أوروبا.. الشتاء القاتل قادم

  • PDF


دول القارة تستعد للأسوأ
أوروبا.. الشتاء القاتل قادم
تمكنت أوروبا إلى غاية نهاية نوفمبر المنصرم من تجاوز أسوأ سيناريوهات أزمة الطاقة الناتجة عن تراجع إمدادات الغاز الروسي لكن المرحلة الأصعب لم تبدأ بعد.
فمع دخول موسم الشتاء في ديسمبر الجاري من المتوقع أن تنخفض درجات الحرارة أكثر من المعتاد مقارنة بالشتاء الماضي بحسب مواقع الأرصاد الجوية على غرار ماكسار تكنولوجيز ما سيرفع الطلب أكثر على غاز التدفئة وبالتالي زيادة الأسعار.
بينما شجع الطقس المعتدل في نوفمبر المنصرم على ملء خزانات الغاز في دول الاتحاد الأوروبي 100 بالمئة بينما كان الهدف المنشود ان تصل هذه النسبة إلى 80 بالمئة بحلول الأول من نوفمبر.
وهذا يعني ان دول الاتحاد الأوروبي حققت هذا الهدف بنجاح مستفيدة من الطقس المعتدل نسبيا في الخريف واستمرار تدفقات الغاز المسال من الولايات المتحدة وقطر ونيجيريا والغاز الطبيعي عبر الأنابيب من النرويج والجزائر وأذربيجان وبدرجة أقل من ليبيا.
بل إن شحنات من الغاز المسال وصل أوروبا لأول مرة من مناطق بعيدة على غرار موزمبيق في جنوب القارة الإفريقية ومن أستراليا التي تبعد نحو 20 ألف كيلومتر عن أوروبا.
ومع تراجع شراهة الاقتصاد الصيني لاستهلاك الغاز بسبب إغلاقات كورونا القاسية التي دفعت الناس للخروج للشارع والتظاهر في مشاهد نادرة أثر ذلك على الطلب العالمي على الغاز وشجع على استقرار الأسعار.
كما أن ارتفاع أسعار الغاز بشكل مضاعف أدى بالدول المستوردة إلى البحث عن مصادر بديلة للطاقة ليست فقط النظيفة منها بل حتى الملوثة للبيئة مثل الفحم والخطيرة مثل الطاقة النووية ناهيك عن الاقتصاد في استهلاك الغاز بسبب ارتفاع الأسعار حيث استهلكت دول الاتحاد الأوروبى غازاً أقل بـ10 بالمئة إلى غاية نوفمبر وفق الإكونوميست.
ما أدى إلى انخفاض واردات الغاز الطبيعي المسال في العالم بـ22 بالمئة حتى أكتوبر وفق وكالة بلومبرغ الأمريكية.
*الشتاء الأخير
ويتجه الاتحاد الأوروبي بخطى متسارعة ليفطم بلدانه من الغاز الروسي الذي كان يمثل قبل الحرب في أوكرانيا أكثر من 40 بالمئة من الغاز المستورد بينما تقول بروكسل وفق موقع لي زيكو إنه لم يتجاوز في نوفمبر 10 بالمئة فقط.
وبهذه الوتيرة لن تستورد دول الاتحاد الأوروبي قطرة غاز روسي واحدة بعد عام واحد.
وتدرك روسيا جيدا أنها إذا لم تستغل هذا الشتاء في الضغط على الاتحاد الأوروبي وتحقق أكبر قدر من المكاسب فإن فرصة مماثلة من المستبعد أن تتكرر.
وتعتقد بروكسل أن تهديدات روسيا بخفض إمدادات الغاز نحو مولدوفا البلد السوفييتي الصغير الطامح للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي يأتي في سياق زيادة الضغط على أوروبا مع دخول الشتاء وانخفاض درجات الحرارة.
بينما تحذر موسكو الاتحاد الأوروبي من مغبة فرض تسقيف لأسعار غازها وتهدد بوقف إمدادات الغاز لأي دولة أوروبية تتبنى خطوة من هذا القبيل.
وبعد توقيف صادرات الغاز الروسية إلى أوروبا من خط نورد ستريم فإن وقف الصادرات من خط أوكرانيا في عز الشتاء ستكون خطوة أقسى من برد الشتاء على الأوروبيين.
لكن روسيا أيضا بحاجة إلى استمرار تدفق غازها إلى أوروبا لتحقيق مزيد من العائدات التي تسمح لاقتصادها بالصمود أمام العقوبات الغربية وتمويل الحرب في أوكرانيا وأيضا مواصلة الضغط على الاتحاد الأوروبي خاصة وأن الاقتصاد الصيني ليس جاهزا بعد لاستيعاب كامل الغاز الروسي الموجه إلى أوروبا ناهيك عن غياب البنية التحتية الكافية للقيام بعملية ثورية في هذا الاتجاه.
فروسيا لا تملك أريحية وقف الغاز عن أوروبا لكنها يمكن أن تصعد عبر أسلوب تخفيض الإمدادات والبحث عن أسواق بديلة وتهيئة البنية التحتية لنقل الغاز عبر الأنابيب نحو آسيا.
فالشتاء المقبل لن يمر على الأغلب بردا وسلاما على أوروبا لكنه سيكون أقل قسوة مما كان متوقعا في الصيف الماضي.