المصنع الشبح يحاصر سكان فرانكو

  • PDF

ضحايا الإسمنت يستغيثون بالرايس حميدو !
المصنع الشبح يحاصر سكان فرانكو
هدد سكان حي فرانكو  ببلدية رايس حميدو بالعاصمة  بالخروج الى الشارع تنديدا على الأوضاع الكارثية التي يعيشونها بسبب ما يخلفه مصنع الإسمنت من أمراض مزمنة والذي تسبب في إصابة 85 بالمائة من المواطنين بالحساسية المفرطة ما جعل البخاخة رفيق كل واحد يقطن بالمنطقة !
مليكة حراث

عنوان الصورة:
هذا المصنع مصدر للأمراض !
تزخر العاصمة وما جاورها من المدن بمناظر خلابة تجعلها قبلة العديد من المواطنين سواء منها ما كان ذو واجهة بحرية أو تميزها مسحات خضراء أو جبال تجعل الناظر إليها لا يغيرها بأي مكان آخر لكن مع الأسف تعاني بعض المناطق أو بالأحرى أغلبها من سطو الإنسان الذي يسلب بهاءها وجمالها.
من بين تلك المناطق التي سلبت زرقة بحرها وعذوبة هوائها على يد الإنسان منطقة فرانكو ببلدية الرايس حميدو التي تعد من بين أهم البلديات التي تستقطب مئات السياح في كل موسم اصطياف على الرغم من فقرها وميزانية مدخولها المحدود وما زاد الطين بلة بالنسبة لهذه البلدية هو تواجد مصنع للإسمنت الذي اضحى  خطرا متربصا بحياة سكان المنطقة فهو شبح يهدِّد صحة المواطنين ويجعل أغلبهم يصابون بأمراض مزمنة على غرار الربو صعوبة التنفس  ومختلف الأمراض الأخرى فإن لم يكونوا قد أصيبوا بعد فهم على وشك الإصابة والأعراض متباينة.
مأساة طويلة
وللحصول على بعض المعلومات عن هذا المصنع وما يسببه من اختناقات للسكان ومن تهديد لصحتهم خصوصا منهم الأطفال اتجهت (أخبار اليوم) إلى البلدية للاطلاع عن كثب على حال المتضررين هناك ومن خلال هذه الزيارة إلى عين المكان استطعنا الحصول على تاريخ هذا المصنع الشبح الذي يعود إلى سنة 1911 وهو الواقع بمحاذاة الطريق الوطني رقم 11 وبالتحديد في مدخل بلدية الرايس حميدو وهو المصنع الذي أسماه السكان (بالمرض العضال) والمقبرة بالنسبة لهم حيث وفي إحصائيات لرئيس البلدية زعيوة بوجمعة التي قدمها لنا أثناء زيارتنا للبلدية جاوزت 80 بالمائة من السكان المصابين بمرض الربو والحساسية وأمراض أخرى خاصة منهم فئة الأطفال الذين يعدون الأكثر عرضة للإصابة بالأمراض نظرا لحساسية أجسامهم الصغيرة.
ومن بين الأحياء التي قامت (أخبار اليوم) بالتوجه إليها والتي كانت الأقرب مسافة إلى ذلك المصنع شارع حميد قبلاج عمار ملاح مبروك بلحسن وحي ميرامار والشيء الذي جعل الحقائق تتجلى على أرض الواقع بالنسبة إلينا لدى التوجه إلى المكان هو أن السكان قد أجروا اتصالا هاتفيا مباشرا مع (أخبار اليوم) مما جعل الزيارة التي قادتنا إلى مساكن المواطنين تكون بمثابة اكتشاف للحقيقة وليست للمجاملة أو الترحاب وهو ما حدث فعلا حيث شاهدنا وبمجرد الوصول إلى عين المكان بساطا من الإسمنت الذي عوّض الزرابي والأفرشة المخملية في كل بيت دخلناه هناك ناهيك عن الغبار الكثيف الذي يغطي النوافذ التي تنفثه فور الشروع في فتحها والأمرّ أن فتح النوافذ يكون مرات قليلة فقط في اليوم حتى لا يختنق الأطفال والنسوة الماكثات بالبيوت مما يزيد من تدهور الأوضاع الصحية حيث من المعروف أن التهوية أمر لا يختلف اثنان في أهميته لكن في هذه الحالة يكون الاختناق داخل جدران البيت أهون وأكثر وقاية من فتح الشرفات للتهوية.
لم تكن المساكن هي الوحيدة المتضررة من نفايات المصنع وروائحه وغباره بل إن الضرر تعدى إلى المدارس المجاورة له منها مدرسة أم العيد آل خليفة فهي الأكثر تضررا وعرضة للغبار والنفايات الإسمنتية بدليل أن معظم التلاميذ المتمدرسين هناك مصابون بالحساسية أو الربو وهذا حسب شهادات الأولياء الذين ناب عنهم السيد محمد بلقول (على الأقل يوجد شخص أو شخصان ببلدية رايس حميدو مصابٌ بأمراض مزمنة نتيجة لغبار المصنع ونحن نطالب السلطات الوصية ووزير الصحة بالنظر إلى وضعنا ووضع أطفالنا الصحي والوقوف على هذا المشكل الذي بات يؤرقنا ويؤرق البلدية بأكملها) والتي يفوق عدد سكانها 32 ألف نسمة.
أما رئيس البلدية قال إن المصنع رغم تسببه في تلوث المحيط إلا أنه مصدر رزق للعديد من العائلات التي تبلغ 600 عائلة وهو يرى أيضا أنه بالإمكان احتواء السلبيات بتوظيف الطرق التقنية لتحديث المصفاة وتجنب كل ما يسببه من أمراض الربو والحساسية المفرطة التي أصيب بها السكان وأضاف أيضا أن كل المداخيل التي يوفرها مصنع الإسمنت تذهب مباشرة للوحدة الأم المتواجدة ببلدية مفتاح ولا تستفيد بلديته ولو بجزء بسيط من تلك المداخيل باعتبارها المتضرر الأول مما يتسبب به ذاك الأخير من أضرار على السكان وعلى البيئة بشكل عام.