نحو تأجيل الرئاسيات

السبت, 25 مايو 2019

فيما تقرّر سحب تنظيم الانتخابات من الداخلية
نحو تأجيل الرئاسيات

ـ بلعيد وساحلي ينسحبان من سباق انتخابات جويلية

س. إبراهيم
عند منتصف ليلة السبت إلى الأحد تكون قد انتهت الآجال القانونية لإيداع ملفات الترشح للاستحقاقات الرئاسية المقبلة على مستوى المجلس الدستوري وذلك طبقا للمادة 140 من القانون العضوي المتضمن القانون الانتخابي وسط توقعات ترجّح تأجيل هذا الاستحقاق ليس بسبب الإلحاح الشعبي المعبر عنه في مسيرات الحراك فحسب بل كذلك بسبب عدم استقبال أي ملف يستوفي الشروط حسب مصادر مطلعة وكذا انسحاب مرشحين بارزين في صورة عبد العزيز بلعيد وبلقاسم ساحلي ومن جانب آخر يكون قد تقرر سحب تنظيم الانتخابات من وزارة الداخلية.
وبينما بدت عملية جمع التوقيعات لصالح الراغبين في الترشح شبه مستحيلة خلال المهلة المحددة بالنظر لتطورات التي يعرفها المشهد السياسي في الجزائر جاء انسحاب بعض المرشحين المفترضين من سباق رئاسيات جويلية ليؤشر على تأجيل وشيك لأهم استحقاق سياسي في البلاد.
في هذا الصدد يرى أستاذ القانون عبد الكريم سويرة انه بناء على تاريخ نشر مرسوم استدعاء الهيئة الناخبة في الجريدة الرسمية والذي كان بتاريخ 10 أفريل 2019 وبما ان القانون العضوي المتعلق بالانتخابات يحدد في المادة 140 منه بأن الترشيحات تودع في مهلة 45 يوما من هذا الإعلان فبالتالي آجال إيداع الترشيحات ستكون يوم 25 ماي الجاري على الساعة منتصف الليل .
وعلى الراغب في الترشح لمنصب رئيس الجمهورية ان يتقدم للمجلس الدستوري بملف يتضمن كل الشروط المطلوبة إضافة الى قائمة تضم 600 توقيع فردي من منتخبين محليين أو قائمة بـ60 ألف توقيع على الأقل عبر 25 ولاية.
ويقول عبد الكريم سويرة: إن هذه التوقيعات تتم أمام ضباط الحالة المدنية أو أمام ضباط عموميين كالمحضرين القضائيين والموثقين وتقدم في شكل تطبيقات الكترونية مع الاستمارات للمجلس الدستوري وسيكون من الصعوبة بمكان جمع كل هذه التوقيعات خلال هذه المهلة بالنظر إلى أن عديد بلديات الوطن قد أعلنت مقاطعتها لهذه الانتخابات .
وتشير الحصيلة الأخيرة لوزارة الداخلية إلى إيداع 77 رسالة نية ترشح من بينهم 3 لرؤساء أحزاب سياسية ويفصل المجلس الدستوري في صحة الترشيحات لرئاسة الجمهورية بقرار في اجل أقصاه 10 أيام كاملة من تاريخ إيداع التصريح بالترشح.


ملاحظون: إجراء الرئاسيات يوم 4 جويلية مستحيل
ومع انقضاء آجال إيداع ملفات الترشح للرئسيات القادمة يتوقع ملاحظون الذهاب لتأجيل الاستحقاقات المقررة في الرابع جويلية القادم وتبقى فرضية التأجيل قائمة وفق ما يؤكده السياسيون والنخبة أيضا لإملاءات فرضها رفض الحراك لإجرائها في هذا الموعد.
ويرى في هذا الخصوص رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة 8 ماي 1945 بقالمة سليم حميداني أن الانتخابات لا يمكن إجراؤها في الـ4 جويلية القادم بحكم أمور موضوعية وأيضا قد يتم اللجوء لصياغة قانونية على شكل إعلان دستوري أو على شكل تمديد لرئيس الدولة الحالي وهنا سوف نتجه للحلول القانونية والدستورية .
وتتقاطع آراء الطبقة المثقفة والنخبة في ضرورة تأجيل الانتخابات مع احترام المسار الدستوري الذي سيؤدي الخروج عنه لفراغ مسبب لتطاحن سياسي وصراعات وحتى تدخلات وبالتالي إدخال البلاد في نفق مظلم لا احد يعرف مخرجه.
ويرى في هذا الصدد عميد كلية العلوم الإنسانية بقالمة الدكتور يوسف قاسمي يجب الالتزام بالمسار الدستوري وفق حلول سياسية توافقية يستلهم من خلالها مطالب الحراك وكذلك مع الطبقة السياسية الفاعلة واحترام مؤسسات الدولة لأنها هي الإطار الذي يحمي الجميع.
وبالنسبة للانتخابات يستحسن أن تؤجل مع إمكانية الذهاب لتفعيل المادة 103 من الدستور التي يمكن ان تعطي أفقا سياسيا لتأجيل هذه الانتخابات لوقت لاحق قد يصل لمدة 60 يوما إضافية يتم خلالها فتح حوار وتهيئة اللوجستيك التقني والإداري والقانوني والسياسي الذي يمكن المواطن للذهاب لهذه الانتخابات .


جبهة المستقبل: لهذا السبب لن يترشح بلعيد..
أعلن حزب جبهة المستقبل أمس السبت في بيان له عن عدم إيداع ملف مرشحه ـ عبد العزيز بلعيد ـ للانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في 04 جويلية المقبل. 
وأوضح الحزب في بيان له عقب اجتماع مكتبه الوطني المفتوح أن قيادة الحزب قررت عدم إيداع ملف الترشح للرئاسيات وذلك بسبب التطورات الاخيرة التي عرفتها الساحة السياسية لاسيما في ظل وضع عام استثنائي أثَر على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد . 
وعدد الحزب الأسباب التي جعلته يتخذ هذا القرار على غرار ما وصفه بـ الجمود الذي يسود ويدفع إلى انعدام التحضير الحقيقي والجدي لهذه المحطة الهامة وكذا عدم تنصيب اللجنة المستقلة المطلوبة لضمان شفافية ونزاهة الانتخابات عبر كامل مراحلها وانعدام التنافسية السياسية المطلوبة لإضفاء الجو الديمقراطي لهذه الرئاسيات وكذا عدم جاهزية الظروف والأجواء الشعبية التي تدفع بالمشاركة الفعالة والمطلوبة من هذه العملية وعدم تجسيد الحوار الذي نادت إليه مؤسسة الجيش الوطني الشعبي . 
من جهة أخرى أكدت جبهة المستقبل -- التي استكملت ملف ترشحها لهذه الانتخابات بما فيها التوقيعات المطلوبة -- تمسكها بالمسار السياسي في إطار الدستور كخيار واحد باعتباره يؤمّن للجزائر استقرارها ويضمن للشعب الجزائري التعبير الحر عن سيادته في كنف الممارسة الديمقراطية كما تعتبر ذات التشكيلة السياسية أن الانتخابات الشفافة والنزيهة هي السبيل الأمثل والوحيد لتخطي الأزمة السياسية التي تواجه البلاد. 


ساحلي يعلن الانسحاب
أعلن التحالف الوطني الجمهوري أمس السبت عن تعليق مشاركة رئيسه بلقاسم ساحلي في الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في 04 جويلية المقبل وهذا إلى غاية توفر الشروط المناسبة لنجاح هذا الاستحقاق الانتخابي المصيري . 
وذكر الحزب في بيان له أعقب اجتماع مكتبه الوطني أن قرار تعليق مشاركته إلى تاريخ لاحق مبرّر باعتبارات شعبية ودستورية وقانونية وسياسية معتبرا أن رفض شرائح معتبرة من الشعب الجزائري للإطار الذي سيتم فيه موعد الـ04 جويلية وعدم اكتمال الآليات الدستورية والقانونية المؤطرة للانتخابات (الهيئة العليا للإشراف والرقابة وتعديل قانون الانتخابات) بالإضافة إلى غياب التوافق السياسي لدى أغلبية الفاعلين في الساحة الوطنية من شأنه أن يجعل من هذا الموعد فرصة أخرى ضائعة للحل وربما سببا إضافيا لتأزيم الوضع . 
وذكر التحالف وهو أحد الأحزاب الثلاثة الذي سحب ملف الترشح من وزارة الداخلية أنه استوفى الشروط القانونية للترشح من خلال جمع 731 استمارة توقيع شخصي خاصة بالمنتخبين موزعة على 33 ولاية . 
وأكدت التشكيلة السياسية أن ترشيح أمينها العام بلقاسم ساحلي مشروط بضرورة مرافقة الحل الدستوري والانتخابي بجملة من الإجراءات السياسية لطمأنة الرأي العام الوطني وترميم الثقة المهزوزة بين السلطة والحراك الشعبي ومن بين هذه الإجراءات تشكيل حكومة كفاءات وطنية بقيادة شخصية مستقلة وتوافقية ومعالجة إشكالية عدم شرعية رئيس المجلس الشعبي الوطني وتنصيب هيئة وطنية مستقلة للإشراف على الانتخابات وتعديل بعض مواد القانون العضوي للانتخابات وذلك ضمن رؤية مرنة للأجندة الانتخابية والتي تتطلب تأجيل الانتخابات الرئاسية لبضعة أسابيع وفق ما يتيحه نص وروح الدستور . 


لا بديل عن الحل الدستوري
وجدد الحزب تمسكه بالحل الدستوري والانتخابي مؤكدا أنه يتقاسم الموقف الوطني المعبر عنه من طرف الجيش الوطني الشعبي باعتبار أن إجراء الانتخابات الرئاسية في أقرب وقت ممكن وتأطير الحراك الشعبي وتنظيمه وكذا رفضه لكل تدخل أجنبي بالإضافة إلى رفض بعض المطالب غير العقلانية من شأنه أن يضع حدا لإطالة أمد الأزمة ويمكن من تفادي الوقوع في فخ الفراغ الدستوري الذي سيدفع بالبلاد إلى حالة الانسداد . 
وفي ذات السياق دعا حزب ساحلي جميع المخلصين والوطنيين من أحزاب سياسية ومجتمع مدني وحراك شعبي إلى الالتفاف حول هذا المسعى المصيري لتحقيق الهبة الوطنية المنشودة وبناء الجزائر الجديدة عبر ترتيب الأولويات والابتعاد عن المواقف المتشددة مع تركيز جهود الجميع على إنجاح الفترة الانتقالية الدستورية وما يتطلبه الأمر من تنازلات مشتركة .