عولمة القناعات!

  • PDF


بقلم: يونس بلخام
لم يعد تصفحنا لمواقع التواصل والإجتماعي بالتصفح الآمن الذي يحفظ لنا خصوصيتنا قد يُفهم من كلامي أنني أقصد الخصوصية التي مفادها السرية وحفظ البيانات الشخصية فهذا الأمر قد فقدناه عند أول نقرةِ ولوج للأنترنت ما كنت أعنيه بالخصوصية هو ذاتية التفكير وبناء القناعات الخاصة بإعمال ذاتيّ للعقل وعدم الإنكباب وراء كل ما هو معروض بتنمّق وأسلوب ماكر يخدع العقول التي لا تتمحص في فحواه وتجوب أغواره وما تخوض علميا في ما تضمر تفاصيلة المغيّبة عن وعينا عمدا .
لقد صارت هذه المواقع تلعب بالأحاسيس قبل القناعات وهي درجةٌ من التأثير متطورة وخطيرة بحق إنّ الذي لم يتعود على تصفح الأنترنت قد لا تغريه المواد المقدمة في بادىء تجربته ولا يهمّ
بتصديقها بحكم أنه قد تعود على أخذ المعلومة أو الخبر من مصدره الرسمي كالكتب أو الجرائد والمحاضرات وغيرها إلّا أنه وبإنكبابه شيئا فشيئا على هذه المواقع سيُدمن نهل المعلومة أو الخبر منها فقط لأنها توهمه بالشمولية والواقعية بل وحتى الموضوعية في تناول الأمور ذلك لأن المواقع الألكترونية تجمع بين الصوت والصورة والكتابة بما يحمله كلّ عنصر من طريقة إقناع معينة تجتمع في عقل المتصفح فلا يسعه إلا التصديق والجزم بأنّ ما قرأه أو شاهده الحقُّ بعينه! ولا نهمل أيضا السهولة في بلوغ المحتوى وتصفحه فهي عامل لا يقل أهمية عن سابقيه. 
إنّ السعي الحثيث لعديد من الدول الليبرالية وعلى رأسها الولايات المتحدة لرقمنة وعولمة كل مصادر الخبر هو خطوة متقدمة للسيطرة المحكمة على القناعات وتذليلها من غير عناء لإستقبال وتقبل الخبر دون الخوض فيه ببساطة لأن الخبر واحد والمصدر مختلف ظاهريا وهو واحد في الجوهر! إنه التحدي المفارقة! الذي عزمت أمريكا رفع رايته وقد بدأت تحصد سنينا من التخطيط المنظم لأمْركة العالم في قالب وردي وُسِم  بالعولمة.
إن الحرب في عصرنا الراهن صارت حرب قناعات بالدرجة الأولى ولم يعد أيّ إنسان معصوما عنها ما دام تدفق الأنترنت يري من حوله وعليه فإكتساب مناعة في تعاطي الأخبار والمعلومات لا بدّ منه ولا غنى عنه لنحفظ للعقل إستقلاليته في التفكير وبالتالي نحفظ لمجتمعنا هويته الحقيقية التي صار إضمحلالها غايةً العولمة وسيلتها!