حيّ على السلام

الأربعاء, 05 أبريل 2017


الشيخ: قسول جلول


ونصيح بأعلى النداء: حيّ على السلام حيّ على العدل والإحسان حيّ على مكارم الأخلاق حيّ على الاستسلام لخالق الأنام!!
منذ قرون ونحن نسمع النداء حي على الصلاة .... وما أجمله من نداء لأن الصلاة عماد الدين من أقامها أقام الدين ومن تركها ترك الدين قال تعالى في الآية الخامسة والأربعين من سورة العنكبوت وهي قوله تعالى: (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)(45) سورة العنكبوت.
الحقيقة كما قال النبي عليه الصلاة والسلام عماد الدِّين وكلمة عماد تعني العمود الذي في وسط الخيمة فالخَيْمة خَيْمة ما دام فيها هذا العمود فإذا نُزِل أصْبَحَتْ قِماشًا فالنبي عليه الصلاة والسلام قال:((الصلاة عماد الدِّين من أقامها فقد أقام الدِّين))
أراد من الصلاة أن تكون اتِّصالاً حقيقيًّا لا أداءً شعائِرِيًّا وفرق كبير بين الطُّقوس وبين العبادات فالعِبادات مُعَلَّلة بِمَصالِحِ الخَلْق والعبادات أفعال لها ثِمار يانِعَة والطُّقوس حركات وأقوال لا معنى لها فحينما تَخَلَّفَ المسلمون كان تَخَلُّفُهم بِسَبب تَرْك الصَّلاة لا ترْكِها كَأداء بل ترْكِ حقيقتِها
فمكارِمُ الأخلاق الأصيلة والحقيقيَّة مَخْزونة عند الله تعالى فإذا أحبَّ الله عبْدًا منَحَهُ خُلُقًا حسنًا كيف يَمْنَحُهُ هذا الخُلُق الحسَن ؟ مِن خِلال الصَّلاة فالصَّلاة اتِّصال ومن خِلال هذا الاتِّصال تُشْتَقُّ هذه المكارِم وتُشْتَقُّ هذه الكملات.
ولكن حال المسلمين غير حال الإسلام .. فالإسلام كله سلام كله أخلاق من بدايته إلى آخرته الخ ......!!
وصورة المسلمين لا تعكس سورة الإسلام .......؟ كما قال أحد الفلاسفة: الحمد لله أني عرفت الإسلام قبل أن أعرف المسلمين.   روجيه غارودي (فيلسوف وكاتب فرنسي) ...
وقال أحد المفكرين: كل الأمم تتطلع إلى مستقبل يقطع مع مساوئ ماضيها إلا بني يعرب يرون مستقبلهم في عودة الماضي...!!
فقلت ما دام هذا الرواح إلى المساجد استجابة لنداء الصلاة كما ذكرنا وهذا  تعبد فلماذا لا نظيف آذانا آخر ...!!.
ونصيح بأعلى النداء: حيّ على السلام حيّ على العدل والإحسان حيّ على مكارم الأخلاق حيّ على الاستسلام لخالق الأنام.
فالمشهد العام للمسلمين وماهم  فيه من فتن ومحن وإحن صور صادمة للخراب والدمار في جميع المجلات وستكون آثارها كبيرة على البلاد والعباد فبعض البلدان في قلب العاصفة ومنهم من تنتظر !!...وما بدلوا تبديلا.... وهم يقرأون ((إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْم حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ)) الرعد:11؟
ففي تلك الآثار المباركة التي تفوه بها خير البرية المصطفى صلى الله عليه وسلم وجدت كل النفوس من مختلف الأوطان والأطوار غذاء ينعش روحها فكم من عالم اقتبس من تلك الآيات وكم من إنسان ترقى بتلك الهدايات..!!
ففي هذه الظروف لا يسعنا إلا الرجوع إلى جوهر تعاليم الدين الإسلامي الداعية إلى التحلي بالرأفة والمودة والمحبة والرحمة حتى يتسنى لشعوب العالم أن تعيش في ظل الصلح والسلام وتنبذ من ورائها شبح الحروب والآلام.. وكم نحن بحاجة إلى أصوات من المفكرين والعلماء تعلو بصوتها وتصيح بأعلى النداء: حيّ على السلام حيّ على العدل والإحسان حيّ على مكارم الأخلاق حيّ على الاستسلام لخالق الأنام.
فما حل من نقيض ما قيل ما كان إلا نتاج نفوس ما شاهدت بأعينها النور المبين وما استنشقت الرائحة الزكية فخولت لها نفسها ما خولت وارتكبت باسمه ما ارتكبت وبذلك بكت عيون المقربين وتألمت صدور الصالحين.
هكذا عُرف هذا الدين في مختلف العهود والأقطار وظل شعارا خالدا في الأذهان وهمهم به البعض للآخر على أنه صحيح البنيان وبأن الدعوة المحمدية مبدأها سلام وآخرها سلام وشعارها الحب والأمان فاشتاقت الأرواح لنداء تفوح منه روائح المحبة والوئام واستبشروا بها خيرا بما فاض عليهم من تعاليم الإسلام وأهدى إليهم نظما بديعة متقنة الإحكام لتسيير أحوالهم وتنظيم مجتمعاتهم فكان الحافظ الكافي الشافي لعلل مجتمعاتهم وتحسين معاشهم فزرع فيهم قيم النبل والشجاعة والكرم وحسن الضيافة ونقّى ضمائرهم من شوائب مترسخة متمكنة من عقولهم وعاداتهم فكان كالدواء يسري في العروق للقضاء على الداء المتفشي في الأجسام فكم من نفس ارتاحت لندائه ورحبت بقيمه وتعاليمه فكان نورا يهديها في الظلمات ونجما بازغا يرشدها في طريقها ويقودها إلى شاطئ النجاة فأشرقت وتنورت وتعلمت واستحكمت في بيداء حياتها وأثرت في محيطها فكان لذلك صدا جميل ووقع لطيف قاد تلك المجتمعات إلى أوج ازدهارها ورخائها.. والسير قدما لتحقيق حضارة موحدة رايتها العدل والإحسان.
إمام مسجد القدس حيدرة/ الجزائر العاصممة