حوار الطرشان !

  • PDF


الشيخ: قسول جلول
من خلال تتبعنا لحصص تليفزيونية وإذاعية يطلق عليها أسماء مختلفة وتبذل في سبيل ذلك أموالا وتستهلك أوقاتا ...فعندما نحللها من جهة التوجيه وتكوين رأي عام نجد أنها تؤسس لفكرة ـ الأنا ـ وفي الحوارات والمناقشات يصل الحوار إلى حوار طرشان حينما يتعمدأحد المتحاورين إلغاء التواصل معك!! وذلك بتعمد عدم التعاطي الإيجابي معك أوالتعاطي السلبي. وينتقد وينفعل  ويتنرفز ويصبح الحوار حلبة صراع قد يتحول إلى إرهاب فكري ...فحسب الصحافة البرنامج الناجج هو من تكون فيه إلإثارة لكسب عدد كبير من المشاهدين ولا يهم هذا الحوار حقق هدفه ....أم لا ...؟
وبهذه الحورات الطرشانة لا تصل إلى نتيجة ...!! وإنما تصل إلى حقيقة وهو أن البرنامج يهدف إلى صرف نظرك عما تريد إيصاله للمتتبعين والمشاهدين وتحصل مثل هكذا حالات حينما يجد المحاور نفسه أو المنشط للحصة محجوج ومغلوب في حواره..!!
وكثيرا ما يلجأ المنشط أو المحاور إلى صرف نظرالطرف الآخر عن عجزه وفشله بالتركيزعلى أمر آخر لاعلاقة له بالموضوع تحت الحوار.
آن الآن فتح الجامعات الصيفية والمراكز الثقافية والمساجد والإذاعات والقنوات التليفزيونية والمجتمع المدني لتغيير السلوك الإرهابي في الألفاظ والمعاني إلى سلوك حضاري يخدم التعاون ونشر ثقافة الحوار والسلم والمصالحة والتصالح والتعايش بين أفراد المجتمع !!
ونحاور الناس حسب عقولهم وأفكارهم ومحاجات الحجة بالحجة والفكرة بالفكرة بالإقناع ...ومن وراء ذلك النية الصادقة وأنتم تقرؤون سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم كيف دعا إلى لغة الحواروالتفاهم وأن أهم طرق مكافحة الفكر الإقصائي وإرهاب الكلمة هو الحوار المقنع والمناظرة مع أصحاب هذا التفكير لإقناعهم بخطأ اعتقادهم وإفهامهم ضرورة مراجعة فهمهم للدين وضرورة فتح حورات فكرية لتحصين مجتمعنا من فكر الغلو والتطرف ومحاربة انتشار فكر تكفير المجتمع تكفير العلماء تكفير الشعوب وفكرة التكفير فعندما يكفر يباح دمه وعرضه وماله !!؟ والإسلام يضمن حرية التفكير وحرية التعبير فألف الناس الكتب وحصلت الحوارات بين مجتهدي المذاهب المختلفة ولم يكن فيها اعتداء ولاإرهاب. بينما نلاحظ بكل أسى لدى المتأخرين اليوم من أشباه المتعلمين ينتصرون لمذاهبهم بالقوة ويريدون أن يفرضوها بالسلاح فكان هذا نوع آخر من أنواع الإرهاب أو سببا آخر من أسباب الإرهاب وذلك أن التعصب للمذاهب أصبح متداخلا في التصرف العام والتوجيه السياسي قديما كانوا إذا أراد الإنسان أن ينتصر لمذهبه ألف تأليفا وأقام حجة وناقش وناظر وجادل أما اليوم فإذا أراد أن ينصر مذهبه يقتل من يخالفه ويهدده أو يحاول الاعتداء عليه وهذا مخالف للسلوك الحضاري !!
فقد أصبح الكثير من الناس في حياته في مجتمعه في حواراته ... لا يسمع ! لا يتحاور لا يناقش ..يعيش بفكر فرعون ...(ما أريكم إلا ما أرى وبعلم قارون (إنما أوتيته على علم عندي)!!
حياته لا يمكن أن تكون حياة يطبعها التعايش السلمي... وإن حاورته  فحوار الطرشان ...!!


تحذير رباني
مع أن الدين جاء من أجل التعايش السلمي بين الناس حتى ولو اختلوا في كل شيء ولو في أصل الدين وفي الاعتقاد فيمكن أن نتعايش فالله تعالى يقول: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم) سورة الممتحنة الآية 8 هذا مع  غير المسلمين فما بالك بالمسلمين. فالفهم الدقيق الذي نحتاج إلى ترسيخه وأرجو أن يفهم من خلال هذا المنبر الإعلامي ـ جريدة أخبار اليوم ـ أن التعليم الديني يهتم بترسيخ العقائد والأخلاق والتربية الصحيحة وأن الشباب إذا لم يجد من يفهمهم العقيدة الصحيحة سيأخذونها من نظرائهم وليس عن أستاذ كبير ولا عالم يأخذون منه وبعدها يتيهون ويكونون أداة في أيدي أعداء الدين. وأن الوسيلة المثلى هي ما كان في صدر الإسلام من المناظرة والحوار فهذا الذي تغير به الأفكار فلذلك الحل هو في الحوار والمناظرة. وبلادنا قد جربت هذا الأسلوب وكان الحوار ناجحا متمثلا في الوئام والمصالحة وأخرجت من كانوا في وقت من الأوقات يريقون ويسفكون الدماء ويعتدون على الناس فراجعوا هذه الأفكار فتركوها. ومن المهم أن يكون الحوار مع أكفاء لهم الكفاءة وفقه الواقع الذي يدعو فيه وأن الحوار لا بد أن يكون مقنعا وأن يكون منطلقا من معرفة بالفكر المضاد من لا يعرف الفكر المضاد لا يمكن أن يرده لا بد أن يدرس الإنسان الفكر والشبهة ثم يعرف حلها والعمل على التحصين الفكري والعناية بالشباب الذين لديهم قابلية لاعتناق أفكار وافدة وطارئة ولا يمكن أن تحصنهم بإغلاق مسامعهم فوسائل الإعلام في كل البيوت والأنترنت تنقل الغث والسمين وبالإمكان أن يطلع الإنسان فيها على كل فكرة ولو كانت فكرة إبليسية شيطانية يطلع عليها كل الناس ولقد صدق الوزير الأول عبد المالك سلال عنما قال في خطابه الشعب والجيش لمحاربة الإرهاب وكما قال العربي بلمهيدي أرموا الثورة للشعب!!. ففهم الشعب مكانته ومنزلته من أمته في محاربة الإرهاب وأن الجنود هم من الشعب كأن الإرهاب يضرب الشعب فهبت كل شرائح المجتمع ووقفت كرجل واحد!!
وتقول للإرهاب لامكانة لك في الجزائر وتقول للشعب دافع عن  أمتك فكل في مكانه كلكم مسؤولون وكلكم مسؤول عن رعيته مسؤولية الجيش والأمن هي حماية حدود الوطن وما هي مسؤوليتك أيها المواطن أيها المعلم هي حماية الحدود الفكرية والثقافة الدينية للوطن وما هي مسؤولية رجال الاقتصاد هي حماية منتوجنا الوطني وإزالة الخلاف والاختلاف ونضع خارطة  الطريق وميثاق عمل نلزم فيه أنفسنا تجاه أمتنا والمحافظة عليه ونحتفظ لأنفسنا بقناعتنا الشخصية والدينية لأننا  قد نصبر  على الجوع ولكننا لا نصبر على الخوف واللاأمن الذي يستهوي  ضعاف العقول للمغامرة والانتحار.!! يجب أن نتعاون في خندق واحد في حربنا ضد الإرهاب وأن القضاء عليه هو واجب ديني ووطني.
امام بمسجد القدس يحيدرة/ العاصمة