الصداقة كنز لا يُفنى وصديق السوء أخطر ما فيها

  • PDF

رفقة السوء طريق للانحراف الاجتماعي 
الصداقة كنز لا يُفنى... وصديق السوء أخطر ما فيها

إذا كانت الصداقة أمرًا مهمًّا في حياة الإنسان لا سيَّمَا وأن القرآن الكريم والسنة النبوية قد تحدَّثا عنها بشكل كبير إلا أن هناك أنواعًا من الصداقة التي يجب أن ينتبه إليها الفرد المسلم حتى لا تعود عليه بالضرر نتيجة الاختيار الخاطئ من البداية فهناك أنواع متعددة لهذا الصديق ومنها صديق السوء الذي حذر منه الرسول الكريم في كثير من أحاديثه الشريفة.
خ.نسيمة/ق.م 
قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم -: (( إنما مَثَلُ الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسْكِ إما أن يُحذِيَكَ وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحًا طيبةً ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة)).
ومن هذا الحديث يتضح لنا مدى خطورة رفقة السوء وما يمكن أن تعود به من ضرر على الإنسان المسلم ومن ثم يجب على كل مسلم أن يعلم جيدًا من هو صديق السوء هذا؟ وكيف يمكن التفرقة بينه وبين الصديق الحق؟ وما هي سبل التعامل مع هذا الصديق وكيفية الابتعاد عنه؟
طغيان المصلحة في رفقة السوء
إن صديق السوء هو ذلك الشخص الذي لا يريد الخير لصديقه ولا يرشده إلى فعل الخيرات وإنما يرشده دائمًا إلى ارتكاب المعاصي وهناك بعض الصفات التي يمكن أن نعرف بها هذا الصديق وبناء عليها يحدد الفرد موقفه تجاهه ويتعامل معه من منطلق أنه صديق سوء ومن أبرز هذه الصفات صفة المصلحة التي تغلب على كل تصرفات صديق السوء حيث يعمل دائمًا على إتمام مصالحه على حساب صديقه حتى وإن كان ذلك فيه ضرر لصديقه سواء كان ضررًا ماديًّا أو معنويًّا وهو ما يمكن تسميته بالاستغلال حيث يستخدم هذا الشخص الطريقة الناعمة حين يريد قضاء حاجة ما من صديقه الأمر الذي يجعل الطرف الآخر يشعر بأن صداقتهما باتت مقتصرة على المصالح.
الخيانة ...آفة أخرى
أن أبرز الصفات التي تميز صديق السوء أيضًا صفة الخيانة وعدم الولاء لصديقه والقدرة على الاستغناء عنه في أي وقت فضلاً عن انعدام مبدأ الثقة في هذا الشخص حيث لا يضع ثقته في أحد ولا في صديقه الذي يُفْتَرَض أن يكون هو أقرب الناس إليه فلا يثق فيه ولا يأتمنه على شيء وهو الأمر الذي قد يؤثر بالسلب على شخصية الطرف الآخر بل قد يُفْقِدُه ثقته بنفسه إذ إن أقرب الناس إليه لا يثق به و مِن الأمور التي قد تُفْقِدُ ثقةَ الطرف الآخر في نفسه عدمَ احتفاظ صديق السوء هذا بالأسرار التي ائتمنه عليها صديقُه وهو الأمر الذي يعد الصدمة الكبرى في أي صديق.
إن كل هذه صفات يتحلى بها صديق السوء ويجب الانتباه إليها جيدًا والتأكد منها في كل صديق قبل اختياره فالانخداع في أحد الأصدقاء لا يعني أن يفقد الشخصُ ثقتَه بنفسه وإنما يكون عاملاً لزيادة الثقة بالنفس ويكون بمثابة المواقف التي يكتسب منها الإنسان خبراتِه الحياتية.
كيفية التعامل مع صديق السوء
إنه من الأمور الضرورية جدًّا في حياة الفرد أن يتعلم الطريقة الصحيحة التي يجب عليه أن يتعامل بها مع أصدقاء السوء خاصة وأنهم كثيرون في حياة كل إنسان في الوقت الحالي ولعل أهم وسيلة يتعامل بها الفرد مع صديق السوء هي الرجوع إلى الله - سبحانه وتعالى - والثبات على طاعته مهما كانت الظروف و ضرورة أن ينتبه كل مسلم لذلك حتى يحمي نفسه دائمًا من أصدقاء السوء وألا يقع في شباكهم على قدر المستطاع أو على الأقل يتفادى منهم الكثير.
لعل أسلوب التعامل مع هؤلاء الأشخاص يجب أن يكون على غير المألوف وغير المعتاد الذي ألِفَ التعامل به مع من حوله من أصدقائه المقربين إليه فأصدقاء السوء هؤلاء يجب أن يكون التعامل معهم بكل غلظة وحزم وأن يكون التعامل بنوع من الشدة التي توحي إليهم بعدم رضا مَنْ أمامهم بما يقومون به وبما يبدر منهم من تصرفات غير مرغوب فيها وتلك الغلظة في التعامل يجب أن تكون على حد سواء ممن وقع في براثن أصدقاء السوء ووقع عليه ضرر منهم أو ممن يرغب في الابتعاد عنهم وعدم مقابلتهم في حياته وعدم وقوعه في شباكهم.
الاستمرار في العلاقة خطر
إن الاستمرار في معرفة أصدقاء السوء ومجالستهم يُعَدُّ أمرًا في غاية الخطورة ويقود صاحِبَه إلى الوقوع في معاص كثيرة الأمر الذي قد يغضب الله - سبحانه وتعالى - منه ومن ثم يجب على كل إنسان أن يحرص دائمًا على الابتعاد عن أصدقاء السوء الذين لا يأتي من ورائهم سوى المتاعب و أن هناك بعض الأمور التي تُعِينُ الفرد على اتقاء شر هذا الصديق السوء والابتعاد عنه ومن أهمها: التقرب إلى الله - عز وجل - والاجتهاد في عمل الطاعات والبعد عن كل ما نهى الله عنه - سبحانه وتعالى - من منكرات لأنه لا يوجد شيء يوازي طاعة الله - سبحانه وتعالى - في الابتعاد عن كل ما هو شر هذا إلى جانب أن يتذكر الفرد دائمًا ويتفكر في كمِّ المفاسد التي يمكن أن تعود عليه بسبب مصاحبته لرفقاء السوء ومجالستهم وعدم الاقتناع بأنهم ليسوا أهل شر عليه وعلى مستقبله.
من الأمور التي تساعد الفردَ أيضًا على الابتعاد عن أصدقاء السوء أن يستغل وقت فراغه بأمور تنفعه في حياته وبعد مماته كأن يقرأ في علوم الدين وكتبه أو أن يقرأ في كتاب الله - عز وجل - ويحفظ منه ما تيسر له فضلاً عن ضرورة الابتعاد عن أي وسيلة اتصالية يمكن أن تجمعه مع صديق السوء مرة أخرى وعلى رأسها أماكن التجمع التي اعتادا أن يتردَّدا عليها معًا و ضرورة أن يبحث الإنسان جاهدًا عن رفقة حسنة غير هذه الرفقة غير الصالحة ويبحث عمن يمكن أن يكون عونًا حقيقيًّا له في حياته يَحُثُّه على فعل الخيرات والتقرب إلى الله - عز وجل - وينهاه عن ارتكاب المعاصي.
ان الأمر لا ينتهي بمجرد الابتعاد عن صديق السوء وإنما يجب على الإنسان المسلم أن يدعو هؤلاء الأشخاص غير الأسوياء إلى الرجوع إلى الله - عز وجل - ويُذَكِّرهم بكتاب الله وإن لم يستجيبوا يبتعدْ عنهم ويظل يدعو لهم أن يهديهم اللّه ويبعدهم عن الطريق الذي يسيرون فيه.