قطيعة معرفية!!

  • PDF


بقلم: خيري منصور
كتب العديد من العرب المتخصصين في علم الاجتماع بدءا من د . علي الوردي ود . حامد عمار وسيد ياسين وغيرهم عن افرازات المجتمع الاقرب الى التجمع السكاني منه الى المجتمع تبعا لتعريفه الدقيق ومنها ما اطلقوا عليه الشخصية الفهلوية او الوصولية اضافة الى السادية والماسوشية لكن العرب لا يعبأون بمثل هذه الافكار والانشطة الذهنية والقليل جدا منهم سمع بهؤلاء وامثالهم لهذا تنامت وتفاقمت الظواهر السلبية في الواقع العربي وتحالف التربوي مع الثقافي والسياسي ضد الانسان الذي لم يعد ذلك المجهول كما سماه كارلايل فالانسان الان له تعريف آخر غير الحيوان الثديي او الحيوان السياسي كما قال ارسطو او الحيوان الناطق والضاحك كما قال آخرون!.
الانسان الان بمعناه الحضاري والاخلاقي لا التطوري اصبح نادر الوجود وبحاجة الى محميات تحصّن وجوده وتحول دون انقراضه وقد نجحت الرأسمالية المتوحشة والببغاوات التي تردد صدى ما تقول في اعادة هذا الادمي قرونا الى الوراء بحيث اصبح صغيرا او بحجم ترانزستور كما قال ولهالم رايش في كتابه رسائل الى الانسان الصغير وفقد ابعاده كلها ولم يبق له سوى بعد واحد هو البعد الاستهلاكي او الامتصاصي الذي تحدث عنه هربرت ماركيوز الذي كان احد المحرضين لثورة مايو 1968 التي عمّت العالم وقادها العمال والشباب.
وما يقترف من جرائم تنسب الى الانسان هي في الحقيقة ذات نسب حيواني بامتياز رغم ان الحيوان لا يقتل لمجرد القتل وانما دفاعا عن نفسه او بدافع الجوع ولو استمر المتخصصون في علم الاجتماع في استقراء هذا الواقع لربما توصلوا مبكرا الى لقاحات آدمية وامصال تقي هذه المجتمعات من الاصابة بالسادية والفهلوة والانتهازية لكن القطيعة شملت كل مناحي الحياة فلا العلماء اكملوا رسالتهم بسبب النكران والعقوق والترهيب المزدوج اجتماعيا وسياسيا ولا المؤرخون جازفوا بذكر الحقائق كما هي لأن ما قاله كونديرا عن العقاب الجاهز الذي يبحث عن متهم جسّده العرب المعاصرون فأصبح القاسم المشترك الوحيد بينهم هو الخوف!.