كيف ستخرج الجزائر من كورونا وأزمة النفط؟

السبت, 11 أبريل 2020

احتياطي الصرف قد يجنّبها كارثة كبرى
كيف ستخرج الجزائر من كورونا وأزمة النفط؟

س. عبد الجليل
إذا كانت هناك دولة يجب أن تقلق من انخفاض أسعار النفط فهي الجزائر التي يعتمد اقتصادها بشكل شبه كلي على مداخيل النفط وهي بذلك ضحية لحرب الأسعار بين المملكة السعودية وروسيا وبرأي متتبعين فإن احتياطي الصرف الذي يناهز الستين مليار دولار قد يُجنّب الجزائر كارثة كبرى ناجمة عن التداعيات الخطيرة لتزامن تفشي كورونا مع انهيار سعر مصدر قوت الجزائريين . 
واعتمدت الجزائر في إنجاز ميزانتيها على سعر 60 دولاراً للبرميل ومن ثم توقع قانون المالية لسنة 2020 نمواً بنحو 1.8 بالمائة. ولكن مع 30 دولاراً للبرميل وأسعار متقلبة صار التوازن المالي للجزائر في خطر إذ تمثّل مداخيل صادرات المحروقات أكثر من 90 بالمائة من الإيرادات الخارجية للدولة.
وأعلن بنك الجزائر في مطلع فيفري أن احتياطيات النقد من العملات الأجنبية قد انخفضت إلى 62 مليار دولار في نهاية 2019 مقابل نحو 80 مليار دولار في نهاية 2018 و97 ملياراً في نهاية 2017. وقد ينفد هذا الاحتياطي في السنوات المقبلة. من جانبه حذّر الخبير الاقتصادي عبد الرحمن مبتول من أنه مع سعر برميل من النفط عند حدود 25 دولاراً وسعر متدنّ للغاز الطبيعي عند 1.2 أو دولارين تصير 80 في المائة من الحقول الجزائرية غير مربحة .
وبالنسبة إلى الخبير أحمد دحماني فإن العواقب بالنسبة إلى الجزائر كارثية: استنفاد سريع لاحتياطيات النقد الأجنبي المنخفضة أصلاً وتفاقم عجز الميزانية وميزان المدفوعات وانخفاض كبير في قيمة الدينار وارتفاع التضخم والركود الاقتصادي والنتيجة الطبيعية: بطالة جماعية.
ولمواجهة هذا الوضع المثير للقلق أعلنت حكومة عبد العزيز جراد عن تخفيض بنسبة 30 بالمائة في الميزانية الإدارية لكن دون التعرض لرواتب الموظفين بالإضافة إلى تخفيض في فاتورة الواردات من 38 إلى 28 مليار يورو.
كذلك قرّرت الجزائر عدم اللجوء إلى شركات الخبرة الأجنبية بهدف توفير 6.5 مليارات يورو سنوياً بينما قررت شركة النفط والغاز سوناطراك بناءً على طلب الحكومة تخفيض ميزانيتها لعام 2020 بنسبة 50 بالمائة ما يعادل 6.5 مليارات يورو.
وقال المستشار في شؤون الطاقة عبد المجيد عطار إنّ تعليق اللجوء إلى شركة استشارات أجنبية يتعلّق بشكل أساسي فقط بدراسات الجدوى للمشاريع التي لم تبدأ بعد أو المشاريع غير الأساسية التي يمكن تأجيلها بدون أي تكلفة إضافية .
واعتبر عطار الذي سبق أن ترأس مجلس إدارة سوناطراك أنّ تخفيض تكاليف الاستغلال والاستثمار في سوناطراك بمقدار 7 مليارات دولارات لا يجب أن يقلل من حيث المبدأ إنتاج المحروقات .
ولكن مبتول الخبير الدولي يشكّك في قدرة الجزائر على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة بسبب البيروقراطية والنظام المالي المتأخر والفساد كما لا يعتقد أن بالإمكان استعادة الأموال التي تم تهريبها خارج البلاد.
وذكر دحماني أنه مقتنع باستمرار الاتجاه التنازلي لأسعار المحروقات بسبب الأزمة الناجمة عن انتشار فيروس كورونا وأن هذا الحدث يشلّ جميع الأنشطة الإنتاجية على نطاق الكوكب .
وأشار إلى أن هذه الجائحة تُضاف إلى الأزمة السياسية التي تمرّ بها الجزائر منذ 22 شباط/فبراير 2019. وقال من الوهم في السياق الحالي وفي غياب الثقة الشعبية تجاه الرئيس والحكومة أن تنجح في القضاء على الأزمة التي بدأت فعلاً آثارها الاجتماعية والاقتصادية تظهر . 
للإشارة فقد أعلن وزير الطاقة محمد عرقاب أن الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للنفط وحلفائها (أوبيب+) بمشاركة الجزائر التي ترأس الندوة أن المنظمة وافقت اثر اجتماعها الذي انعقد بواسطة تقنية الفيديو ليلة الخميس إلى الجمعة على تخفيض الإنتاج بـ10 مليون برميل/يوميا 000 200 منها تخص الجزائر.
وأكد وزير الطاقة ان الجزائر ستعمل كما في الماضي على التوفيق بين وجهات النظر والبحث عن حلول توافقية والمساهمة في أي جهد من شأنه تحقيق الاستقرار في سوق النفط لصالح البلدان المنتجة والمستهلكة .
ويتواصل هذا التخفيض من الفاتح جويلية إلى نهاية ديسمبر 2020 لكن بوتيرة أقل أي بـ8 مليون برميل يوميا.
كما ينص الاتفاق على أن تواصل البلدان المعنية ببيات التعاون للأوبيب الموقع عليه في 2016 جهودها الرامية إلى تحقيق استقرار السوق التي تأثرت بشدة بوباء فيروس كورونا وهذا من خلال تقليص إنتاجها بـــ 6 مليون برميل يوميا من الفاتح جانفي 2021 إلى نهاية أفريل 2022.