من بيت النبوة أم حبيبة

الأحد, 09 ديسمبر 2018

زوجة النبي التي خطبها النجاشي للنبي 
من بيت النبوة .. أم حبيبة
منّ الله تعالى على أمهات المؤمنين بأن كن أزواجًا لسيد الخلق صلى الله عليه وآله وسلم وبعضهن كان لزواجهن قصة   ونقف هنا أمام سيرة السيدة أم حبيبة زوجة النبي صلى الله عليه وآله وسلم التي أرسل لزواجها وهي مهاجر في الحبشة.
السيدة أم حبيبية اسمها رملة بنت أبي سفيان وهي من بنات عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأقرب زوجاته نسبًا إليه وكان أخوها هو معاوية بن أبي سفيان.
كانت أم حبيبة متزوجه من عبيد الله بن جحش وهاجرا سويًا إلى الحبشة وكانت حاملًا في ابنتها حبيبة التي ولدت هناك وتكنت بها وهناك في الحبشة رأت رؤية عجيبة أفزعتها تحكيها أن حبيبة فتقول: رأت في النوم كأن عبيد الله بن جحش زوجي بأسوأ صورة وأشوهه ففزعتُ فقلتُ: تغيَّرَتْ والله حالهُ. فإذا هو يقول حين أصبح: يا أمَّ حبيبة إني نظرت في الدين فلم أَرَ دينًا خيرًا من النصرانيَّة وكنتُ قد دِنْتُ بها ثم دخلت في دين محمد ثم رجعت في النصرانيَّة. فقلتُ: والله ما خِيرَ لكَ. وأخبرْتُهُ بالرؤيا التي رأيتُها فلم يحفلْ بها وأكبَّ على الخمر حتى مات .
وما أن اقتربت عدتها على الانقضاء حتى رأت السيدة أمُّ حبيبة في منامها رؤية أخرى كانت بشارة لها فتحكي السيدة أم حبيبة فتقول: كأنَّ آتيًا يقول: يا أمَّ المؤمنين. ففزِعْتُ فأوَّلتُها أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتزوَّجني. قالت: فما هو إلاَّ أن انقضت عِدَّتي فما شعرت إلاَّ برسول النجاشي على بابي يستأذن فإذا جارية له -يقال لها: أبرهة- كانت تقوم على ثيابه ودهنه فدخلَتْ علَيَّ فقالت: إن المَلِكَ يقول لكِ: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كتب إلَيَّ أن أُزَوِّجَكه. فقالت: بشَّركِ الله بخير. قالت: يقول لك الملك وكِّلي مَنْ يُزَوِّجك. فأرسلتْ خالدَ بن سعيد بن العاص فوكَّلَتْه وأعطتْ أبرهة سواريْن من فضة وخَدَمتَين كانتا في رجليها وخواتيم فضة كانت في أصابع رجليها سرورًا بما بشَّرتها فلمَّا كان العشيّ أمر النجاشي جعفر بن أبي طالب ومَنْ هناك مِن المسلمين فحضروا فخطب النجاشي فقال: الحمد لله الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار أشهد أنْ لا إله إلاَّ الله وأنَّ محمدًا عبده ورسوله وأنه الذي بشَّر به عيسى بن مريم أمَّا بعد: فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كتب إلَيَّ أن أزوجه أمَّ حبيبة بنت أبي سفيان فأجبتُ إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أصدقْتُها أربعمائة دينار. ثم سكب الدنانير بين يدي القوم.
وذكر الإمام ابن سعد في كتابه الطبقات الكبرى وابن عساكر في كتابه تاريخ دمشق والإمام الصالحي في كتابه سبل الهدى والرشاد أن السيدة أن حبيبة قالت:


فلمَّا وصل إلَيَّ المال أرسلتُ إلى أبرهة التي بشَّرتني فقلتُ لها: إنِّي كنتُ أعطيتُك ما أعطيتُك يومئذ ولا مال بيدي فهذه خمسون مثقالاً فخُذيها فاستعيني بها. فأبتْ وأخرجتْ حُقًّا فيه كل ما كنتُ أعطيتُها فردَّتْه عليَّ وقالت: عزم عليَّ الملك أن لا أَرْزَأَكِ شيئًا وأنا التي أقوم على ثيابه ودهنه وقد اتبعتُ دين محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلمتُ لله سبحانه وتعالى وقد أمر الملك نساءه أن يبعثن إليك بكل ما عندهن من العطر. قالت: فلمَّا كان الغد جاءتني بعُود ووَرَس وعنبر وزبَّاد كثير فقَدِمْتُ بذلك كلِّه على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يراه علَيَّ وعندي فلا ينكره.
ثم قالت أبرهة: فحاجتي إليك أن تقرئي على رسول الله صلى الله عليه وسلم منِّي السلام وتُعلميه أنِّي قد اتَّبعتُ دينه. قالت: ثم لطفتْ بي وكانت التي جَهَّزتني وكانت كلَّما دخلت علَيَّ تقول: لا تنسَيْ حاجتي إليك. قالت: فلمَّا قَدِمْتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرْتُه كيف كانت الخطبة وما فعلَتْ بي أبرهة فتبسَّم وأقرأْتُه منها السلام فقال: وَعَلَيْهَا السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ .
عاشت السيدة أمُّ حبيبة -رضي الله عنها- بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثًا وثلاثين سنة وكانت متمسكة بهديه الشريف وعلى صلة طيبة بأمهات المؤمنين فيذكر الإمام الذهبي في كتابه سير أعلام النبلاء والإمام ابن حجر في كتابه الإصابة في تمييز الصحابة أن أم المؤمنين السيدة أم حبيبة عندما حضرتها الوفاة استدعت السيدة عائشة -رضي الله عنها- لتقول لها أمرًا غاية في الأهمِّيَّة بالنسبة لها فعن عوف بن الحارث قال: سمعتُ عائشة -رضي الله عنها- تقول: دعتني أمُّ حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عند موتها فقالت: قد كان يكون بيننا ما يكون بين الضرائر فغفر الله لي ولك ما كان من ذلك. فقلتُ: غفر الله لكِ ذلك كله وتجاوز وحلَّلَكِ من ذلك. فقالت: سررتني سرَّك الله. وأرسلت إلى أمِّ سلمة فقالت لها مثل ذلك .