أحكام وضوابط لأداء فريضة الحج في زمن كورونا

  • PDF


وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّـهِ
أحكام وضوابط لأداء فريضة الحج في زمن كورونا
الحج اصطلاحا هو قَصْد بيت الله الحرام لأداء مناسك مخصوصة ويُعرَّف بأنّه: زيارة مكان مُعيَّن في زمن مُعيَّن بنيّة أداء مناسك الحجّ بعد الإحرام لها والمكان هو: الكعبة وعرفة والوقت المُعيَّن هو: أشهر الحجّ وهي: شوّال وذو القعدة وذو الحِجّة.
ويعد الحجّ أحد أركان الإسلام الخمسة وفريضةٌ من فرائض الإسلام وقد ثبتت مشروعيّته في القرآن والسنّة والإجماع فمِن النصوص الدالّة على وجوب الحجّ من كتاب الله: قَوْله -تعالى-: وَلِلَّـهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّـهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ وقَوْله -تعالى-: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّـهِ.
الحج بين الكتاب والسنة
نفس الأمر تكرر في السنّة النبويّة: حيث نقل عن النبي صلي الله عليه وسلم  بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْس : شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ وإقَامِ الصَّلَاةِ وإيتَاءِ الزَّكَاةِ والحَجِّ وصَوْمِ رَمَضَانَ وممّا يدلّ على وجوب تلك العبادة مرّةً واحدةً في العُمر من السنّة النبويّة ما ثبت عن الصحابيّ أبي هريرة -رضي الله عنه-: خَطَبَنَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: أَيُّهَا النَّاسُ قدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الحَجَّ فَحُجُّوا فَقالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَام يا رَسولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ حتَّى قالَهَا ثَلَاثًا فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: لو قُلتُ: نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَما اسْتَطَعْتُمْ ثُمَّ قالَ: ذَرُونِي ما تَرَكْتُكُمْ فإنَّما هَلَكَ مَن كانَ قَبْلَكُمْ بكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ علَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بشيء فَأْتُوا منه ما اسْتَطَعْتُمْ وإذَا نَهَيْتُكُمْ عن شيء فَدَعُوهُ)
كما أجمع المسلمون على وجوب الحجّ على المسلم البالغ العاقل الحُرّ مرّةً واحدةً في العُمر حال توفُّر الاستطاعة والقدرة على أدائها.
وهناك ثمانية أحكام شرعية فيما يتعلق بأداء فريضة الحج في زمان كورونا ففي مقدمتها أن الحجُّ فرضُ عين على المستطيع في العمر مرةً واحدة وهو ركنٌ من أركان الإسلام الخمس قال تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا }. آل عمران: 97
*أحكام شرعية تنظم الحج في زمن كورونا
ومن الأحكام الشرعية كذلك التي تحكم فريضة الحج في زمن كرونا أن تصرفاتُ وليّ الأمر في أمور الرعية منوطةٌ بالمصلحة لذا يجوزُ له تقييد فريضة الحج حالَ خوفِ انتشارِ وباء ككورونا إذا قرَّر أهلُ الاختصاص أنَّ الاجتماعَ إليه والازدحامَ في أداء مناسكه من أسباب انتشار الوباء ولا يخفى ما قررته أصولُ الشريعة من الأمر بحفظ الأنفس الذي هو من أسمى مقاصدها وتقديم دَرْءِ المفسدة على جلب المصلحة.
*جوز إقامةُ فريضة الحج بأعداد محدودة من بلاد الحرمين دون غيرها في زمن الوباء لأدلة الشريعة العامة التي تحرّمُ نقلَ عدوى الأوبئة من مكان لآخر والتي تأمر بحفظ الأنفس قال الله تعالى : {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة:195] وقد وردت هذه الآية قبل قول الله سبحانه مباشرة: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ..}. [البقرة: 196]
*إذا نوى المسلمُ أداءَ حج الفرض لهذا العام ومنَعه من الأداء قصرُ الحج على سُكان بلاد الحرمين فإنّ حجّ الفرض لا يسقط عنه ما دام مستطيعًا وعليه أن يبادر بأدائه متى تيسرت سبله.▪️مَن ادخر مالًا لحجّ على سبيل النافلة ثم منعه مانعٌ من أدائه وواسى بالمال المرضى والفقراءَ والمتضررين من الوباء لا سيما في حال عموم البلوى وزيادة الحاجة فقد أدّى بهذا صدقةً من أعظم الصدقات وحصّل أجرَ الحج بنيّته إن شاء الله تعالى.
▪️تقبيلُ الحجر الأسود وملامستُه من الشعائر الروحية التي يحرص الحاجُّ على أدائها وتكفي الإشارة إليه في زمن كورونا كإجراء احترازي لمنع انتشار وبائه سيما وأن تقبيلَ الحجر شعيرةٌ مستحبةٌ والحفاظ على النفس واجبٌ مُحتَّم.
▪️من أحرم بالحج ثم حبسه المرض عن إتمام مناسكه جاز له التحللُ رفعًا للحرج ودفعًا للمشقة بشرط دوامِ الإحصار بالمرض بعد الدخول في النسك وقبل الوقوف بعرفة فإن وقع بعد ذلك فلا إحصار لكمال النسك فعَنْ أم المؤمنين عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ لَهَا: لَعَلَّكِ أَرَدْتِ الحَجَّ؟ قَالَتْ: وَاللَّهِ لاَ أَجِدُنِي إِلَّا وَجِعَةً فَقَالَ لَهَا: حُجِّي وَاشْتَرِطِي وَقُولِي: اللَّهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي . [أخرجه البخاري]
▪إذا تحلل الحاج للإحصار وجب عليه ذبحُ ما تيسر من الهدي شاة فما فوقها لقوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [ البقرة:96] وليس عليه قضاءُ الحج على الراجح.