اللشمينيوز هل هو داء الفقراء فقط؟!

الثلاثاء, 05 ديسمبر 2017


بقلم : جمال نصرالله*
في الدول المتقدمة حينما تحارب الجهات المختصة أي نوع من الداء أو الظواهر المُعيبة اجتماعيا وإنسانيا.... تتوجه مباشرة إلى الأسباب الجذرية الباطنية بنية القضاء على قوائمها وأحيائها.ووصل بهم الأمر إلى حد عدم الحكم بالإعدام على المجرم مباشرة.بل جلب مجموعة من المختصين والخبراء لدراسة الدوافع النفسية والروحية وكذا الثقافية الاجتماعية التي كانت وراء الشخص لفعلته هذه؟!
وقد تم  نهج والعمل بنفس الطرائق مع عدد من الأمراض المستعصية.في زمن مازالت البحوث جارية حتى يرت الله الأرض ومن عليها..أما الأمر في دول العالم الثالث ممن توصف بالأكثر تخلفا وفقرا وحرمانا.فإن الأمور تختلف تماما عن الأولى.بحكم وجود تفاوت طبقي ملحوظ وظاهرة للعيان في الحياة اليومية  حيث احتكار البارونات والسماسرة وتجار الأزمات يبيّن لك حجم المآسي التي تلحق تباعا وتنتج وتطفو على السطح.
فهناك رق واستعباد دون تسميته بتسمياته الحقيقية ...هناك عمالة للأطفال وتحرش جنسي.وعنف مدرسي وآخر في الملاعب وفي الادارات والأسواق العامة.وضد المرأة وفي المنزل ...ولاتكاد هذه الظواهر تخلو من مكان معين إلا من رحم ربك .بسبب رواسب وصدمات لازالت نابضة المفعول وحية بل متجذرة تعمل كالآلة بكل حرية  دون رادع يُذكر.
الأوربيون ممن نُكن لهم تحيات الإجلال والإحترام بحجة عقلانيتهم وإعمالهم لكثير من العلوم والمعارف.مرت مجتمعاتهم بنفس حجم مشاكلنا وربما أكثر.لكن بصيغ وألوان وأنواع أخرى...لكنهم عالجوها قبل أن يفكونها ويضعونها على طاولة التشريح والتشخيص.ثم البحث عن أنجع السبل للقضاءعلى خاطرها... ويكمن الفرق بين العالمين أي هم ونحن في حجم الإهتمام والتفكير ليس إلا؟! ودون الدخوا في إستهلال مطوّل فأمامنا في الجزائر ظاهرة ليست بدخيلة اللحظة فلطالما عانى من ويلاتها المجتمع بمختلف شرائحهلسنين عدة....ـ إنها ظاهرة اللشمينوز ـ .والتي لا يمكن البتة وصفها بالمرض لأنها ليست وليدة الطبيعة ولا المناخ  ولا الحيوان بشكل مباشر..وإنما هي وليدة الإنسان نفسه. يوم يعجز عن نفض الغبار من حوله..لأنها عبارة عن طفيل تنقله  نوع حشرة الناموس المسماة الفليبوتوم من الأماكن القذرة خاصة تلك المتواجدة صوب قنوات الصرف الصحي.وأخطرها(كلا آزار)ونقول بهذا الأمر لأن الإنسان وحده من هو أولى بتنقية وتنظيف بيئته.بل إبعاد كل المخاطر عن محيطة إذ توفرت لديه ثقافة بيئية ومعرفة دقيقة 


بأبسط الأمور المتعلق بالصحة. تقول التقارير الصحية بأن عددالمصابين بهذا الداء الجلدي الخطير يعد بالآلاف حتى لانقول بالملايين...وأغلب المصابين به يمكن تحديد جغرافية إقامتهم حيث لايبعدون كثيرا سواء عن مزابل أو جسور أو أكواخ وأودية..وتعمل السلطات المحلية في غالب الأحايين على رش هذه الأماكن مرة واحدة في السنة وهي في شهر ماي تقريبا بحجة القضاء على تكاثر الناموس وهو الشهر الذي تبيض  فيه هذه الحشرة....لكن الأصل هو أن  لهذه الحشرة عشرات الأنواع وكان الأجدر هو تهيئة وتنقية الأماكن التي يجدها ملجأ للتواجد والتكاثر ولييس تركها والإبقاء عليها ثم محاربة مايصدر منها بطرق دراماتيكية وعشوائية...الإنسان وحده هوالمسؤول عن العيش داخل فضاءات محصنة وآمنة ومحاطة بكل أنواع السلامة الصحية.فإن عجز بإمكانياته المحدودة لدأ إلى الهيئات العمومية أو الجمعيات فوجد ضالته بها ...لكن للأسف هذا التواصل مفقود في أحياء وأرياف وقرانا الجزائرية بسبب منظومة تائهة من السياسات الآنية والمؤقتة والتي لا ينجو منها إلا من هو أقوى ماديا ومجهزا بأحدث التقنيات البيئية.كالإقامة في السواحل المحروسة والفيلات المحاطة بالورود والمزروعات المستوردة. وهذا مايعيدنا للحديث عن التفاوت الطبقي الذي قتل أغلب الجزائريين وجعلهم فرائس سهلة ليس فقط للأمراض القديمة والحديثة.... بل لليأس والقنوط  الحياتي كذلك.؟!
شاعر وصحفي جزائري*
هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته