امرأة شجاعة في الزمن الصعب

  • PDF




بقلم: حمزة منصور


الشجاعة قيمة عليا تعتبر من أبرز مفاخر العرب في الجاهلية وحين جاء الإسلام أبقى على هذه القيمة وعلى سائر القيم السامية بعد أن هذّبها وجعل لها ضوابط تضمن لها أن تكون في سبيل الله وفي مواجهة المعتدي فقط. والشّجاعة اليوم افتقدناها لدى كثير من المسؤولين في الوطن العربي في ظلّ الشّعور بالعجز والعوز فالّذي يمد يده للمانحين لا يستطيع أن يقول لهم لا والّذين خبا في وجدانهم الشعور بأنّ الموت والحياة بيد الله وأنّه بأجل مسمّى لا يتقدّم ولا يتأخّر رأوا في أصحاب القوة قدرا لا سبيل إلى مقاومته.
في هذه الأجواء من السّلبيّة والغثائيّة تطلع علينا سيّدة أردنيّة تبوأت موقعا متقدما في الأمم المتحدة لتقول: لا لمنصب أتناقض فيه مع ضميري وقناعتي. إنها الدّكتورة ريما خلف الوزيرة ونائبة رئيس الوزراء في حكومات أردنية سابقة والّتي تبوّأت منصب مديرة اللجنة الاقتصاديّة والإجتماعيّة لغرب آسيا (الاسكوا). وهو منصب ترنو إليه عيون الكثيرين ولكنّها حين وجدت نفسها بين خيارين: سحب التّقرير الذي أعدّته(الاسكوا) والذي أدان دولة الاغتصاب الصهيوني ووصفها بأنها نظام فصل عنصري( ابارتايد) بحقّ الشّعب الفلسطينيّ بضغط من الولايات المتّحدة الأمريكيّة والكيان الصّهيونيّ على الأمين العام للأمم المتحدة الذي استجاب بدوره لهذا الضغط أو الاستقالة من موقعها الوظيفي فاختارت الاستقالة التي أعلنتها في مؤتمر صحفي عقدته في 17/3/2017 وعلى الرّغم مما اتّسمت به صيغة الاستقالة من التّهذيب والكياسة إلا أنّها جاءت مفعمة بالشّعور بالعزّة والكبرياء حيث ختمت استقالتها الموجهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بقولها غير أنّي أدرك أيضا أنّ التّعليمات الواضحة للأمين العام للامم المتحدة لابدّ من أن تنفّذ ولذلك فإنّ هذه العقدة لا تحلّ إلا بأن أتنحنى جانبا وأترك لغيري أن يقوم بما يمنعني ضميري من القيام به.
فتحيّة لهذه المرأة الشجاعة التي أرسلت رسالة قويّة للنّظام الرّسميّ العربيّ فضلا عن الأمين العام للأمم المتّحدة مفادها أن الرّضوخ للمشيئة الأمريكيّة التي هي صدى للمطالب الصهيونيّة ستكون نتائجه كارثيّة على الوطن العربي.