الدب الأمريكي وتابعه !!

  • PDF

بقلم: خيري منصور*
هل كان ترمب اشبه بالدب الذي القى حجرًا على رأس تابعه وليس صاحبه هذه المرة عندما شهر توقيعه كالعورة على كل الشاشات؟ فهو بقدر ما حاول استرضاء اسرائيل واللوبي اليهودي في بلاده اثار استنكار العالم كله لهذا لم يكن الصديق العاقل لإسرائيل لأنه فتح صندوق بندورا المليء بالشرور او كيس الافاعي في غرفة نومه في البيت الابيض ! واذا كان نتنياهو استخفه الطرب ورقص على قرار ترمب فذلك لأن السكرة لديه طردت الفكرة ولم ير ابعد من انفه وهو يتفلطح على الشاشة كي يتأكد من توقيع الرئيس .
كانت القضية الفلسطينية قبيل هذا القرار مسجاة في غرفة الانعاش بانتظار ما يجود به الكرام او من تبقوا على قيد آدميتهم وعروبتهم من كلوجوز وجاء القرار اشبه بصدمة كهربائية اعادت النبض الى القلب وما لم يكن متوقعا من اوروبا وآسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية على هذا النحو المفعم بالعنفوان حوله التوقيع الاخرق والاستعراض الى واقع بحيث اعاد ترمب الى الذاكرة الامريكية فوبيا الحرب الفيتنامية التي عولمت كراهية امريكا من خلال الصورة كما قال ماك لوهان .
وكان اول من استخدم مصطلح العولمة بالمعنى الايجابي وليس بمعنى الامركة التي عبر عنها روزفلت في خطاب شهير بقوله ان قدر امريكا هو ان تؤمرك هذا الكوكب واذا كانت هناك ادوية يحظر الاطباء استخدامها لان اعراضها الجانبية اشد ضررا من المرض والتي تضاعف منه فالدواء الذي تجرع نتنياهو ملعقة منه بعد خلطها بالعسل الامريكي هو من هذا الطراز ومن كان محايدا ازاء القضية الفلسطينية تخلى عن حياده لصالحها ووجد ترمب نفسه وحيدا مقابل ما يصدر في القارات الخمس من شجب لسياسته وقراره الاشبه بانتحار اخلاقي وسياسي .
وقد يذهب بنا الخيال بعيدا ونتصور ان مثل هذا القرار مضاد لاسرائيل التي تحولت الى عبء اخلاقي وسياسي واقتصادي على الولايات المتحدة رغم ان الولايات المتحدة لم تكن شريكة في الهولوكوست بأنْ يجري ابتزازها كما حدث لاوروبا بل كانت ضد النازية في الحرب العالمية الثانية ووقفت الى جانب اوروبا ضد النازية  . لكن مثل هذا الخيال يبدو جامحا لأنه يفترض بأن صاحب التوقيع يفكر ولو دقيقة واحدة قبل اقتراف هذه الجريمة .
ومن لا يؤتمن على عذابات الشعوب ودماء الاطفال لن يؤتمن على مفتاح الحقيبة النووية لكن الامر متروك لناخبيه الذين سيحرمونه من ولاية ثانية!