جزائريات يعشن واقعا مريرا ويحلمن بغد أفضل

الثلاثاء, 08 مارس 2016

أخبار اليوم تقترب من بعض النسوة في عيدهن:
جزائريات يعشن واقعا مريرا ويحلمن بغد أفضل

تعتبر المرأة نصف المجتمع والرجل نصفه الثاني في حين هناك من يعتبرها المجتمع كله وذلك بالنظر إلى كل ما تقدمه من مجهودات للأشخاص من حولها ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقط بل تعداه إلى أن أصبحت المرأة تشغل مناصب هامة بعد نضالات سياسية كبيرة وخصص لها يوم للاحتفال يصادف 8 مارس من كل سنة إلا أن هذا اليوم يعود في كل سنة على الجزائريات ليجدهن في أحوال مختلفة بين من تعاني الأمرين في حياتها ومن تمكنت من تحقيق التفوق والنجاح على كامل الأصعدة. 
     
عتيقة مغوفل

كثير من الناس يجهلون الخلفية الحقيقية التي بدأ من خلالها الاحتفال بعيد المرأة إلا أن السبب الحقيقي يعود لسنة  1856 أين خرجت آلاف النساء إلى شوارع مدينة نيويورك الأمريكية  للاحتجاج على الظروف اللاإنسانية التي كن يجبرن على العمل تحتها ورغم أن الشرطة تدخلت بطريقة وحشية لتفريق المتظاهرات إلا أن المسيرة نجحت في دفع المسؤولين والسياسيين إلى طرح مشكلة المرأة العاملة.
وفي يوم 8 مارس 1908م عادت الآلاف من عاملات النسيج للتظاهر من جديد في شوارع مدينة نيويورك لكنهنَ حملنَ هذه المرة قطعا من الخبز اليابس وباقات من الورود في خطوة رمزية لها دلالاتها واخترنَ لحركتهنَ الاحتجاجية تلك شعار (خبز وورود) وقد طالبت النساء في هذه المسيرة بتخفيض ساعات العمل ووقف تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الاقتراع وقد شكلت مظاهرات الخبز والورود بداية تشكل حركة نسوية متحمسة داخل الولايات المتحدة خصوصا بعد انضمام نساء من الطبقة المتوسطة إلى موجة المطالبة بالمساواة والإنصاف رفعن شعارات تطالب بالحقوق السياسية وعلى رأسها الحق في الانتخاب وبدأ الاحتفال بـ8 من مارس كيوم للمرأة الأمريكية تخليدا لخروج مظاهرات نيويورك سنة 1909 وقد ساهمت النساء الأمريكيات في دفع الدول الأوربية إلى تخصيص الثامن من مارس كيوم للمرأة وقد تبنى اقتراح الوفد الأمريكي بتخصيص يوم واحد في السنة للاحتفال بالمرأة على الصعيد العالمي بعد نجاح التجربة داخل الولايات المتحدة.
غير أن تخصيص يوم الثامن من مارس كعيد عالمي للمرأة لم يتم إلا سنوات طويلة بعد ذلك لأن منظمة الأمم المتحدة لم توافق على تبني تلك المناسبة سوى سنة 1977 عندما أصدرت المنظمة الدولية قرارا يدعو دول العالم إلى اعتماد أي يوم من السنة يختارونه للاحتفال بالمرأة فقررت غالبية الدول اختيار 8 مارس وتحول بالتالي ذلك اليوم إلى رمز لنضال المرأة تخرج فيه الملايين من  النساء عبر العالم في مظاهرات للمطالبة بحقوقهن ومطالبهن.

طلقها بعد عشرة نصف قرن
حاولت (أخبار اليوم) الوقوف على وضع المرأة الجزائرية عشية الاحتفال بعيدها العالمي إلا أن الوضع يختلف من واحدة لأخرى ومن بين النساء اللائي قابلناهن والتي أثرت قصتها فينا كثيرا السيدة (زهور) التي تبلغ من العمر 69 سنة هذه الأخيرة متزوجة منذ قرابة 52 سنة وقد رزقها الله بسبعة أبناء زوجت 5 منهم وهي اليوم جدة لـ9 أحفاد هاته الأخيرة عاشت مع زوجها على الحلوة والمرة فقد كان يعمل في الماضي في ميناء الجزائر العاصمة كما أنه كان إبان الثورة التحريرية مجاهدا لذلك هو الآن يعيش من تقاعده بالإضافة إلى منحة المجاهدين وهو الأمر الذي جعل هذا الزوج ميسور الحال إلا أنه على ما يبدو أن تقدم السن جعله يعيش مرحلة مراهقة متأخرة فهذا الأخير وحسب السيدة زهور كان يهتم بأناقته كثيرا وكان يخال نفسه أنه مازال شابا وفي أحد الأيام اتصل بابنته الكبرى وطلب منها القدوم إلى البيت من أجل أمر مستعجل يحتاجها فيه ليطلب  هذا الأخير من ابنته أن تزوجه على سنة الله ورسوله لأن والدتها كبرت وأصبحت لاتؤدي واجباتها الزوجية نحوه وهو ما يزال مفعما بالحيوية قرار الأب هذا أدخل الأبناء في حيرة من أمرهم وقد حاولوا منعه إلا أنه بقي مصمما على قراره وهو الأمر الذي لم تحتمله السيدة (زهور) فطلبت من زوجها أن يطلقها لأنها لن تقبل أن يكون لها ضرة وهي في ذلك السن وقد وافق الزوج وبكل بساطة على تطليق زوجته وأم عياله بعد عشرة دامت 52 سنة وقد حاول أحد الأبناء أن يقنع الوالد بالعدول عن  قراره إلا أنه طرده من البيت بحجة أن وجوده سيزعج زوجته الجديدة.    

ارتبطت بشيخ في الثمانين هروبا من واقعها
وعلى ما يبدو أن النساء اللائي جار عليهنَ الزمن كثيرات  في بلادنا ومن بينهنَ السيدة (الجوهر) التي تبلغ من العمر 49 سنة والتي تنحدر من إحدى الولايات الداخلية للوطن قبلت أن ترتبط بزوج يبلغ من العمر 83 سنة بعدما توفيت زوجته روت لنا قصتها فقالت إنها كانت تعيش وسط أسرة فقيرة جدا رفقة أمها وأختها وشقيقها المجنون وقد كان الشقيق المريض يقوم بضربهن حتى يتدخل الجيران من أجل فكهم منه إلى أن جاءها الفرج وتقدمت ابنة الشيخ الهرم لخطبتها حتى تكون له زوجة لأنه في هذا السن يحتاج امرأة تخدمه خصوصا وأنه كان مريضا للغاية وما جعل(الجوهر) تقبل هو الهروب من واقعها العائلي المرير كما أنها فكرت مليا في موضوع الزواج لأنها وجدت فيه ضمانا لمستقبلها في حال وفاة الزوج الطاعن في السن فإن منحة تقاعده ستعود لها بالإضافة إلى ذلك سيكون لها نصيب في شقة في العاصمة وفيلا في بجاية.

وفاء حققت أحلامها بمساندة زوجها
ولكن ومن جهة أخرى رغم أن المضطهدات كثيرات إلا أن هناك جزائريات ابتسم لهنَ الحظ واستطعنَ أن يعشنَ في السعادة التي تحلم بها الكثيرات ومن بين هذه النسوة السيدة(وفاء) التي تبلغ من العمر 39 سنة متزوجة منذ 14 سنة من السيد(حليم) الذي يحبها حد الموت واستطاع أن يحقق لها الكثير من الأماني التي كانت تريدها وهي صغيرة والجدير بالذكر أن السيدة(وفاء) لم تكمل تعليمها وغادرت مقاعد الدراسة وهي في سن مبكرة إلا أنها كانت تحب الخياطة كثيرا فعندما كانت صغيرة في السن كانت تهوى خياطة ملابس دماها ولكن ظروف والدها آنذاك لم تسمح لها أن تكون خياطة محترفة ومشهورة وهو الأمر الذي حفز زوجها على أن يحقق لها حلم حياتها حيث قام هذا الأخير بتسجيلها في أحد مراكز التكوين المتواصل من أجل أن تتعلم مهنة الخياطة وبعد أن تخرجت طلب قرضا من المؤسسة التي يعمل بها وقام بفتح ورشة خياطة لها وساعدها خطوة خطوة حتى تحقق حلم حياتها وتصبح خياطة مشهورة وأصبح لها زبائن كثر جلهم من العرائس والمقبلات على الزواج.                
--------
8 مارس.. كيف عدت يا عيد؟
يتكرر الاحتفال بالعيد العالمي للمرأة في جميع أقطاب العالم وفي الجزائر أيضا بحيث يمنح يوم للمرأة ليس كسائر الأيام لكن تتكرر أيضا معه صور الظلم والعنف الذي تتجرعه النسوة على المستوى المحلي والعالمي فالمرأة ذلك الكائن القوي (المستضعف) بفعل الفاعلين يبقى يعاني الأمرين على جميع المستويات ما نراه من هضم للحقوق من طرف البعض الذين ابتغوا استعباد النسوة وغابت عنهم صحوة الضمير فأرادوا تبيين فتيل عضلاتهم ضد النسوة ما يظهر من تعرضهن إلى الظلم والعنف في كل مكان في الشارع في مكان العمل وحتى في المحيط الأسري الذي لم يعد آمنا على المرأة وأمام كل تلك الظروف من الواجب أن لا يكون يوم 8 مارس يوما للتصفيق والرقص والغناء ومختلف المناظر التي قد تنحرف أحيانا إلى مناظر مخزية عبر بعض الفضاءات المشبوهة بل من الواجب أن يكون يوما لإعادة الحسابات والأخذ بيد كل امرأة (جريحة) سواء كانت أما بنتا زوجة   أرملة عجوزا يتيمة معاقة ... دون أن ننسى هؤلاء النسوة اللواتي يعانين من ويلات الحروب في فلسطين أو هؤلاء اللواتي يتقاذفن هنا وهناك وفلتن بجلدهن من الحروب والدمار كالنسوة السوريات فهؤلاء يستحقن ألف تحية على صمودهن. 
نسيمة خباجة