تعيش الأمة على وقع صراعات طائفية ومحاولات للتوسع الشيعي. ما تقديركم لمدى خطورة محاولات نشر التشيع بين العرب والمسلمين عموما وفي المغرب العربي بوجه خاص؟
ــ المذهب السني هو مذهب الوسطية والاعتدال. والتشيّع يخالف هدي سيدنا علي رضي الله عنه في مسائل أساسية كثيرة وفيه غلو وتطرف وتستغله إيران في طموحاتها التوسعية بالمنطقة العربية.
المشكلة أن المذهب السني لا تمثله (آم بي سي) ولا يمثله الإعلام المصري أو التونسي أو الجزائري. سفير إيران في تونس رجل دين معمم وفي تونس أو مصر أو الجزائر أو السعودية لا يمكن تخيل تعيين عالم دين سفيرا بباريس أو طهران.
نحن السنة تخلينا عن مذهبنا بينما الشيعة ازدادوا تمسكا بمذهبهم. هذه هي المأساة.
* قبل أسابيع مُنع الناشط الحقوقي الجزائري المعروف أنور مالك من دخول الأراضي التونسية بسبب مذكرة صادرة في وقت الرئيس الهارب بن علي. ما تعليقك؟
ـ سمعت بذلك لكن ليس لديّ معلومات كافية عن الموضوع.
* قلت كثيرا من الكلام الجميل عن الجزائر في أكثر من مناسبة. ما هي قصتك مع الجزائر؟
ــ أحب الجزائر وأرى فيها العمود الفقري لنهضة شمال إفريقيا كله وليس المغرب العربي فقط. ولكنه حب من جانب واحد للأسف الشديد. فالنخب الجزائرية الحاكمة والمعارضة متعلقة بسي الباجي والشيخ راشد وكفى.
* يقول متتبعون داخل وخارج الجزائر أنها مستهدفة ضمن مخطط غربي شامل يرمي إلى تفتيت الوطني العربي. ما مدى دقة هذا الكلام في تقديركم؟ وهل لديكم معطيات إضافية؟
ـ رأيي الصريح أن الجزائر مستهدفة من قطر بوجه خاص ومن يقف مع قطر في مخططاتها بالمنطقة. وهذا الخطر حقيقي وجدّي ولا يجب الاستهانة به أبدا. هذه نصيحتي وأنتم أحرار وأنتم أدرى بمصلحتكم.
* تقيم في لندن منذ نحو ثلاثين سنة. ما الذي تغيّر في الهاشمي التونسي طيلة ثلاثة عقود؟
ــ عرفت سر التقدم والتخلف خلال فترة إقامتي هنا في بريطانيا. إنه العدل وحكم القانون بهما تتقدم البلدان وبغيابهما تضعف وتنهار. وهذا هو جوهر هدي المصطفى عليه الصلاة والسلام تماما.  قبل هجرتي إلى لندن عام 1987 كنت أظن تونس قلب العالم ومحوره ثم اعتدلت نظرتي للأمور. أحب لندن كثيرا وأعتبرها أفضل مدينة في العالم.
* أطلقتم تيار المحبة .. ما هي إنجازاته؟ وما أهم الأهداف التي يسعى لتجسيدها؟
ـ تيار المحبة هو تيار العريضة الشعبية سابقا. أسسته في 3 مارس 2011.. حصلت على المركز الثاني من جهة الأصوات في انتخابات 2011 والرابع في رئاسيات 2014. وحصلت على المركز الأول في سيدي بوزيد في المرتين معا. لكن تكالبت علينا حركة النهضة وحلفاؤها والنخب اليسارية المؤثرة في الإعلام والمجتمع. نحن ندافع عن العدل وحكم القانون وحقوق الفقراء والعاطلين عن العمل في العيش الكريم وهذه مهمة صعبة لكنها ممتعة وجميلة. لن نتخلى عنها بحول الله.
* ماذا عن المستقبل؟ هل يمكن أن نرى الدكتور الهاشمي الحامدي يؤدي دورا سياسيا في تونس قريبا؟ وهل تفكر في دخول السباق الانتخابي مستقبلا؟
ـ برنامجي الحالي هو أنني أنوي الترشح في الانتخابات الرئاسية لعام 2019 وأتوقع أن يشارك حزب تيار المحبة في الانتخابات البلدية والتشريعية المقبلة بحول الله. بصراحة وبدون غرور أظن أنه إذا أراد الله خيرا بتونس فسيلهم شعبها انتخاب محمد الهاشمي الحامدي لقيادة البلاد. والله أعلم فقد أكون مخطئا.
ـ عندي عتاب كبير على الجزائر لكنه ليس الختام المناسب لمثل هذه المقابلة. لذا أشكركم على المبادرة بالاتصال وأتمنى لكم ولبلادكم وشعبكم الخير والازدهار والتقدم.