آفة تبذير الخبز تتفاقم في رمضان

  • PDF

أطنان في القمامة 
آفة تبذير الخبز تتفاقم في رمضان 

يأخذ الخبز اليومي مختلف الأنواع والأشكال والألوان تلبية لأذواق الصائمين خلال شهر رمضان الكريم وتشهد المادة أيضا تبذيرا على نطاق واسع حيث انتشرت هذه الظاهرة الغريبة على المجتمع الجزائري في السنوات الأخيرة بشكل ملفت للانتباه ما تعكسه أطنان الرغائف الملقاة في القمامة.
نسيمة خباجة 
يضاعف الخبازون مثلهم مثل ربات البيوت من مهاراتهم وإبداعهم لتحضير أنواع مختلفة من الخبز تزين بها طاولات الإفطار على غرار الخبز العادي الطويل وخبز السانوج والخبز الدائري والبريوش والمطلوع والخبز التقليدي اغروم اقوران وخبز الدار وغيرها من الأصناف التي يسجل عليها إقبال كبير خلال الشهر الفضيل.
ويشتري الصائمون عادة كميات كبيرة من الخبز كل يوم وهو ما يصعب فهمه. وتتجنب ربات البيوت والمستهلكون بصفة عامة شراء حصصهم من الخبز في الصباح حتى تحافظ هذه المادة على قرمشتها.
ويفضل المرء الانتظار إلى فترة المساء أو قبل ساعات قليلة من موعد أذان المغرب لشرائه إن بقيت المخابز مفتوحة وإن لم يكن الأمر كذلك يتم اقتناؤه عند باعة أسواق الحمري والمدينة الجديدة والأوراس (لاباستي سابقا) الذين يوفرون أنواعا مختلفة من هذه المادة سواء على الرفوف أو حتى على قارعة الطريق.
ويتضاعف سعر الخبز ليصل أحيانًا إلى 40 أو 50 دج للرغيف الواحد وهو ما يطرح تساؤل عن الدافع وراء شراء المستهلكين لرغائف أكثر من المعتاد.
وتقول زكية وهي ربة منزل: علينا دائما أن نكون مستعدين لأي احتمال مثل قدوم ضيوف غير متوقعين أو ومساعدة أحد الجيران .
أما بالنسبة لحليمة وهي موظفة في إدارة عمومية فإن المشكلة مختلفة تمامًا : في عائلتنا يعمل أربعة أفراد وعند العودة للمنزل نهاية اليوم يتوقف كل منا عند الخباز لشراء الخبز وينتهي بنا الأمر باقتناء 12 خبزة يوميًا . وينتهي الخبز غير المستهلك مع الأسف في القمامة حيث لا يرغب أي فرد استهلاك خبز اليوم السابق ولا حتى الأطفال حسب نفس المتحدثة.

أطنان من الخبز في القمامة
ولا تعد حالة حليمة معزولة إذ يكتشف عمال النظافة كل صباح عشرات الأكياس المليئة بالخبز ملقاة في القمامات وأسفل المباني وعلى الأرصفة.
واعتبر عامل نظافة بحي ايسطو أنه مشهد مؤلم لما نعلم أن هذه المادة الغذائية مدعمة من طرف الدولة . 
الأرقام تتحدث عن نفسها فقبل أيام قليلة نشرت وزارة التجارة بيانا أشارت فيه إلى أن أكثر من 535 طنا من الخبز أي أكثر من 1ر2 مليون خبزة قد تم تبذيرها خلال الفترة الممتدة من 13 إلى 24 أفريل. وتقدر قيمة هذه الكمية ب 20 مليون دج .
ومن المرجح أن تعرف الأرقام منحى تصاعدي خلال النصف الثاني من شهر رمضان وهي فترة معروفة بأنها تشهد استهلاك واسع وتبذير كبير وقد تم تبذير خلال نفس الفترة -وفقا لذات البيان- 2.139.884 خبزة أي 45 طنا في اليوم أو ما يعادل 178.323 خبزة.
وتمثل هذه الكمية قيمة أكثر من 5ر1 مليون دج يوميا.
وتحتل وهران المرتبة السابعة في القائمة المحزنة للولايات الأكثر تبذيرا للخبز بـ108.200 خبزة تسبقها في ذلك كل من البليدة وبشار وتلمسان والجلفة وعنابة وتبسة وتمثل هذه الظاهرة التي كانت غريبة على المجتمع الجزائري قبل سنوات قليلة إستنزافا حقيقيا للاقتصاد الوطني والمال العام .
وذكرت وزارة التجارة في بيانها بأن الجزائر استوردت كميات كبيرة من القمح اللين من أجل ضمان إنتاج الدقيق الموجه للخبازة. ففي عام 2019 كانت واردات القمح اللين قد بلغت 5.800.844 طنًا من القمح أي ما يعادل 3ر1 مليار دولار.

حملات توعوية للحد من الظاهرة 
ولإيقاف هذه الظاهرة خلال شهر رمضان انطلقت حملة وطنية تدعو المواطنين إلى تناول الخبز باعتدال و تجنب إهدار الخبز .
ويستهلك المواطنون هذه المادة على نطاق واسع وتظل ضرورية على الموائد الجزائرية في الأوقات العادية أو خلال شهر رمضان وبينت دراسة اقتصادية حديثة أن الجزائريين يستهلكون ما بين 500 و900 غرام من الخبز يوميًا بينما يتم رمي ما بين 150 و200 غرام في القمامة.
وبوهران شرع مركز فرز النفايات الذي افتتح قبل بضعة أشهر بحي المدينة الجديدة في استقبال المواطنين الراغبين في إيداع خبزهم غير المستعمل والقديم الذي سيوجه للاستهلاك الحيواني.
وتعتبر عملية الاسترجاع في حد ذاتها طريقة مهمة. ويدعو العديد من الأطراف والمتخصصين إلى سلوك مناهج مختلفة للحد من هذه الظاهرة. ويشدد البعض على ضرورة تشجيع ظهور ثقافة استهلاك جيد بعيدًا عن كل أنواع الهدر والإفراط فيما يرى آخرون أنه يجب إعادة النظر في سياسة دعم القمح اللين وتدعيم أسعار بيع الخبز ويطرح هدر هذا العنصر الأساسي في الوجبات اليومية للجزائريين بحدة خلال هذه الفترة من الأزمة الصحية وانعكاساتها على الاقتصاد الوطني.