هؤلاء يصلون إلى السعادة في الدنيا والآخرة..

الأحد, 04 ديسمبر 2022

فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ
هؤلاء يصلون إلى السعادة في الدنيا والآخرة..
نوعية فريدة من البشر هي فقط من تصل إلى كل شيء دون غيرهم وهم فقط من يحققون السعادة في الدنيا والأخرة دون غيرهم وهم فقط من يعرفون معالم الطريق ويسيرون فيه بإشاراته التي حددها لها القرآن الكريم وددتها لهم معالم السنة النبوية الشريفة نيتهم في العمل هو الإخلاص لله لا يريدون بها غير الله فلا رياء ولا سمعة ولا تقربًا لأحد ولا يرتقبون من الناس مدحًا ولا يخشون منهم قدحًا ولا ذمًا فإذا كانت نيتك موافقة لنياتهم وهي إخلاصها إلى الله وحده لا شريك له ولم تزين عملك من أجل البشر فأنت منهم.
فالإخلاص هو عمل هؤلاء الصنف الطاهر من الناس وهو الضوء الذي يضيئ لهم الطريق في ظل عتمته وهو سر القبول الذي يصل بهم إلى الله عز وجل بعدما عرفوا أنه لا يُقْبل عمل ولا تتم سعادة ولا تحصل بركة إلا بصلاح القصد والنية وفهموا قوله تعالى: ﴿فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾ [الزمر: 2] و﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾ الزمر: 11.
قرأ الإمام العابد الفضيل بن عياض قول الله تعالى ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ [الملك:2] ثم قال أحسن العمل: أخلصه وأصوبه.
وقال بن عياض: إن العمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يقبل وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل حتى يكون خالصا وصواباً والخالص ما كان لله والصواب ما كان على السنة.
ويقول عبد الله بن مسعود رضى الله عنه: لا ينفع قول وعمل إلا بنية ولا ينفع قول وعمل ونية إلا بإتباع السنة .
*هؤلاء عزوا بالإخلاص
جاء في صحيح أبي داود وغيره عن أبي أمامة الباهلي رضى الله عنه: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أرأيت رجلاً غزا يلتمس الأجر والذكر ماله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا شيء له فأعادها عليه ثلاث مرات ورسول الله يقول: لا شيء له ثم قال: إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصاً وابتغى به وجه الله .
وفي صحيح مسلم يقول النبي عليه الصلاة والسلام: قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه .
فالإخلاص هو نسيان رؤية الخلق بدوام النظر إلى الخالق فمن تزيَّن للناس بما ليس فيه سقط من عين الله .
قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ الأنعام: 162 163.
*ثمرات الإخلاص:
1) الإخلاص طريق الجنة:
قال تعالى: ﴿إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الْأَلِيمِ * وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ * أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ * فَوَاكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾ الصافات: 38 - 43.
2) الإخلاص طريق الدرجات العلى:
عن سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال له: إنك لن تخلف فتعمل عملاً تبتغي به وجه الله إلا ازددت به درجة ورفعة .رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
3) الإخلاص يحمي من الشيطان:
قال تعالى عن إبليس: ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ ص: 82 83.
4) المخلص محفوظ بحفظ الله قال تعالى عن يوسف: ﴿كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ﴾ يوسف:24.
5) الإخلاص دواء القلوب يخرج الحسد والحقد والبغضاء والشحناء والقلوب:
قال صلى الله عليه وسلم: ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم: إخلاص العمل لله ومناصحة ولاة الأمر ولزوم جماعة المسلمين فإن دعوتهم تحيط من ورائهم .
*كيف يكون الإخلاص؟
بعض الناس يظن أن الإخلاص إنما هو فقط في الصلاة وقراءة القرآن وأعمال العبادات الظاهرة كالدعوة إلى الله والإنفاق وهذا غير صحيح فالإخلاص واجب في جميع العبادات حتى في زيارة الجار وصلة الرحم وبر الوالدين وغيرها فكل فعل يحبه الله تعالى ويرضاه وجب فيه الإخلاص حتى في جانب المعاملات كالصدق في البيع والشراء وحسن معاملة الزوجة والاحتساب في إصلاح الأولاد وغير ذلك.
في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ولست تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى اللقمة تضعها في فًيّ امرأتك فكل أمر يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة فهو عبادة وجب فيها الإخلاص.
وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أول الناس ُيقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأُتى به فعرّفه نعمته فعرفها قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت قال: كذبت ولكنك قاتلت ليقال جريء فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقى في النار ورجل تعلم العلم وعلم وقرأ القرآن فأتى به فعرفه نعمته فعرفها فقال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن قال: كذبت ولكنك تعلمت ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال قارئ فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقى في النار ورجل وسّع الله عليه وأعطاه من أصناف المال فأتى به فعرفه نعمه فعرفها قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك قال: كذبت ولكنك فعلت ليقال جواد فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه ثم ألقى في النار .
وفي رواية الترمذي: قال صلى الله عليه وسلم: هؤلاء الثلاثة أول من تُسعر بهم النار يوم القيامة ..وكان أبو هريرة إذا حدّث بهذا الحديث غُشى عليه وكان معاوية رضي الله عنه يقول: قد فُعل بهؤلاء هذا فكيف بمن بقى من الناس؟.