ركود غير مسبوق بسبب تراجع التسويق

  • PDF

الزربية التقليدية بغرداية:
ركود غير مسبوق بسبب تراجع التسويق 
تشهد الزربية التقليدية المنسوجة من الصوف يدويا بغرداية والتي تشكل مصدر دخل الكثير من النساء والعائلات الريفية حالة من الركود والمنافسة غير المتساوية بسبب رواج الزربية التي تنجها مصانع متخصصة في هذا النوع من المنتوج الفني للمرأة بالجزائر العميقة.

ق. م
انعكس تراجع تسويق منتوج الزربية التقليدية المنسوجة من الصوف الخالص على دخل المرأة الريفية بشكل ملحوظ وأيضا لدى تجار الزرابي التقليدية بسوق غرداية التي هجرها المشترون سيما السياح الأجانب وكذا إقبال الزبائن المحليين على الزربية الصناعية التي تباع بأسعار مخفضة حيث تمر بركود غير مسبوق من حيث تسويقها نظرا لسعرها المرتفع مقارنة بثمن الزربية الصناعية فضلا عن غياب السياح الأجانب لاسيما بعد انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) وما فرضه من غلق للحدود.
وذكر ذات المصدر أن كل عائلة غرداوية تمارس حرفة النسيج التي تدخل ضمن نشاطها اليومي العادي حيث تعمل نحو 15 ألف امرأة حرفية بالبيت أو بتعاونيات لاسيما بمدينتي المنيعة وبني يزقن لاسيما نسج الزرابي التي تعد ركيزة الاقتصاد المحلي لافتا أن مصيرها مرتبط بالسياح ومنظمي الرحلات الدولية والداخلية.
ويرى تجار الزربية التقليدية أن حل هذه المشكلة يتطلب تظافر جهود الفاعلين الاقتصاديين والمسؤولين على الصعيدين الوطني والمحلي من أجل ترقية وتسويق هذا المنتوج الهام الذي يعتبر مفخرة لكل منطقة من الوطن بالإضافة إلى ما تحمله من أبعاد اقتصادية وثقافية تعكس مدى إبداع المخيال الاجتماعي والتقاليد الشفوية التي تتشبث بها الحرفيات.

رسائل من جيل إلى آخر 
وينظر للزربية عموما على أنها لوحة مزخرفة تضفي الإشراق وتزين داخل المنازل عند استعمالها ديكورا منزليا كما أنها تنقل أيضا رسائل تعكس ثقافة فنية غنية ومتنوعة بحيث يعتبر العنصر النسوي الركيزة الأساسية للحفاظ عليه ونقله من جيل إلى آخر كما تشكل كذلك وسيطا حقيقيا ينقل معالم تاريخ وثقافة التي لها صلة بالركيزة الاجتماعية وتبرز الحياة اليومية للنساجات من خلال التعبيرعبررموز معقدة وأشكال هندسية ورسومات مجردة ذات دلائل معبرة.
كما أنها تعبر أيضا بكل أمانة من خلال رموز مميزة الانتماء عن الوسط الإجتماعي لكل منطقة من الجزائرالعميقة وتبرز ثقافة وعادات الأجداد حيث تمتلك كل منطقة دليلا للرسومات والرموز والزخارف الفنية الخاصة بها في الزربية والتي تتمثل عموما في الأشكال الهندسية المتنوعة على غرار المثلثات والمعينات أيضا رسوم وهوامش نمطية.
ومن بين مناطق البلاد التي تتميزبخصوصية فنية نموذجية والتي تعكس مدى التجذر الحقيقي للثقافة والهوية القبائل الأوراس وميزاب وتلمسان والهضاب العليا وجبال لعمور.
وانطلاقا من زربية آث هشام بمنطقة القبائل ثم زربية بني يزقن (غرداية) مرورا بزرابي النمامشة وقصر الشلالة وآفلو والأغواط فإن التعابير الفنية ورمز كل منطقة يتجلى من خلال الرسوم والرموز التي يعاد تشكيلها على الزربية من قبل أنامل النساجات بإتقان مميز وبكل صبر بالإضافة إلى ذلك تقدم تلك النساجات من خلال الزربية وبعناية معالم هامة لها صلة مباشرة بالبيئة الاجتماعية والمخيال الإجتماعي الذي ينتمين إليه كقيمة فنية كما تتشكل الزربية التقليدية من صورفنية تتطابق أصالتها مع تناسق الأشكال حيث يمكن التعرف على كل منطقة من خلال ما تتضمنها من أنماط هندسية ورسوم ورموزمتطابقة مع الألوان المختارة بعناية من قبل الحرفيات.
وعلى سبيل المثال فإن زرابي مناطق جبل لعموروالناضور وسوقر وآفلو والبيض والأغواط كلها تشترك بكونها تتميز برسومات ممزوجة بألوان حمراء وسوداء وبيضاء وفيما يخص زربية قصر الشلالة فهي تنسج بأنماط جد متميزة وتحتوي على عديد الألوان والأشكال فيما تتميز زربية غرداية برسم مركزي يشبه النبات وشكل معبرعنه من النخيل بلونين (الأبيض والأسود) ولديهما ارتباطا وثيقا بالوسط الطبيعي حيث وعلى الرغم من أهميته وتأثيره على الاقتصاد الريفي فإن إنتاج الزربية يمر أزمة تهدد وجوده وتكشف عن الحاجة إلى إيجاد السبل والوسائل لإزالة كافة العوائق.

3511 حرفية في وضعية صعبة
ويرى مديرغرفة الصناعة التقليدية والحرف بميزاب بوبكر صديق تغاغرة أن الحرف المحلية سيما نسيج الزربية الذي يعيل أزيد من 3511 حرفية منتسبات للغرفة تعاني من مشاكل مختلفة بالخصوص المادة الأولية بالإضافة إلى ضعف قطاع السياحة في جذب السياح الأجانب أو عدم كفاية القروض الممنوحة للحرفين وعليه فإنه بات من الضروري تأهيل سلسلة الإنتاج بدءا من المواد الأولية والمعايير التقنية للآلات ومخطط الإنتاج ويضاف إلى ذلك التأهيل والتكوين المتواصل للنساجات وتعزيز التسويق على الصعيدين الوطني والدولي من خلال مضاعفة المشاركة في المعارض والصالونات وغيرها من التظاهرات الخاصة بالزربية.