متى تتحرّر الجزائر من قيد النفط ؟

  • PDF

نصف قرن يمر اليوم على استقلالها الطاقوي
متى تتحرّر الجزائر من قيد النفط ؟

* الجزائر ترفع رهان الطاقات المتجددة في ذكرى تأميم المحروقات

س. إبراهيم
بحلول هذا الأربعاء يكون قد انقضى نصف قرن على الاستقلال الطاقوي للجزائر من خلال القرار التاريخي للرئيس الراحل هواري بومدين والقاضي بتأميم المحروقات وبعد خمسين عاما من هذا الاستقلال مازالت الجزائر رهينة قيد النفط غير قادرة على تحرير اقتصادها ومداخيلها عموماً من الاعتماد المفرط على الصادرات النفطية..
تحيي الجزائر اليوم الذكرى المزدوجة لتأميم المحروقات وتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين وعشية الذكرى قال وزير الانتقال الطاقوي والطاقات المتجددة شمس الدين شيتور في حوار صحفي أنه يتعين على الجزائر بعد مرور نصف قرن من استقلالها الطاقوي (1971) انجاح ثورتها الخضراء بالمراهنة على الطاقات المتجددة.
وفي هذا الخصوص أكدت الخبيرة في المجال الطاقوي مديرة المدرسة الوطنية العليا للطاقات المتجددة البروفيسور ليلى مخناش للقناة الإذاعية الأولى أنه يتعين على الجزائر كسب الرهان بحكم امتلاكها للإمكانات الضرورية لتحقيقه سواءً الطبيعية أو فيما يتعلق بكفاءة العنصر البشري .
وقالت مخناش في هذا الصدد إن الرهان سيبنى فعلا على أبناء الجزائر وأن هناك مجهودا كبيرا يستوجب على الجزائر أن تقوم به لتدخل الرهان الطاقوي العالمي الذي تتسابق عليه الكثير من دول العالم .
من جانبه شدّد وزير الانتقال الطاقوي والطاقات المتجددة شمس الدين شيتور على أنه يتعين على الجزائر بعد مرور خمسين سنة على استقلالها الطاقوي سنة 1971 إنجاح ثورتها الخضراء بالمراهنة على الطاقات المتجددة.
وفي مقال بمناسبة الذكرى الخمسين لتأميم المحروقات نشر في يومية لوسوار دالجيري الوطنية أكد السيد شيتور أنه بعد مرور خمسين سنة على الاستقلال البترولي ( تأميم المحروقات) يجب علينا إنجاح الثورة الخضراء من خلال المراهنة على الطاقات المتجددة. انها انطلاقة جديدة للحكومة الحالية في تاريخ طاقة الوطن .
وضمن نفس المقال الذي حمل عنوان 24 فيفري 1971: استقلالية البترول.
2021: ثورة خضراء اعتمادا على الطاقات المتجددة أكد الوزير على ضرورة وضع مخطط مارشال الهدف منه ثاني 24 فيفري من أجل استقلالية جديد ويكمن هذا الرهان في النجاح على التوفر على 50 بالمئة من الطاقة المتجددة واقتصاد الطاقة 2030 على حد قوله.
ويرى الوزير أن الانتقال الطاقوي سيسمح قبل كل شيء باستقلالية في السلوك من خلال الخروج من سلوك الريع من خلال اتباع الاضطرابات المتواترة لبرميل بترول لا نعرف لا مضمونها ولا تفاصيلها .
ويتم هذا الانتقال حسب قوله موازاة مع وضع نموذج طاقوي ضخم ومرن يتطلب التوقف عن الاستهلاك الإضافي للغاز الطبيعي بكل الوسائل.
كما يتعلق الأمر بالمضي نحو استحداث الثروات خارج الريع اعتمادا على ذكاء عشرات الآلاف من ذوي الشهادات الذين يجب أن نوفر لهم ذوق الابتكار من خلال تشجيعهم على إنجاح الانتقال الطاقوي.
ويرى السيد شيتور أن الجزائر الجديدة قررت النضال علميا من أجل 24 فيفري جديد سيتمثل هذه المرة في التنمية المستدامة ابتداء من وضع حد للتبذير في جميع مجالات المواد غذائية سيما الخبر والطاقة والماء.
وعاد الوزير أيضا إلى خارطة طريق دائرته الوزارية التي ترتكز على ثلاثة محاور وعي ترشيد استهلاك الطاقة وبناء محطات متجددة ووضع نموذج طاقوي جديد في 2030-2035.
وبخصوص المحطات الشمسية والهوائية التزم الوزير بوضع 1000 ميغاوات خلال السنة الجارية مشيرا إلى الإعلان عن مناقصة بحلول نهاية جوان القادم.


كرونولوجيا قرار تاريخي
تأميم المحروقات الذي تقرر منذ 50 سنة للجزائر بتعزيز تحكمها في مواردها الطبيعية وببسط السيادة الوطنية على ثروتها النفطية مع فتح الآفاق لورشات كبرى أخرى للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.
ووضع هذا القرار التاريخي -الذي أعلنه الرئيس الراحل هواري بومدين في 24 فيفري 1971 بمقر الإتحاد العام للعمال الجزائريين خلال احتفاله بالذكرى الـ15 لتأسيسه- التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المسار الصحيح.
ويتضمن هذا القرار حيازة الجزائر-بعد مسار طويل من المفاوضات بدأ في 1967- 51 بالمائة على الأقل من الشركات الفرنسية الحاصلة على الامتياز والناشطة في جنوب البلاد مع شركات أخرى متعددة الجنسيات.
وأتبع قرار التأميم بالتوقيع في 11 أفريل 1971 على أمر يتضمن إصدار القانون الأساسي حول المحروقات الذي يحدد الإطار الذي ستمارس فيه الشركات الأجنبية نشاطاتها المتعلقة بالاستكشاف والتنقيب عن المحروقات.
وبموجب هذا القرار الإستراتيجي تمكنت الجزائر من حيازة 51 بالمائة على الأقل من الشركات الفرنسية الحاصلة على الامتياز على غرار سي أف بي أ و بتروبار و كوباركس وغيرها.
كما تم تأميم كل المصالح المنجمية التي تحوي حقول الغاز الطبيعي وكذا كل المصالح التي تحوزها شركات نقل المحروقات يوم 24 فيفري 1971.
وتم تسوية النزاع الناجم عن هذا القرار نهائيا بالتوقيع- في 30 جوان 1971 بين سوناطراك و سي أف بي أ و13 ديسمبر من نفس السنة بين سوناطراك و أو.أل.أف-أو.أر.أ.بي - على اتفاقيات حول الشروط الجديدة المحددة لهذه الأنشطة في الجزائر.
وبالإضافة إلى بعده السياسي أدى بسط السيادة الوطنية على قطاع المحروقات إلى بروز الشركة الوطنية لنقل وتسويق المحروقات (سوناطراك) بقوة في المشهد الإقليمي وحتى الدولي رغم حداثة نشأتها.
ويبقى تعزيز جهود استكشاف الطاقة والغاز وتثمين جميع الموارد الطاقوية بما فيها الطاقات المتجددة أمرا حيويا للاستجابة للتطور المستمر للاستهلاك المحلي والوفاء بالالتزامات الدولية في مجال التموين والمساهمة في تمويل التنمية الاقتصادية والاجتماعية وضمان استمرارية وديمومة الاستقلال الطاقوي للبلاد.