أخبار اليوم تستطلع الآراء حول الإصلاحات التربوية

  • PDF

إلغاء امتحان الانتقال إلى المتوسط خطأ فادح

قوبلت كثير من الاقتراحات الأخيرة التي خرج بها المشاركون في المؤتمر الذي خصص لتقييم إصلاحات المنظومة التربوية باستياء كبير لدى الأسرة التربوية والتي لا تصب في مصلحة التلميذ على حد تعبيرهم وعلى رأسها تلك المتعلقة بإلغاء امتحان الانتقال من مرحلة التعليم الابتدائي إلى المتوسط.

ت. كريم

وذهب البعض لوصف المقترح نذير شؤم في الوقت الذي كان من المنتظر أن يعكف المختصون على تعزيز وسائل المراقبة المستمرة والبحث عن البدائل الناجعة التي تطبق في الدول المتقدمة.

إلغاء الامتحان يكرس العجز والخمول في التلميذ

ويرى البعض أن الاقتراح بحد ذاته يجرد التلميذ من روح المسؤولية ويكرس فيه الخمول والعجز إذ أن تربية الطفل على وسائل التقويم الحديث كالامتحانات المختلفة وعمليات الانتقاء النوعية وتدريبه على الاتكال الذاتي كلها عوامل من شأنها أن تهدف إلى الرفع من قدرة التلميذ لبناء شخصيته وتطوير مهاراته العقلية والسلوكية وأجمع الآخرون على أن الإصلاح يجب أن يندرج في إطار تطوير ملكات التلميذ وتنمية قدراته العقلية والجسدية بما يستجيب لتحديات العصر الحديث وما يخبئه المستقبل المجهول فلم يكن امتحان السنة السادسة الذي كان مطبقا في السنوات الماضية عبئا على المدرسة الوطنية بل جسرا تقويميا نوعيا يهدف إلى تحسيس التلميذ في هذه المرحلة أن الجدية في العمل يبدأ في المراحل الأولى من التعليم وتزرع فيه الأمل لمواصلة مسار دراسته على العناصر الفاعلة في الحقل التربوي كما أن المقترحات الإصلاحية المتفق عليها تبدو وكأننا نبحث في الشكليات والجوانب المحيطة بها دون البحث عن العناصر التي يمكن لها أن تساهم في تطوير المنظومة التربوية كالعمل بالتكنولوجيات الحديثة والتركيز على محاولة جعل المتمدرس منفتحا على العالم الخارجي بعقلية حضارية وبشخصية مبنية على الثوابت الوطنية وفي هذا المجال ترى الأسرة التربية على أن الإصلاحات ما تزال تدور في حلقة مفرغة وهذا لغياب رؤية مستقبلية وإستراتيجية مبنية على التخطيط الدقيق.

تطبيق اللامركزية في تسيير جوهر الإصلاح

إن معالجة النقائص المسجلة في الميدان لها عدة أسباب يمكن تشخيصها بكل سهولة والكشف عنها يمكن أن يساعد إدارة القطاع في تذليل الصعاب وتحقيق الأهداف المنشودة دون الذهاب بعيدا في الإصلاحات ولعل البعض من هذه الاقتراحات تتطلب التفكير فيها منها ما يتعلق بسلك التفتيش هذا الأخير الذي أصبح عمله إداريا محضا خال من المراقبة الفعلية لعمل الأساتذة والمربين في مختلف المستويات أولا يقتضي الأمر العمل باللامركزية في تسيير هذا السلك إذ أن العمل المركزي يغيب عن المتابعة العينية على سبيل المثال مفتشي التربية الوطنية تسند إليهم أكثر من ولاية أدناهم ولايتين أي ما يجعل مهمة تفتيش الموظفين والأساتذة مهمة شاقة تتطلب وسائل مادية معتبرة وهو ما يحرم جل الأساتذة من التفتيش والمراقبة وقد يستفيد الأستاذ من عملية تفتيش واحدة كل خمس سنوات أو ربما أكثر كما أن الأساتذة الجدد في مختلف الثانويات هم المتضررون أكثر وقليلا ما يستفيدون من عمليات التكوين المستمر ولا شك أن هذا الأمر يؤثر سلبا على الناحية التقويمية والمتابعة والحديث عن النجاعة في هذه الحالة أمر مستبعد في ظل هذه المعطيات ويتطلب الأمر التفكير في تطبيق اللامركزية في تسيير شؤون أسلاك التفتيش دون تمييز مع إعطاء صلاحيات لمديريات التربية في المراقبة والمتابعة وحتى في الأخطار والتنبيه وغيرها وإعادة الاعتبار لمصالح التكوين والتفتيش على المستوى المحلي إذ أن انفلاتهم من وصاية مديريات التربية يجعلهم أحرارا في وظيفتهم ولا يبالون بأحد هذه حقيقة يجب أن تعالج على ضوء إعادة النظر في القوانين السارية المفعول وللإشارة فإن مفتشي التربية الوطنية هم مجرد مفتشين عاديين مختصين في مرحلة التعليم الثانوي ومتحصلين على شهادة الليسانس كل في اختصاصه ولا مجال للتمييز بينهم وبين نظرائهم مفتشي المستويات الأخرى إذ أن العادة المطبقة حاليا تعطي لمفتش التربية الوطنية صبغة فوق العادة وهذا ما يجافي العقل والمنطق لذا فإن تطبيق اللامركزية في التسيير هو جوهر الإصلاح لتمكين إدارة القطاع المحلي المتابعة القريبة لعمل هؤلاء الموظفين المنتمين لسلك التفتيش.

يجب معالجة المضامين بما يتماشى والعصر

وأما ما يتعلق بالمناهج فلعل الإقدام على التخفيف من جهة وإعادة ترتيب الحصص التربوية المقررات الرسمية تبقى ثانوية في نظر المختصين فالأهم هو معالجة المضامين التي تتماشى مع متطلبات العصر الحديث والتي تساعد التلميذ على إدراكه لمختلف العمليات التطورية التي تحيط به في حياته اليومية كإدراكه لما يعايشه من متغيرات لها علاقة بالعصرنة والحداثة وغيرها فالطريقة الجديدة التي سميت التدريس بالمقاربة حتى وإن سلّمنا أن لها جوانب إيجابية إلا أنها طريقة شكلية وقديمة في المضمون فتقريب التلميذ من الواقع ليس جديدا لا في الحقل التربوي ولا المهني ولا التعلمي إذ أن الأمر لا يعدو أن يكون تجديدا في المسميات ليس إلا ولا شك أن العودة إلى القاعدة وتوظيف الخبرات السابقة والتركيز على الاستثمار في العنصر البشري هو البداية للإصلاح أما تجاهل هذا الأمر يعد بمثابة الاستمرار في الرداءة.