إلى جانب رفاة بشرية تعود إلى العهود القديمة
العثور على أثار ثمينة في حفريات الميترو بساحة الشهداء !
مليكة حراث
بعد سنوات من التنقيب في محطة الحافلات الرئيسية بساحة الشهداء يتطلع العاصميون الى معرفة ما الذي أسفرت عنه العملية حتى الآن خصوصا وأنها عملية تطلبت الكثير من الوقت والإمكانات المادية والبشرية وعطلت مشروعا كبيرا كمشروع الميترو واقتطعت حيزا كبيرا من محطة الحافلات وتسببت في اكتظاظ شديد خنق الحي وعطل حركة المرور.
وحسب عبد الوهاب زقاق أحد مسؤولي المشروع فإن هناك عمل كثير في موقع ساحة الشهداء وقد استعنا بالخبراء الجزائريين والأجانب وقمنا بتوظيف عدد كبير من شبان الحي وهم شبان ليست لديهم خبرة كافية في مجال التنقيب واستخراج الآثار ولكن المختصين يقومون بتعليمهم أصول العمل ليصبحوا في المستقبل فريقا يمكن الاعتماد عليه . ويضيف المتحدث أن أغلبية الشبان الذين تم توظيفهم بطالون وهكذا نساعدهم على القضاء على البطالة من جهة وعلى اكتساب خبرة من جهة أخرى تمكنهم من العمل مستقبلا معنا أو في مؤسسات خاصة في هذا المجال وبالتالي سوف لمن نحتاج إلى العمالة الأجنبية في المستقبل
سكان ساحة الشهداء وحي القصبة خائفون من مشروع الميترو لأنهم يخشون من انهيار منازلهم التي تنهار أصلا من حين لآخر بسبب قدمها الشديد الذي يعود إلى بدايات العهد العثماني في الجزائر. وحسب عبد الوهاب زقاق فإن هناك 700 منزل في القصبة معني بهذه المخاوف يقول في هذا الصدد: لأني كنت رئيس المشروع منذ 2007 فقد تم إحصاء وفحص وتدقيق لكل ما هو تاريخي وقمنا بتحديد المنازل المتضررة لكن لم نستطع أن نحدد هل هي متضررة بفعل الزمن أم بفعل قيام بعض عديمي الضمير بهدمها رغبة في الترحيل وإثبات ذلك صعب من الناحية القضائية.
الآثار التي عثر عليها في موقع ساحة الشهداء كثيرة وفي هذا الصدد يقول الباحث الأركيولوجي فريد إيغيل آحريز: اكتشفنا أن الجزائر تنام على تاريخها وبعد 27 شهرا من البحث توصلنا الى العثور على مكتشفات هامة من بينها قطع تاريخية تعود إلى 2000 سنة من الوجود وهي قطع فينيقية ونوميدية يعود بعضها الى مملكة موريتانيا القديمة وبعضها الى مملكة يوبا الثاني وكذا إلى ايكوزيون في القرن الأول الميلادي وأيضا وجدنا بناية كاملة من القرن الثاني ميلادي مزخرفة بالموزاييك مازالت على حالها تقريبا وهي مدفونة هناك الى جانب أثار تعود الى القرن الخامس والقرن السابع الميلاديين .
ومن المعثورات رفاة أطفال وكبار تعود الى الفترة نفسها فحي كامل كان مخصصا للصناعات التقليدية يعود الى ما بين القرنين السادس عشر والتاسع عشر الميلاديين مدفون في موقع ساحة الشهداء كما تم العثور على ورشة حدادة بكامل معداتها وبقايا بيت المال ومسجد السيدة الذي دمر عشية الاحتلال الفرنسي وأعيد البناء فوقه. وتم العثور أيضا على حلي ونقود قديمة.
ويضيف أحريز: الدراسة الأركيولوجية تسمح لنا بمعرفة تفاصيل الصناعة في ذلك الوقت وكذلك التبادلات التجارية في البحر الأبيض المتوسط نحن نعمل مع فريق بحث أركيولوجي جزائري CNRA بالتعاون مع الشركة الفرنسية INRAP ونحن نقوم بأبحاث لمعرفة تاريخ الجزائر والمغرب العربي على أساس الأدلة التاريخية التي سنعثر عليها هذه الأبحاث تتم لأول مرة في الجزائر بهذا المستوى حيث نقوم ببحث اركيولوجي دون توقف رفقة مختصين وشباب متطوع ومشغّل داخل مدينة كبيرة ومكتظة بالسكان والبنايات القديمة .