2018 عام آخر من الجحيم

  • PDF


وليل كموج البحر أرخى سدوله 
                                 عليّ بأنواع الهموم ليبتلـــــي
فقلت له لمّا تمطّى بصلبــــه 
                                    وأردف إعجازاً وناء بكلكــــلي
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي
                                  بصبح وما الإصباح منك بأمثــــل
امرؤ القيس


لا تتفاءل فمن المتوقع أن يكون عام 2018 أصعب من أعوام الجحيم التي افتتحها بوعزيزي بحرق نفسه هذا ما يتحدث عنه تقرير مجلس الاستخبارات الوطني الأمريكي وهو مؤسسة حكومية تقدم تقريراً كل أربع سنوات عن أبرز التطورات الاقتصادية والسياسية والمجتمعية التي ستحدث على الأغلب في الخمس سنوات القادمة ثم لفترة أطول تصل إلى عقدين.
ستستمر الأمة العربية في هبوطها الحرّ المدوي وسيكون العنوان هذه المرة أسعار نفط منخفضة ستسبب نتائج كارثية للأمة العربية ولن تدفع دول الخليج وحدها الثمن وإنما ستتأثر دول أخرى تعتمد في اقتصادها على أموال الخليج التي ستنضب ما قد يؤدي إلى اضطرابات سياسية نتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة فالربيع العربي لم يتوقف وهنالك دول أخرى مرشحة قد يحرقها هذا الربيع.
ستستمر حروب الوكالة وسيزداد التوتر ما بين الدول العربية ومع إيران وسيستمر حكم النخب السياسية والاستبدادية المنفصلة عن شعوبها وسيستمر غياب العدالة الاجتماعية واحترام الشعوب وستتضاءل فرص العمل للشباب ما سيزيد من التطرف.
في مقابل التطرف سيقوى التيار العلماني مما قد يأخذ منحىً عنيفاً لا سيما في الدول التي تشهد حروبا أهلية وفي ضوء ضعف الحكومات المركزية ستلعب العشائر دوراً أكبر لا سيما في سوريا وليبيا.
ستبقى القضية الفلسطينية رسميا في طيّ النسيان مغيّبة عن الأخبار ولكن على الوجه الآخر ستبقى القضية في وجدان الشعوب ف 80 من الشعوب العربية تعتبر أن القضية الفلسطينية تخص جميع العرب حسب استطلاع أجراه المركز العربي عام 2011 وهذا ما شاهدناه وعشناه حين عزم ترامب على نقل سفارة بلاده إلى القدس واعترف بها عاصمة موحدة للكيان الصهيوني وسيزيد عدد اللاجئين في فلسطين وفي غزة ستكون الأوضاع أصعب فهي بحاجة إلى أربعة مليار من الدولارات حتى تنتعش وهذا رقم من الصعب توفيره ناهيك عن إيصاله.
في اليمن ?? من الشعب بلا مياه نظيفة مما سيفاقم الكارثة الإنسانية هناك وفي الأردن سنشهد أزمة مياه نتيجة الضخ الإضافي للمياه الجوفية لتوفير المياه للاجئين والسرقة الجائرة للمياه لحساب مشاريع تدار في الخفاء وحتى مصر ستبدأ بمواجهة تحديات مائية بعد سد النهضة.
سيظهر جيل لم يتلقَ أي تعليم نشأ وخرج من رحم الحروب الأهلية سيكون جيلا غاية في العنف يقتل على الهوية ويدعم التطرف والإرهاب والتحرش في مقابل ذلك ستزداد هجرة العقول إلى الغرب.
سيقوي الوجود الروسي في المنطقة وهنالك دول مرشحة للتحالف معها على رأسها مصر والعراق وستشهد الأعوام القادمة بداية وجود صيني أيضا.
وبعيدا عن القتل والفشل العربي يتحدث التقرير عن نمو اقتصادي عالمي وعدالة بين دول العالم المتقدم وزيادة الطبقة الوسطى مما سيسبب زيادة كبيرة في استهلاك الطعام والطاقة.
مقابل هذا السيناريو الكئيب هنالك سيناريو آخر قد لا يقل كآبة بالنسبة لنا ولكنه قد يساعد المنطقة وهو زيادة أسعار النفط ففي هذا السيناريو سينخفض التوتر في المنطقة خاصة مع إيران وستبدأ المنطقة بالاستقرار وقد تتوقف حروب الوكالة.
حتى نخرج من هذا الكابوس لا مفر من حوار حقيقي بين الدول الكبرى في المنطقة وتنمية اقتصادية تتماشى مع المعايير الثقافية والدينية في المنطقة فكما هي المشاكل معروفة فالحلول أيضا معروفة.