من ترك شيئًا لله عوضه في الدنيا والآخرة

  • PDF


من خطبة الجمعة بالمسجد الحرام: 
من ترك شيئًا لله عوضه في الدنيا والآخرة
دارت خطبة الجمعة بالمسجد الحرام حول تزكية النفس وترك الشبهات حيث أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الدكتور فيصل بن جميل غزاوي بتقوى الله في السر والعلن قائلًا أن االله سبحانه وتعالى وجه عباده إلى تقويم أنفسهم وتزكيتها دائمًا فقال: وَنَفْس وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا وأوضح غزاوي أن الصبر والمجاهدة هما وسيلة من يريد تزكية نفسه وتأسيس قلبه على التقوى مؤكدًا أن من توكل على الله وترك العادات السيئة لأجل الله سبحانه وتعالى لن يشعر بأي مشقة إلا في بداية الأمر لكن بعد ذلك ستتحول للذة ويذوق حلاوة الطاعة وإنما المشقة في بداية ترك المنكرات إنما هي اختبار له هل تركها لله صادقًا مخلصًا أم لغيره.
وقال الغزاوي أن من ترك شيئًا لله عوضه الله خير منه فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إنَّكَ لن تدَعَ شيئًا اتِّقاءَ اللَّهِ جَلَّ وعَزَّ إلَّا أعطاكَ اللَّهُ خيرًا منه رواه أحمد وفي رواية له: إنك لَن تدَع شيئًا للهِ عزَّ وجلَّ إلا بدلك اللهُ به ما هو خيرٌ لكَ منه وأضاف الغزاوي أن عوض الله لمن ترك شيئًا له ثابت فقهيُا فمن يفعل ذلك لا يشعر بالفقد مؤكدًا أن من عاد إلى الله وترك الشرك به واناب إليه يطمئن قلبه وينشرح صدره ويسلم عقله ويجتمع له فكره وتصفو نفسه وتكون له البشرى في الدنيا والآخرة.
وأشار إمام وخطيب المسجد الحرام أن من ترك ما اشتبه عليه من أمور فقد اتقى الشبهات مخافة الوقوع في المحرمات فيرفع الله ذكره وينشر فضله ويرزقه حب الناس واضاف أن من ترك سؤال الناس ورجاءهم واحراجهم وعلق رجاءه على الله دون غيره عوضه الله خيرًا مما ترك وكذلك من ترك الربا والكسب الخبيث يبارك الله في رزقه ومن ترك المغالاة في المهور يبارك له في زواجه وأكد غزاوي أن قاعدة من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرا منه لها دلائل عديدة في القرآن الكريم ومنها ما ذكره القرآن عن بعض الأنبياء كإبراهيم عليه السلام عندما اعتزل قومه وأباه وما يدعون من دون الله فوهب الله له اسحاق ويعقوب وذرية صالحة وكفاه وكذلك حين ترك يوسف عليه السلام المعصية والوقوع في الفاحشة وقد تيسرت له أسبابها خوفًا من الله فأعطاه الله السعادة والعزة والكرامة في الدنيا والآخرة.
لكن لفت الغزاوي النظر إلى أن عوض الله ليس منا لضرورة أن يكون بشيء محسوس ملموس بل أن أعظم عوض هو الأنس بالله ومحبته وطمأنينة القلب بذكره وقوته ونشاطه ورضاه عن ربه وهوما يفوق جميع لذات الدنيا قائلًا أن الله سبحانه وتعالى قد يؤجل جزاء العبد على ما ترك إلى الآخرة وهو أعظم وأفضل.