الرفض والتهميش مصير المغتصبة في المجتمع الجزائري

  • PDF

أخبار اليوم تكسر حاجز الصمت وتتخطى الطابوهات
الرفض والتهميش مصير المغتصبة في المجتمع الجزائري

ينظر المجتمع الجزائري إلى المرأة المغتصبة نظرة ازدراء واشمئزاز وكأنها مسؤولة عما وقع لها مع أنها مظلومة ومغلوبة على أمرها فأقاربها يتمنون لها في كثير من الأحيان الموت حتى يغسل ويدفن عارها معها لأن الاغتصاب يعتبر جريمة من جرائم الشرف باعتبار أن شرف العائلة يكون في عذرية المرأة لا غير ذلك فلقب المغتصبة يبقى يطاردها أينما حلت رغم مضي السنين.
عتيقة مغوفل

حاولنا أن نكسر حاجز الصمت وندخل عالم المرأة المغتصبة ولم يكن من السهل التقرب من هذه الفئة في المجتمع الجزائري لأنها فئة تحب التزام الصمت والهروب دوما لذلك قصدنا الأستاذة المحامية(صارة هلالي)حتى نتمكن من التقرب أكثر من هذه الفئة الاجتماعية والتي حددت لنا بدورها موعدا مع الآنسة(غنية.ج)التي تبلغ من العمر 37 سنة تعرضت للاغتصاب وهي في ربيعها الـ 18.

...استغل غياب أهلها عن المنزل فاغتصبها
في بداية الأمر ترددت (غنية) كثيرا ولم ترغب في الحديث إلينا فقد أحست بالخجل والعار منا لكن تدريجيا بدأت في الحديث ورواية قصتها فقد تعرضت للاغتصاب من طرف ابن الجيران الذي اغتنم فرصة تواجدها بمفردها في المنزل الواقع بمنطقة بوهارون ولاية تيبازة فقد ذهب أهلها إلى عرس ابنة عمتها وهي بقية وحدها في البيت لأنها كانت تحضر لامتحانات شهادة البكالوريا ولم تتمكن من الذهاب إلى الزفاف فقالت (في حدود الثانية زوالا وبعد أن تغذيت جلست أراجع مادة الأدب العربي وإذا بي سمعت بعض الحركة بفناء المنزل في البداية ظننت أنها تهيؤات من نسج خيالي ولكن سرعان ما رأيت ابن الجيران يدخل إلى المنزل من شرفة المطبخ هلعت لما رأيته وظننت أنه هارب من أحدهم فسألته ما بك ما خطبك؟ لكنه تهجم عليا بقوة حاولت أن أدافع عن نفسي لكنني لم أستطع فقد كان قوي البنية وتمكن من النيل من شرفي وبعد أن أتم فعلته الدنيئة لاذ بالفرار فاتصلت فورا بأهلي الذين أصيبوا بصدمة كبير لحظة تلقيهم الخبر وفور وصولهم إلى المنزل بحث والدي عن المغتصب وتحدث إلى أهله فتحججت أمه أنني كنت على علاقة غرامية بابنهم وأني من قمت بإغوائه ولكن اضطر والدي لغلق الموضوع ولم يقم بإبلاغ مصالح الأمن حتى لا يشيع الخبر بين الناس ورغم أنني الضحية إلا أن والدي لم يتقبل ما حصل لي فطلب مني أن أغادر المنزل وأن أذهب للعيش مع جدتي بولاية البويرة حتى يتمكن من تجاوز الصدمة وينسى ما حل بي لأن شرف العائلة قد أهين فوافقته على قراره وبعد سنة من الحادثة عدت إلى البيت وبقيت الشابة الخجولة دوما معزولة عن الجميع إلى أن تمكنت من تجاوز المحنة شيئا فشيئا سألناها ماذا حل بالفاعل فأجابت (لم نشاهده لمدة سنتين ثم عاد وظهر مجددا لكن أهلي لم يريدوا أن يتخذوا ضده أي إجراء حتى لا يحيوا القصة والفضيحة مجددا).

زوج أختها من قضى على شرفها
تركنا الآنسة(غنية) وربطنا بعدها اتصالا هاتفيا بالشابة(هدى) التي تبلغ من العمر19 سنة من ولاية المدية والتي تعرضت للاغتصاب من طرف زوج أختها في بداية الأمر امتنعت هدى عن الكلام حالها حال سابقتها غنية نظرا لحساسية الموضوع ولكن ومع إصرارنا قبلت الرد على المكالمة والحديث معنا فقالت (تعرضت للاغتصاب منذ سنتين كان عمري حينها 17عاما أنجبت أختي ابنها (عبدالرؤوف) وبعد أن خرجت من العيادة طلبت مني أمي أن اذهب لبيتها حتى أبقى معها فترة النفاس وبعض مرور15 يوما عن ولادتها مرض ابنها فاضطرت لأخذه للطبيب رفقة زوجها إلا أنها نسيت رضاعته بالمنزل فعاد زوجها إلى البيت بحثا عن الرضاعة وبما أنني كنت بمفردي تسنت له الفرصة للاغتصاب تكتمت عن الأمر وحملت نفسي وعدت إلى بيت أهلي ولكن بعد مرور أسبوع عن الحادثة لاحظت أمي الشرود الذي كنت فيه ومع إلحاحها صرحت لها بما جرى معي صدمت لما عرفت فأخبرت والدي الذي قام فورا بإبلاغ الشرطة بما جرى التي قامت بالقبض عليه ومن تمت تقديمه للمحاكمة التي نتج عنها الحكم عليه بـ8سنوات سجنا كما قام بتطليق أختي بناء على رغبتها إلا أن أخي الأكبر أقسم يمينا أنه سيقتله بعد خروجه من السجن). 

مشاكل كثيرة تصيب المغتصبة بعد الحادثة
ولمعرفة كيف تكون نفسية المرأة المغتصبة لنتمكن من الغوص في غمار الموضوع أكثر ربطت (أخبار اليوم اتصالا هاتفيا بالسيدة(نادية كلاصي) مختصة في علم النفس التي شرحت لنا أن المرأة المغتصبة تتعرض لمواجهة عنيفة من طرف شخص أو أكثر ترى في أعينهم الرغبة الحيوانية الجامحة فتقع في أيديهم وتكون فاقدة للقدرة الدفاعية خصوصا إذا هددت بالسلاح أو كبلت بقيود وبعد وقوع جريمة الاغتصاب تصاب بحالة من الشرود التشويش والذهول ومنهن من لا تستطيع الكلام ويصدر عنها كلمات متقطعة وعندما تهدأ يزاولها شعور بالخجل والعار الإهانة والقلق تكون في حالة هدوء ثم تنتابها نوبات غضب مما يؤدي بالكثير منهن إلى الانتحار.
وهناك فئة أخرى من النساء المغتصبات ممن تصبح تنظر إلى كل من حولها بالشك وتلوم نفسها أحيانا أخرى على أنها السبب في الحادثة ونتيجة لكل هذه الاضطرابات تصاب المغتصبة بما يسمى كرب ما بعد الحادثة حيث تعاود صورة الحادثة في أحلام اليقظة بإلحاح في أحلام النوم ومن مضاعفات الحالة أيضا إصابة المغتصبة بهوس النظافة فتصبح كثيرة الاستحمام اعتقادا منها أنها تطهر نفسها من آثار الاعتداء الممارس عليها.
بالإضافة إلى هذا فإن حادثة الاغتصاب تؤثر على رأي المغتصبة للجنس الآخر فقد ترى الرجل كأنه حيوان يريد افتراس جسدها وتعتبر العلاقة الجنسية أنها علاقة حيوانية وقد يؤثر هذا على قرارها في الزواج فترفض خوفا من العلاقة الجنسية التي عايشتها في صورة عنيفة خاطئة وإذا تزوجت فإنها تواجه مشكلات في علاقتها مع زوجها لنفس السبب. 

للقانون رأي آخر في جريمة الاغتصاب
أما المشرع الجزائري فقد وضع قوانين صارمة تعاقب على جريمة الاغتصاب وكل أنواع الاعتداءات الجنسية الأخرى وهو الأمر الذي أوضحته لنا الأستاذة المحامية (صارة هلالي) وذلك من خلال المادتين335 و 336 فالمادة 335 تنص على(يعاقب بالحبس المؤقت من 5 إلى 10 سنوات كل من ارتكب فعلا مخلا بالحياء ضد إنسان ذكر أو أنثى بغير عنف أو شرع فيه وإذا وقعت الجريمة على قاصر لم يكمل 16 سنة يعاقب بالسجن من 10 إلى 20سنة) أما المادة 336 فتنص على (كل من ارتكب جناية هتك العرض يعاقب بالسجن المؤقت من 5 إلى 10 سنوات وإذا وقع هتك العرض على قاصر لم تكمل 16 سنة تصبح العقوبة من 10إلى 20سنة).