سورة الرحمن.. عروس القرآن

  • PDF

أسرار رفع البلاء وموجبات الرحمة
سورة الرحمن.. عروس القرآن
من موجبات رحمة الله التي أنزلها على عباده للتخفيف عنهم في القرآن الكريم ما اشتملت عليه سورة الرحمن من أسرار ونفحات ربانية لرفع الوباء والابتلاء والغمة التي قد يصاب بها الناس في مختلف الزمان والمكان وقد سميت هذه السورة الكريمة بـ عروس القرآن .
*رحمات وفضائل الرحمن
تضمنت سورة الرحمن العديد من قضايا دلائل قدرة الله في الخلق والكون وكذلك فقد ذكر بأنّ كل شيء في الكون يسير وفق قدر معلوم وحساب قد قدّره الله تعالى فقال: [ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَان ] [الرحمن: 5] {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ} [الرحمن: 7] وتحدّث عن طبيعة خلق الإنس والجن فقال: {خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن صَلْصَال كَالْفَخَّارِ ﴿14﴾ وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِج مِّن نَّار ﴿15﴾}  الرحمن:14 15.
وبدأت السورة الكريمة بذكر نعم الله تعالى الكثيرة التي لا يمكن عدّها أو إحصائها على عباده المؤمنين منها نعمة تعليم القرآن التي أنعمها الله على الإنسان وخصَّه بها وتعليمه النطق والبيان كما اشتملت على ذكر لحال الكافرين يوم القيامة والعذاب الذي سيلقونه جزاءً لتكذيبهم وكفرهم فقال تعالى: {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ} الرحمن: 41.
ووصف جزاء المتّقين والمحسنين يوم القيامة فقد وصف فيها ما يكون في الجنتين اللتين هما جزاء للمتقين من حور عين وفواكه كثيرة ومياه جارية فقال: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}الرحمن: 46.
وأقام الله تعالى الحجة والبراهين على الكافرين المكذبين بآيات الله عن طريق عرض دلائل قدرة الله تعالى وتعجب من تكذيبهم وإصرارهم من خلال تكرار آية: فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ.
*ماذا يحدث عندما نقرأ الرحمن
قال جابر -رضي الله عنه- : أن الرسول صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه يومًا فتلا عليهم سورة الرَّحمنِ فسَكتوا فقالَ: ما لي أسمعُ الجنَّ أحسنَ جوابًا لربِّها منكُم ما أتيتُ على قولِه اللَّهِ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ إلا قالوا: لا شيءَ من آلائِكَ ربَّنا نُكذِّبُ فلَكَ الحمدُ .
سورة الرحمن تُعد سبب لتفريج هموم صاحبها بإذن الله تعالى.
تُعد سبب لتذكير المسلم بقدرة الله تعالى وعظيم صنعه في الكون.
اشتملت على أسلوب الترغيب والترهيب والذين هما من أفضل الأساليب وأكثرها نفعًا في ردع الإنسان عن المعاصي وتقريبه من الطاعات.
تشفع سورة الرحمن لصاحبها يوم القيامة كما أن تلاوة المؤمن لسورة الرحمن يوم الجمعة فيها عتق من النيران.
*تعريف بسورة الرحمن
سورة الرحمن هي السورة الخامسة والخمسون في ترتيب المصحف الشريف عدد آياتها ثمان وسبعون آيةً وتقع في الجزء السابع والعشرين في الحزب الرابع والخمسين وقد نزلت بعد سورة الرعد ويعود تسمية هذه السورة بهذا الاسم إلى أنّها تبدأ باسم الرحمن وتُسمّى هذه السورة أيضًا باسم عروس القرآن.
وسبب نزولها أن سورة الرحمن جاءت لتبيّن للمشركين الذين ادّعوا أنّ الرسول قد علّمه بشر في الآية الكريمة: [ وَلَقَد نَعلَمُ أَنَّهُم يَقولونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذي يُلحِدونَ إِلَيهِ أَعجَمِيٌّ وَهـذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبينٌ ] [النحل: 103] فنزلت السورة لترد على المشركين بأنّ الله تعالى هو الذي أنزل هذا القرآن الكريم وعلّمه للرسول صلى الله عليه وسلّم وكذلك فقد نزلت لقريش التي لم تكن تعترف بصفة الله الرحمن إذ قال تعالى: [وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَـنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَـنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا ] الفرقان: 60.
اختُلف في كونها مكيّةً أم مدنيّةً وقد قيل أنّها مكيّة بالاستناد إلى قصة عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- الذي ضربته قريش لأنه قرأ سورة الرحمن بصوت جهور وقد علا صوته بها حتّى ضربوه وأحدثوا أثراً في وجهه وهذا دليل على أنّها نزلت قبل الهجرة لأن هذه الواقعة يشهد لها الكثير من الصحابة.
وتعد الرحمن هي السورة القرآنيّة الوحيدة التي بدأت باسم من أسماء الله الحسنى وهو الرحمن.