هذه صفات المنافق المذكورة في القرآن

  • PDF

إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ
هذه صفات المنافق المذكورة في القرآن
شرح القرآن الكريم صفات المنافقين بأسلوب لم يسبق إليه أحد سواء من الناحية النفسية أو من الناحية العقدية حيث إن المنافق قد لا يكون مجرد خائنًا لوطنه ودينه وعقيدته فقط ولكن المنافق هو إنسان مضطرب ومهتز نفسيًا يحتاج إلى من يشرح شخصيته تشريحًا صحيحًا حتى تتعرف على أسرار شخصيته الحقيقية وتغوص في دوافعها وشهواتها ونزواتها ومبرراتها حتى لا ينطلي عليك كذبه.
*ما هو النفاق؟
النفاق على نوعين: أكبر وأصغر كما قسمه بعض أهل العلم فالنفاق الأكبر هو المخرج من الملة وهو الذي له تعلق بالاعتقاد كأن يبطن الكفر ويظهر الإيمان أو أن يأتي الشخص مكفراً من المكفرات كاستهزائه بالشريعة أو استهزائه بالرسول صلى الله عليه وسلم أو استهزائه بالصحابة رضي الله عنهم فهذا نفاق أكبر يخرج صاحبه من دين الإسلام وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم.
قال الله تعالى: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ* لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَة مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ﴾التوبة: 65 66.
ويقول أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاث من كن فيه فهو منافق وإن صام وصلى وقال إني مسلم إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان) متفق عليه.
وعن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا اؤتمن خان وإذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر) متفق عليه.
*صفات المنافقين:
أولا: إظهار الخير وإسرار الشر
قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ} فهم في معاملاتهم وحلاوة ألسنتهم في الكلام تحسبهم مؤمنين والله يكشف حالهم ويفضحهم إلى الأبد ليقول: (وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ) بل حقيقتهم الكفر وبغض الدين.
وقال تعالى: {إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} (1) سورة المنافقون.
ثانيا: المخادعة والمكر
قال تعالى: {يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ} (9) سورة البقرة.
ويحصل الخداع منهم لله ورسوله وللمؤمنين ويكون ذلك بإظهارهم ما أظهروه من الإيمان مع إسرارهم الكفر فيعتقدون بجهلهم أنهم يخدعون الله بذلك وأن ذاك نافعهم عند الله وأنه يروج على بعض المؤمنين كما قال سبحانه: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْء أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ} (18) سورة المجادلة.
ثالثا: قلوبهم مريضة
قال تعالى: {فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} المرض هو الشك في حقيقة هذا الدين وصلاحيته لحكم الأرض والدنيا بأجمعها.
رابعا: يفسدون في الأرض ويزعمون الإصلاح!
قال تعالى: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ .
فأهل النفاق مفسدون في الأرض بمعصيتهم فيها ربهم وركوبهم فيها ما نهاهم عن ركوبه وتضييعهم فرائضه وشكهم في دينه الذي لا يقبل من أحد عمل إلا بالتصديق به والإيقان بحقيقته وكذبهم على المؤمنين بدعواهم غير ما هم عليه مقيمون من الشك والريب.
فرد الله عليهم: {أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ} أي: ألا إن هذا الذي يعتمدونه ويزعمون أنه إصلاح هو عين الفساد ولكن من جهلهم لا يشعرون بكونه فساداً.6
خامسا: الاستهزاء بالمؤمنين وعقيدتهم
قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَكِن لاَّ يَعْلَمُونَ} أي إذا قيل للمنافقين: آمنوا كما آمن الناس وذلك بأن يصدقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم وشرعه كما آمن الناس الصادقون من الصحابة والتابعين ومن تبعهم في الهداية كان الرد منهم على هذا الجواب رداً قبيحاً يدل على تعالي نفوسهم الدنيئة.
سادسا: المؤامرة على المؤمنين ومعاونة الكافرين
قال تعالى: {وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ.
وهذه صفة من أخبث الصفات لأنها تخالف الفطرة جملة وتفصيلاً وهي إلى جانب كونها تخالف الفطرة التي فطر الإنسان عليها لا تليق بالرجال ففطرة فالإنسان فطر على الحق والصدق والصراحة وعدم المراوغة أو الخداع أو الظهور بأكثر من وجه أمام الناس وأما كونها لا تليق بالرجال.
ومن ضمن صفات المنافقين :
- المخادعة لله تعالى وللمؤمنين.
- مرض القلب قيل هو الشك وقيل الرياء.
- الإفساد في الأرض بالكفر والمعصية.
- وصفهم للمؤمنين بالسفه.
- التردد والتذبذب حيث يكونون مع المؤمنين تارة ومع الكافرين تارة أخرى.
- السخرية والاستهزاء بالمؤمنين.
- الحلف الكاذب تقية خشية القتل.
- الختم على قلوبهم فلا يصل إليها حق ولا نور.
- عِظَم الأجسام والبلاغة في الخطاب فكأنهم صور لا حقيقة لها.
- الخوف والهلع الذي يأكل قلوبهم.
- الحكم عليهم بالفسق.
- الحرمان من الهداية إلى الحق.


*منزلة المنافقين:
وعد الله تعالى المنافقين بالدرك الأسفل كم النار قال الله تعالى بقوله: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرا [النساء:145].