الهواتف والأخلاق.. خطان لا يلتقيان

  • PDF


مساهمة: جمال نصرالله*
على الرغم من أن التكنولوجيا نعمة من نِعم الله التي تزخر بها كل بقاع المعمورة وتستغلها البشرية في العيش الهانئ والكريم.. إلا أن المشكل الذي يظل قائما ويؤرق مضاجع الكثيرين هو أن تقع هذه الخلاصة العلمية العظيمة بين أيادي لا تحسن استعمالها..بل توجهها حسب أفكارها العدوانية والعنيفة ومرات العنصرية المقيتة والانتقامات الشخصية...وقد شاهدنا وسمعنا في كذا من مرة كيف أن أشخاصا يستعملون الهواتف المسجلة لعدد من الفيديوهات يبثونها قصد الإساءة لآخرين والتشهير بهم وهم في مواضع لا يحسدون عليها.وفئة أخرى قبل أن تقوم بأفعالها المشينة هذه..تسارع إل تهديد أصحابها على طريقة أفلام الأكشن حين يطلبون الفدية.. لأنه لطالما ظلت هذه السلوكات سارية المفعول بحكم الغايات والأهداف التي مصدرها مادي في المقام الأول..
وقد توصّل كثير من المحللين والخبراء العارفين بجواهر الأمور أن المشكل أخلاقي صرف.. وينتشر كالنار في الهشيم داخل المجتمعات التي تعاني من أزمة أخلاقية. ورأوا بأن الجزائر واحدة من هاته البلدان والدول المصابة بهذا الوباء الحضاري بحكم أسباب معلومة أهمها النمو الديمغرافي الرهيب المتزامن مع التدفق الهائل لموجات تطور عوالم الإتصال وعلى رأسها الأنترنات التي لم تترك أي صغيرة وكبيرة إلا وضعتها قيد الإنجاز والتنفيذ.. بل قيد التجسيد والاستعمال. وأن هذه الأخيرة صارت متاحة للكل دون أدنى شروط وبالتالي تداخلت المراحل ورؤى الأجيال العُمرية فيما بينها. وأضحى المرء لا يفرق بين فكرة أو سلوك صادر عن جنسين بشريين مختلفين ولا حتى من أعمار متفاوتة؟! لذلك وجب أخذ الحيطة والحذر التامين أمام مسائل يكون مصدرها هو الأنترنات والفايسبوك..وكل الوسائل المرتبطة بها وعلى رأسها الهواتف النقالة..لأن نشاطها داخل مجتمعات تعاني من تناطح الأجيال وفضاءات يكون العنف والتعنيف أسيادها.كان ولابد أنت تنتظر أي نتيجة حتمية..فهذا يقوم بتصوير الخصوصيات ونشرها وهذا يتخذها درعا للتهديد والوعيد وآخر يساعد بها أطراف أخرى لتجدها فرصة للتنكيل والتقليل من شأن فلان وفلتان؟! وكل هذا طبعا كما أشرنا يفسد العلاقات الإنسانية ويجعلها تتخبط في نفس المحور..وتجتر نفس الأساليب دون تقدم يُذكر لأنها مجتمعات تملك بيئة غير مؤهلة وغير ناضجة لتقبل هذا النوع من التقدم الرقمي.. خاصة في الجزائر العميقة والمناطق النائية إلا من رحم ربك.فهي تستعملها كأدوات طعن وتجريح وليس في سبيل الكشف والنقد البناء والتنمية في شتى المجالات.. ومن هنا جاءت المآسي الإنسانية الكبرى بل هبت هبوبها لتستقر في دوران وحياة مستمرين..ولن تبرح المكان حتى تحقق مرادها.
ومنه نقول بأن التقدم العلمي هو فعلا سلاح ذو حدين إن تم استخدامه بعقلانية وترو حصل التوافق البشري وعبر كافة العلاقات ومناحي الحياة..أما إذا أطلق العنان للغرائز والميولات المراهقة لن نجني إلا الويلات تلوى الأخرى وظلت مجتمعاتنا ومدننا تتخبط في دائرة الإضعاف وثمة الإضعاف.. بدلا عن الانطلاق والتجديد. وتحذيق وتهذيب النفوس الأمارة بالسوء دوما... والخلاصة أن الإستعمال التكنولوجي يجب أن يرتبط بالأخلاق وقد قال فيما مضى الشاعر العراقي رحمه الله لا تحسبن العلم ينفع وحده ما لم يتوج ربه بخلاق .