يا ربّ فرّج مصيبتنــا..

  • PDF

يا ربّ فرّج مصيبتنــا..

رحم الله الإمام الشافعي حين قال: محن الزمان كثيرةٌ لا تنقضي ... وسرورها يأتيك كالأعياد !!.
ولا عجب فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في حديث طويل:
.. إنه لم يكن نبيٌّ قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم من شرّ ما يعلمه لهم وإن أمتكم هذه جعل الله عافيتها في أولها وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها وتجيء الفتنة فيرقّق بعضها بعضا وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه مهلكتي ثم تنكشف وتجيء الفتنة فيقول: المؤمن هذه.. هذه فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر.. . رواه مسلم.
ليس بعد هذا البيان النبوي لواعظ أن يقول شيئا. فمحن مفجعة وكوارث مروعة تتعالى في جنباتها صرخات المستضعفين وصيحات المستنجدين في كل مكان والتي لا تجد من يجيبها سوى اجتماعات هنا وهناك ولكنها:
كمثل الطّبل يسمع من بعيد..وباطنه من الخيرات خال
إن ما يعيشه العالم الإسلامي اليوم من مأساة إنسانية ليست هي الأولى في حياة المسلمين وعلام يبدو أنها لم تكن الأخيرة؟.
فالمسلمون مستهدفون في كل زمان ومكان والإسلام سيظل مستهدفا من أعدائه طالما ظل المسلمون متفرقون ومتخاذلون.
ولو أجمع المسلمون أمرهم ووحّدوا مناهجهم واتخذوا من القرآن والسنة النبوية منهاج عمل والنبي صلى الله عليه و سلم خير أسوة وقدوة وأعظم قائد وزعيم وأخلصوا لله عملهم وتحابوا فيما بينهم وجندوا أنفسهم وأموالهم لله فإن الله قد تكفل بنصرهم وترجيح كفتهم حيث قال سبحانه: إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير .
ألا فالتمسوا النجاة من فتن الدنيا وعذاب الآخرة بإتباع أوامر الله واجتناب معصية الله تكونوا في رعاية الله..
أدعـــــــوك يا رب فـــرّج مصيبتنــا * يا كاشف الضر فاض الليل بالفحم
يا ربّ وحّد صفوف المسلمين على * درب الهـدى أمــة خفاقة العلـــم
لاهُمّ وانصر جهاد الصادقــين كـما * نصرت قبل دعاة الحق في الأمــــم
وأخـتم القول بالتسبيـح مبتــــهـلا * لاهـُمّ صل على المخــتار من قدم.
=== 
لا تقاس أعمار الناس بطولها..
يقول ابن عطاء الله رحمه الله في حِكَمه: رُبَّ عُمر اتّسعت آماده وقلت أمداده ورب عُمر قليلةٌ آمادُه كثيرةٌ أمدادُه!. مَن بورك له في عمره أدرك في يسر من الزمن مِن مِنَن الله تعالى ما لا يدخل تحت دوائر العبارة ولا تلحقه الإشارة !
ولشرح ذلك إليك على سبيل المثال نذكر أن:
*الإمام الشافعي رحمه الله عاش أربعا وخمسين سنة ـ قمرية (150_ 204هـ) وخلف وراءه هذه الكنوز العلمية الجليلة الأصيلة.
*والإمام الغزالي رحمه الله عاش خمسا وخمسين سنة (450_ 505هـ) وترك للأمة هذه الثروة العلمية المتنوعة الهائلة.
*والإمام النووي رحمه الله عاش خمسا وأربعين سنة (631_ 676هـ) ترك فيها تراثا نفع الله به المسلمين كافة: في الحديث وفي الفقه من الأربعين النووية في الحديث إلى شرح مسلم ومن المنهاج في الفقه إلى روضة الطالبين والمجموع وفي غيرها نجد له تهذيب الأسماء واللغات. *وغير ذلك كثيرون مثل: ابن العربي والسرخسي وابن الجوزي وابن قدامة والقرافي وابن تيمية وابن القيم والشاطبي وابن خلدون وابن حجر وابن الوزير وابن الهمام والسيوطي والدهلوي والشوكاني وغيرهم ـ رحمهم الله ـ الذين ملأوا الأرض علما وفضلا.
ولكن للأسف.. إن فينا الآن من يموت قبل موته وينتهي عمره وهو محسوب على الأحياء..
فاللهم يا محيي القلوب ويا باعث الموتى هب لقلوبنا حياة فإن دينك لا يحيا إلا في القلوب الحية.