لا تُنْزَع الرحمة إلا من شقيّ

  • PDF


لا تُنْزَع الرحمة إلا من شقيّ
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (لا تنزع الرحمة إلا من شقي) رواه الترمذي وحسنه الألباني .
قال الطيبي: لأن الرحمة في الخلق رقة القلب والرقة في القلب علامة الإيمان فمن لا رقة له لا إيمان له ومن لا إيمان له شقي فمن لا يرزق الرقة شقي .
وقال القرطبي: الرحمة رقة وحنوّ يجده الإنسان في نفسه عند رؤية مُبْتَلَى أو صغير أو ضعيف يحمله على الإحسان إليه واللطف والرفق به والسعي في كشف ما به .. فمن خلق اللّه في قلبه هذه الرحمة الحاملة على الرفق وكشف ضرر المُبتلى فقد رحمه اللّه بذلك في الجنان وجعل ذلك على رحمته إياه في المآل فمن سلبه ذلك المعنى وابتلاه بنقيضه من القسوة والغلظة ولم يلطف بضعيف ولا أشفق على مُبتلى فقد أشقاه حالاً وجعل ذلك علماً على شقوته مآلاً نعوذ باللّه من ذلك .
فالشفقة والرحمة بالآخرين أمر يحبه الله ـ عز وجل ـ ويرضاه لعباده وهو هدي وحال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع الناس عامة ومع المؤمنين خاصة قال الله ـ تعالى ـ عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ: { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ }(الأنبياء الآية: 107) وقال: { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ }(التوبة الآية: 128) وعن عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) رواه الترمذي .
وقد عرف الصحابة الكرام ـ رضوان الله عليهم ـ هذا الخلق من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأحسوا به في تعاملهم معه فعن مالك بن الحويرث ـ رضي الله عنه ـ قال: (أتيت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في نفر من قومي فأقمنا عنده عشرين ليلة وكان رحيما رفيقا) رواه البخاري وعن عمران بن حصين ـ رضي الله عنه ـ قال: (وكان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ رحيما رقيقا) رواه مسلم .