هكذا فلتكن الدروس الخصوصية وإلا فلا

  • PDF


حتى لا تدمّر شخصية التلميذ
هكذا فلتكن الدروس الخصوصية.. وإلا فلا..
هناك بعضا من المعلمين والأساتذة من يتخذ من الدروس الخصوصية ـ أو كما يقال: تعليم الظل ـ لكونها تقع خارج منظومة التعليم الرسمية ـ مصدرا إضافيا للرزق وكأنهم لم يدروا أنها تستنزف قدرا كبيرا من دخل ولي هذا التلميذ الذي يواجه أعباء أخرى ثم ـ للأسف ـ إن هذه الدروس الخصوصية تحمل في طياتها تدميرا غير مباشر لشخصية التلميذ الذي لا يعتمد على نفسه وعلى مدرسته في التحصيل العلمي.
مساهمة: الشيخ أبو إسماعيل خليفة
الدروس الخصوصية آفة خطيرة يمر بها كل بيت وخاصة مع الأقسام النهائية وللأسف إنها تنبئ عن تقصير كبير من المعلم داخل قسمه وفي نفس الوقت عن إهمال جسيم للعملية التربوية وعدم الإخلاص في العمل لله تعالى لأن أغلب هؤلاء ينتمون إلى وزارة التربية الوطنية الجزائرية ويشتغلون في مؤسسات تعليمية جزائرية وهو ما يدفع إلى القول إنهم يستغلون مكانتهم من أجل إعادة بيع المواد الدراسية التي يتقاضون عليها أجرا من الدولة وأصبح الأمر شبيها بـ مضاربة في المعرفة . فإلى هؤلاء المعلمين والمعلمات القصة التالية:. 
قال أبو عبد الله محمد بن فراس العطار -رحمه الله: كَانَ الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ يَقْرَأُ عَلَيْنَا فِي مَسْجِدِ بَابِ الْجَابِيَةِ مُصَنَّفَاتِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِم وَكَانَ رَجُلٌ يَجِيءُ وَقَدْ فَاتَهُ ثُلُثُ الْمَجْلِسِ رُبْعُ الْمَجْلِسِ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ وَكَانَ الشَّيْخُ يُعِيدُهُ عَلَيْهِ فَلَمَّا كَثُرَ ذَلِكَ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ مِنْهُ وقَالَ لَهُ: يَا هَذَا أَيُّ شَيْء بُلِيتُ بِكَ اللَّهُ مَحْمُودٌ لَئِنْ لَمْ تَجِئْ مَعَ النَّاسِ مِنْ أَوَّلِ الْمَجْلِسِ لا أَعَدْتُ عَلَيْكَ شَيْئًا.
قَالَ: يَا أَبَا الْعَبَّاسِ أَنَا رَجُلٌ مُعِيلٌ وَلِي دُكَّانٌ فِي بَيْتِ لِهْيَا فَإِنْ لَمْ أَشْتَرِ لَهَا حُوَيْجَاتِهَا مِنْ غُدْوَة ثُمَّ أُغْلِقُ وَأَجِيءُ أَعْدُو وَإِلا خَشِيتُ أَنْ يَفُوتَنِي مَعَاشِي..فَقَالَ لَهُ الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ لا أَرَاكُ هَهُنَا مَرَّةً أُخْرَى فَكَانَ الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ يَقْرَأُ عَلَيْنَا الْمَجْلِسَ وَيَأْخُذُ الْكِتَابَ وَيَمُرُّ إلى بَيْتِ لِهْيَا حَتَّى يَقْرَأَ عَلَيْهِ الْمَجْلِسَ فِي دُكَّانِهِ. !! ـ كتاب الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ـ 1/203.
وبعد هكذا فلتكن الدروس الخصوصية وإلا فلا.. فالباحثون الاجتماعيون والتربويون يشيرون إلى ضرورة التمييز بين الدعم البيداغوجي والبيداغوجية التعويضية (دروس التقوية).. ذلك أن البيداغوجيا التعويضية تعني دعما وتقوية منطلقين من المدرسة ليصلا إلى خارج المدرسة (البيت مثلا). بينما تهدف البيداغوجيا التعويضية إلى تعويض أطفال الفئات الاجتماعية الدنيا لِما يشعرون به من حرمان ونقص وفوارق ترجع بالأساس إلى انتماءاتهم الأسرية وطمس الفوارق الموجودة بين قيم أسرهم وقيم المدرسة وهذا ما فعله الوليد بن عتبة مع تلميذه الذي كان يأتي متأخرا من أجل خلق نوع من التجانس داخل عناصر الفصل وتجاوز كل أشكال التعثر والتأخر التي تعرقل سير عملية التعليم الطبيعي لدى المتعلم بإعطائه فرصا لتدارك مجالات ضعفه.وهذا ما نريده من معلمينا وأساتذتنا.. نسأل أن يوفقهم وتلامذتهم إلى ما فيه الخير والصلاح وأن يؤيد خطاهم ويجعل النجاح حليفهم في كل مراحل حياتهم الدراسية..