مدمنون يتسحّرون على الزطلة في رمضان !

  • PDF


"أخبار اليوم" تقترب من بعضهم وترصد يومياتهم
مدمنون يتسحّرون على "الزطلة" في رمضان !
* مدمنو "الزطلة" يعيدون ضبط أجندتهم في رمضان

بات المجتمع الجزائري يعاني من آفات اجتماعية عديدة ومتعددة، ولعل الانتشار الهائل للمخدرات بأنواعها يعتبر أكبر آفة مهددة خاصة في أوساط الشباب و التي من المفترض أنها فئة تلقى عناية مركزة وأهمية كبيرة نظرا لدورها الرائد في المجتمع فهم  مستقبل البلاد· ويتساءل الكثيرون ونحن في شهر رمضان المعظم كيف يقصي هؤلاء رمضانهم وكيف يصومون ويأتون تلك المحرمات، لكن ما توصلنا إليه من خلال هذا التحقيق هو مواصلتهم السير في ذلك النفق المظلم رغم أن شهر رمضان فرصة لا تعوض لكتابة أسطر جديدة في الحياة· 

تحقيق: حموتي محمد أمين

يعتبر الشهر الفضيل حملا ثقيلا على فئة المدمنين خاصة وأنه يخلط حساباتهم ويقيّد حريتهم في تناول الجرعات المخدرة ويفرض عليهم رزنامة جديدة في تناول تلك السموم، على خلاف وقت الإفطار الذي يسخر لهم الحرية الكاملة في تناول تلك السموم في كل وقت وحين، لذلك ارتأينا أن نسلط الضوء على يوميات المدمنين في رمضان، واقتربنا من عينات حية كشفت لنا الكثير·

' أصلي وأصوم ·····ولكنني مدمن عليها"
الشاب (ا·ر) في مقتبل العمر(22  سنة) تقربنا منه لتسليط الضوء على هذه الفئة ولمعرفة كيفية قضاء ساعات الصيام حيث أجابنا: (أقضي أيام رمضان كسائر الجزائريين أصحو في الصباح أصلي الصبح وأذهب إلى العمل (بائع) كما جرت عليه العادة أصلي كامل أوقاتي بصفة عادية حتى المساء وقبل العودة  إلى المنزل أذهب مع صديق لي لاقتناء كمية من المخدرات تكفينا للسهرة بعدها أتجه للمنزل أين أنام قليلا وأمكث هناك حتى وقت الإفطار ثم بعد الإفطار مباشرة أنعزل قليلا لأتعاطى القليل من المخدرات، بعدها أخرج للسهر خارج المنزل رفقة الأصدقاء حتى يحين وقت السحور أكمل ما تبقى لي من مخدرات كي يتسنى لي الاستمرار في النسق العادي لحياتي ولا أكون عدوانيا في ساعات الصيام، بعدها أتسحر ثم أنام وهكذا تستمر الحياة ويُذكر أن هذا الشاب قد دخل عالم المخدرات في سن الـ 13 سنة رفقة العديد من أقرانه·
والغريب في هذه اللقاء الذي جمعنا به أنه أكد لنا أنه لم يحاول الإقلاع عنها مخافة التوجه إلى المشاكل (على حد قوله) مع إدراكه الجيد أنه على خطأ وأن فرصة رمضان لا تعوض لكنه قال: (أصلي وأصوم ولكني مدمن عليها)·
والمفاجآت الغريبة التي تقصيناها بعد احتكاكنا ببعض شباب الأحياء الشعبية أن بعض المدمنين يقدمون على تكسير صيامهم بالسجائر المحشوة بالمخدرات بعد تحضيرها قبيل المغرب بدقائق  ويقومون بتدخينها على مرأى الجميع شاء من شاء وكره من كره، على الرغم من مساس السلوك بحرمة الشهر الفضيل وبشعور من حولهم من الصائمين، ويحدث ذلك عبر العديد من الأحياء الشعبية العاصمية على الرغم من قداسة الشهر الذي يحرم فيه  القيام بتلك السلوكات المنافية لشيم الإسلام·

رمضان فرصة للتوبة وللمسجد دور بارز
مع دخول شهر رمضان الكريم شهر التوبة والغفران، شهر فضيل يحاول فيه كل فرد إصلاح شؤونه وأحواله وخاصة إعادة النظر في علاقته بربه، رمضان فرصة ذهبية للبدايات الجديدة خاصة وأن القلوب فيه تكون مقبلة إلى بارئها غير مدبرة، لذلك نلاحظ النشاط الكبير للأئمة في مختلف المساجد عبر التراب الوطني من خلال عقد حلقات الذكر ومسابقات في تحفيظ كتاب الله، ويا حبذا إذا كان لفئة المدمنين برامج خاصة بهم من شأنها تنمية  الوازع الديني لديهم والذي له دور كبير في تخطي عقبة الإدمان فشهر رمضان لا يعوض، فيه تهذب النفوس لتكون أرضا خصبة قابلة للتغيير إلى الأحسن ومسلحة في ذلك بقوة الإيمان فدور المسجد والإمام والمرشدين يجب أن يبرز في شهر رمضان  ووجب أن يمدوا هذه الفئة يد العون محاولين قدر الإمكان إخراجهم من النفق المظلم لحياتهم·      

سليمة عوينة: "المدمنون ضحايا وجب إنقاذهم"
أكدت لنا سليمة عوينة وهي مدربة دولية في التنمية البشرية بالمركز الكندي وعضو باحث في مركز نور للبحوث والدراسات الإسلامية، حيث كان لنا شرف عظيم بلقائها، أن مساعدة هذه الفئة هي مسؤولية الجميع خاصة أن ظاهرة المخدرات أصبحت آفة انتكس إليها العالم في السنوات الأخيرة، وثمنت دور الأسرة بصفتها نواة المجتمع في التصدي لهذه الآفة الاجتماعية الخطيرة من خلال تكوين أفراد واعين بخطورة المخدرات، وفي نفس الوقت تحصينهم منها.
ورحبت الأستاذة بفكرة الاحتواء والاهتمام بهذه الفئة التي تتعاطى المخدرات بل وأكدت وجوب ذلك بالنظر للطبيعة الحساسة التي يعاني منها هؤلاء البشر، ولكي يتمكن هذا الشاب من الخروج من عزلته يجب أن يسترد الثقة في نفسه والثقة في مجتمعه وذلك من خلال تسليط الضوء على الجوانب الإيجابية فيهم ووصفها بالرائعة ولن يتحقق ذلك إلا في حالة ما إذا لقي اهتماما وعطفا متواصلين، بعد ذلك يجب خلق جو جديد وتجنيبهم أوقات الفراغ وكذلك محاولة إخراجهم من محيطهم القديم ورفقاء السوء· وأكدت أيضا أن علاج مثل هذه الحالات لا يكون إلا بلين ورفق، وأشارت إلى ضرورة تغيير وجهة نظر المجتمع المدني إلى فئة المدمنين على أنها فئة فاشلة وعبء على مجتمعهم بل يجب النظر إليها على أساس أنها فئة تحتاج اهتماما ومتابعة من طرف جمعيات ونواد من خلال خلق نشاطات ومبادرات من شأنها جذب وشد فراغ المدمنين وإبعادهم عن ذلك العالم المشبوه·

رمضان فرصة ثمينة لقلوب لم تمت
العينة التي التقيناها أعادت إلينا الأمل قليلا وتيقنا أن أبواب التوبة والهداية لازالت مفتوحة أمام شبابنا لا سيما في شهر رمضان المعظم الذي يعد نقطة انطلاق جديدة في الحياة· حمزة هو شاب جزائري يبلغ من العمر 22 سنة أنعم الله عليه أن هداه إلى سواء الصراط بعد أن دخل عالم المخدرات متأثرا بمشاكل الحياة من جهة وتعفن المحيط من جهة أخرى، هداه الله بعدما التمس أسباب الهداية وأيقن كل اليقين أن الحياة أحسن بكثير من الحياة التي كان يعيشها وشعر بالأسى عن الوقت الذي أضاعه وعن المال الذي أهدره وعن الفرص التي ضاعت منه في الحياة غير أنه عزم ثم توكل على الله وخرج من ظلمة الليل الحالك المليء بالخمول والذنوب إلى نور الإيمان وحلاوته بتوفيق من الله، شاب شجاع عرف جيدا كيف يخلق لنفسه جوا جديدا ونمط عيش سليم فشغل نفسه بالحق ولم يترك لها فرصة صغيرة  لتشغله بالباطل ولأنه نجح يجب أن يكون عبرة للذي يريد أن يتغير·