هذا هدي السلف في إحياء أيام وليالي رمضان

الأحد, 02 أبريل 2023

مع الصلاة والقرآن وإكرام اليتامى والمساكين
هذا هدي السلف في إحياء أيام وليالي رمضان 
الصحابة الكرام والسلف الصالح رضوان الله عليهم كانوا يتنافسون في رمضان بأنواع كثيرة من أعمال البر وصنوف متعددة من أفعال الخير وهم الذين قال فيهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: خيرُ النَّاسِ قَرني ثمَّ الَّذين يَلونَهم ثمَّ الَّذين يَلونَهم متفق عليه. فكيف كان هديهم في رمضان؟
1 – كان الصحابة الكرام والسلف الصالح رضوان الله عليهم يعتنون بالفقير فيعطونه من مالهم ويقتسمون معه طعامهم ويجلسونه للإفطار على موائدهم.
فهذا عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - ما كان يفطر إلا مع اليتامى والمساكين ولربما امتنع عن تناول العشاء إن علم أن أهله منعوهم. وقد جاءه يوما أربعة آلاف درهم وقطيفة فما بات ليلته حتى فرق الدراهم وخرج في الصباح بالقطيفة على ظهره ثم تصدق بها على مسكين.
وقال أبو السوار العدوي - رحمه الله -: كان رجال من بني عدي يصلون في هذا المسجد ما أفطر أحد منهم على طعام قط وحده إن وجد مَن يأكل معه أكل وإلا أخرج طعامه إلى المسجد فأكله مع الناس وأكل الناس معه .
وقال بعض السلف: لأن أدعو عشرة من أصحابي فأطعمهم طعاما يشتهونه أحب إلي من أن أُعتق عشرة من ولد إسماعيل .
*صائمون قائمون
وكان من السلف - كالحسن وابن المبارك - من يستحب أن يطعم إخوانه الطعام وهو صائم ويقوم على خدمتهم.
ولقد أفْطَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذ فَظفر بدعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قال له: أَفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ وَأَكَلَ طَعَامَكُمُ الأَبْرَارُ وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ الْمَلاَئِكَةُ صحيح سنن ابن ماجة.
وكان حماد بن أبي سليمان يفطِّر في شهر رمضان 500 إنسان وكان يعطي بعد العيد لكل واحد مائة درهم.
2 - وكان الصحابة الكرام والسلف الصالح رضوان الله عليهم يعلمون أن المحروم من حرم ليلة القدر وغفل عن قيامها والاجتهاد في إصابتها في الوتر من العشر الأواخر. وهي ليلة خير من عبادة ألف شهر أي 83 سنة وأربعة أشهر. قال بعض أهل العلم: هي خير من الدهر كله لأن العرب تذكر الألف غاية في العدد . وهي ليلة ﴿ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا ﴾ [القدر: 4] يؤمنون على دعاء الناس ويسلمون على أنفسهم وعلى المؤمنين في المساجد حتى يطلع الفجر. وهي سلام على المؤمنين القائمين لا يمسهم فيها آفات. وهي الليلة التي من قامها إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. ولذلك سميت ليلة القدر لشرفها وعظم قدرها ومنزلتها. وقيل: لتقدير الآجال فيها أو تقدير أعمال العباد في سَنَتِهاَ. قال - تعالى -: ﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْر حَكِيم ﴾ [الدخان: 4]. قال ابن كثير - رحمه الله -: في ليلة القدر يُفَصَّلُ من اللوح المحفوظ إلى الكتبة أمرُ السَّنَةِ وما يكون فيها من الآجال والأرزاق .
3 - وكان الصحابة الكرام والسلف الصالح رضوان الله عليهم لا يتبرمون من إطالة الإمام في القيام - كما يفعل بعض الناس اليوم -. فقد كان قارئ الصحابة يقرأ بمئات الآيات حتى كانوا يعتمدون على العصي من طول القيام وما كانوا ينصرفون إلا قبل بزوغ الفجر.
قال عبد الرحمن بن هرمز: كان القراء يقومون بسورة البقرة في ثمان ركعات فإذا قام بها القراء في اثنتي عشرة ركعة رأى الناس أنه قد خفف عنهم .
وقال ابن أبي مليكة: كنت أقوم بالناس في شهر رمضان فأقرأ في الركعة: الحمد لله فاطر ونحوَها وما يبلغني أن أحدا يستثقل ذلك .
4 - وكان الصحابة الكرام والسلف الصالح رضوان الله عليهم يعتنون بالقرآن الكريم قراءة وتدبرا وعملا. وأظهروا في التنافس في هذا الباب ما لا ينقطع منه العجب. فهذا عثمان - رضي الله عنه - كان يختم القرآن الكريم في رمضان في كل يوم مرة. وكان بعض السلف يختم القرآن في قيام رمضان فقط كل عشر ليال وبعضهم في كل سبع وبعضهم في كل ثلاث. وكان الزهري - رحمه الله - إذا دخل رمضان يترك قراءة الحديث ويقبل على تلاوة القرآن. وكان سفيان الثوري - رحمه الله - إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن.
وأثر عن قتادة - رحمه الله - أنه كان يختم القرآن في سبع وإذا جاء رمضان ختم في كل ثلاث فإذا جاء العشر ختم كل ليلة .
فعلينا نحن - أيضا - أن نحاول ختم القرآن الكريم ولو مرة واحدة في رمضان تكون شاهدا لنا يوم القيامة.
5 - وكان من هدي الصحابة في رمضان أنهم كانوا يحفظون ألسنتهم عن الزور والغيبة والكذب وقيل وقال ويعتبرون الصيام الحقيقي صيام الجوارح عن الإثم لأن ذلك مقصد الصيام وغايته. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ البخاري.
وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: ليس الصيام من الطعام والشراب وحده ولكنه من الكذب والباطل واللغو والحلف .
*احرص على هذه العبادات في رمضان 
هؤلاء هم صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذه عبادتهم في رمضان. قال تعالى: ﴿ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوح مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [المجادلة: 22].