منعرج حاسم في صناعة قطاع الصحة الحديث في الجزائر

  • PDF

اعتصام الأطباء المقيمين ...
منعرج حاسم في صناعة قطاع الصحة الحديث في الجزائر 

يعلو هذه الأيام حماس الأطباء المقيمين في اعتصامهم للمطالبة بجملة حقوق أو مطالب أو تغييرات في أرضية العمل الصحي في المستشفيات الجزائرية هي طاقات جزائرية تشهد موجة مطالبة بالحقوق ولسنا ندري هل هذه المطالب هي مشروعة في عمقها أم لا وحتى وإن كنا نعي جدا صدقية هذه الحقوق هل صراحة هذا الحماس هو المطلوب في شوارع العاصمة؟.

مساهمة الدكتورة: سميرة بيطام

والأروع أن يعدّل قانون الصحة بعد مرور 33 سنة على آخر قانون للصحة الجزائرية.. يعني ما يحدث الآن قد لا يكون متناسبا على الإطلاق على مستوى طليعة التطلعات لجزائر متقدمة ومتطورة ثم سيرورة التعديل تواكب الأحداث بعد 10 سنوات تقريبا ولكن أن تمر 33 سنة فهذا هو مسبب الجدال حقيقة وليس حماس الأطباء الذي راق لمستوى الروعة ولكن أين كنتم قبل هذا التعديل وهل راقت لكم ظروف العمل قبل التعديل وبعد التعديل القانوني لم تعجبكم؟.


مشهد حزّ في الأنفس كثيرا...
ثم إن كنا نمثل شعبا يعي ثقافة الديمقراطية الحقة وإن كنت لا أحبذ هذا المصطلح كثيرا لأنه مصدر لنا في قالب من عولمة الفاظ حديثة مرتبطة بنهضة غربية أكثر منها عربية أو إسلامية وعليه هل طريقة مواجهة الأطباء لرجال الأمن لدرجة تعرض بعضهم للضرب وهو ما حزّ في انفس الكثيرين حسرة لفضاعة المنظر وتحسر العقلاء لتصادم فئة تمثل نخبة واعية جدا من صنف الأطباء ورجال الأمن الذي تلقى على كاهلهم مسؤولية حفظ الأمن وممتلكات الدولة من أي مذبذب للهدوء وللاستقرار.
جميل هو الحماس لو كان معبرا عن سيرة وطن يعشقه الغريب قبل القريب جميل الحماس حينما تضاعف ساعات العمل عند أي إضراب وأروع لقطات الحماس أن يسود أفراد المجتمع لقطات تضامنية تبعث للمشاهد والسامع لقضية الأطباء المقيمين بالجزائر أملا وبريق تطلع لغد أفضل..


هل فعلا سيرتفع شأن الصحة؟
قد أتجرأ وأطرح سؤالا في قمة الوجاهة: ماذا لو تحققت المطالب كلها هل فعلا سيرتفع شأن الصحة في الجزائر بتوافر هذه الشروط أم ثمة خلل في مصداقية الشعور بالأمانة تجاه المريض وتجاه وطن يسمى الجزائر؟.
أستحي أن يذكر اسم الجزائر في أي محضر أو مجلس ونحن بعد لم نفصل في قضايا عالقة باتت تشتت وتعرقل وتزرع مشاكل جديدة قد تزيد الوضع تعفنا وهل الجزائر يليق بها أن تصل إلى هذه الدرجة من الصراعات؟.
قد أتجرأ وأخاطب الطبيب الذي يريد فرارا من بلده إلى اي بلد اجنبي بحجة أنه لم يجد آذانا صاغية في بلده ليسافر إلى بلد يحلم فيه بصناعة مستقبل طبي أفضل بكثير من ان يصنعه في الجزائر أقول له: صناعة القرار في بلدك أجمل وأروع من ان تصنعه في بلد ثان مهما كانت الظروف اقولها لك لا تفر من بلدك ولا تهاجر ولا تتغرب اصنع كيانك على أرض الجزائر وتعلم العلم النافع وقدم الأسباب لتحسين ما يجب تحسينه هي لغتي الموحدة دائما أخاطب بها أي طبيب جزائري وأي طبيبة جزائرية.
الظروف القاهرة تصنع المعجزات
الظروف القاهرة هي من تصنع المعجزات وليس الكماليات فقد تتوفر جملة الكماليات ولا يتحقق المطلوب لأن المعنيين بالأمر لم يرضعوا حليب الزهد والقناعة ووضع الاستقرار نصب الأعين..
متفائلة جدا رغم كل شيء وقطاع الصحة في الجزائر يمر عبر منعرج حاسم هذا المنعرج هو من سيحدد مسيرة الصحة الحديثة في الجزائر فقط احذروا أيها الأطباء في أن تفرطوا في الجزائر لأنكم إن فرطتم فيها فلن يرتقي قلمي معكم مرة اخرى للكتابة عن سيرة وطن نال منه المستعمر مسيرة عمر من الرقي.. وإن كنت أثق فيك أيها الطبيب الجزائري وأيتها الطبيبة الجزائرية أن التعقل من شيم العقل الجزائري فارتقوا قريبا إلى مصاف التغيير الإيجابي بهدوء منقطع النظير وعلى خطى جيل ثورة تحريرية شامخة شموخ من صنعوها جزائر حرة أبية ولغتي دائما فيها الأمل لغد أفضل وهو ما سينجلي بعد تخطيكم للمنعرج الحاسم بكل تحضر وسلم وحب عميق للجزائر لأنها هي من ستفصل في مطالبكم بحب عميق من قلوبكم لها.


كونوا خير مثال للمآزر البيضاء
أتمنى أن تمثلوا المآزر البيضاء أحسن تمثيل بأن تقبلوا على الأبحاث الطبية وتجربوا الصعب في التجارب العلمية وتقدموا أكبر ما عندكم من طاقة فكرية لتنقذوا أكبر عدد من المهددين بالموت بسبب الأمراض والحوادث والولادات أتمنى أن تعطوا نموذجا راقيا لمن يشاهدكم بالخارج حتى تكتمل صورة بلد تركه لنا الشهداء أمانة فالدولة تسعى لتقديم الأفضل وأنتم من يجب عليكم الحفاظ على الفضل ولو كان قليلا لأن أخلاقكم هي رسالة صوتية مسموعة لكل العالم أن الصحة في الجزائر سترتقي وعلى خطى من يقين أن الغد أفضل وأكيد بالعمل الجاد وحسن التوكل على اللّه وتفعيل القيّم الدينية والأخلاق في كل شيء حتى في الابتسامة الطيبة ولو جربتم ذلك فستتخطون المنعرج بكل هدوء وبكل ألفة فيما بينكم وبين أقرانكم.


كونوا أهلا لحمل الأمانة النبيلة
فأحيانا أقرأ بعض المنشورات على صفحات الفايس بوك باللغة العامية وأتساءل بيني وبين نفسي لما لا تكون بعربية فصحى تخرج من ألسنة فصيحة بليغة كبلاغة الحكمة في الطب أو بلغة انجليزية يغلب عليها طابع العلم لأشعر أني أمام نخبة تعرف كيف توصل صوتها بكل رقي أو ليس المطلوب رقي وارتقاء للصحة ولمصلحة المريض فلما لا يكون ذلك بلغة موزونة بعيدا عن عبارات مستواها متدن حتى الهتافات التي أسمعها أحيانا لا ترقى لمسامعي تمتزج فيها الكلمات باللغة العامية مع فرنسية غير أكاديمية لأظل أتمنى مضاعفة ساعات العمل والصمت الحكيم للقضاء على الرداءة المنتشرة في كل شبر من مؤسساتنا الصحية والبدء في أن نصلح أنفسنا في أن نكون فعلا أهلا لحمل الأمانة أيا كان نوعها.
أحبوا بلدكم ولا تفرطوا فيها واصنعوا أقدارا جميلة بل واجهوا الأقدار بأقدار أجمل منها تنبض بالإخلاص منكم والتفاني في صنع حضارة الجزائر تكون مطالبكم مشروعة حينما تقترن بحب وطن مات لأجله مليون ونصف مليون شهيد وآليا سترتقون إلى مصاف صناع المجد للجزائر..
هنيئا لتفهمكم لحرف التعقل مني ومبروك مقدما أن حزتم على التغيير الإيجابي على سكة العمل الدؤوب وتفعيل الأخلاق بعيدا عن رزنامة صراعات لا تنتهي حتى نعي ثقافة حب الجزائر لتعلو فوق كل المصالح أو لستم أهلا للتضحية لأجلها كما ضحّى بالأمس من هم في مقدمة التضحيات؟.
أترك الإجابة لكم أيها الأطباء ولا تنسوا أني معكم في نفس القطاع فقط بخلفية إدارية.