قِطاف من أشعار الكُتَّاب

  • PDF

مراصد ثقافية
إعداد:جـمال بوزيان

أخبار اليوم ترصد الإبداع الأدبي
قِطاف من أشعار الكُتَّاب

ترصد أخبار اليوم ما يُكتَب من أشعار وتنشرها توثيقا وتكريما لأصحابها وبهدف متابعة النقاد لها وقراءتها بأدواتهم وأيضا لاطلاع القراء الكرام على ما تجود بها قرائحهم.

نونية القرآن
الشاعر عبد الله باه - السينغال
القصيدة تشمل كل أسماء سور القرآن الكريم مرتبة حسب ترتيبها في المصحف الشريف

افتح كتاب الله إن الفاتحة
فتحٌ وبرهانٌ وسبع مثاني

بقرٌ وعمران كظلِّ سحابة
وعلى النساء موائد الرحمن

اجعل من الأنعام قُربى وارعها
في ذروة الأعراف والوديان

للهِ أنفال وآل محمد
والتوبة تغشى يونس بأمان


أوما علمت بأنَّ هودا مرسل
وبأنّ يوسف أجمل الشبّان


وإذا سمعت الرعد حنَّ بصوتهِ
فاعلم بأنّ الماء ذو جريان


واسمع لإبراهيم لاتسمع لما
قد قال أهل الحِجر من نُكران


والنحل لمّا ربها أوحى لها
تاقت إلى الإسراء في الأوطان


ولقد علمنا أنّ كهفاً آمناً
وبأنَّ مريم أطهر النسوان


وبأنَّ طهَ أمَّ كلَّ الأنبياء
في المسجد الاقصى بلا نقصان


وبأن حج البيت ركنٌ خامس
والمؤمنون أتوهُ في إذعان


والنور يكسوهم لحُسنِ خصالهم
ولهم كمال الوصف في الفرقان


وانهل من الشعراء علماً نافعاً
تكسب لساناً ناطقاً وبيان


واعلم بأنَّ النّمل جاء حديثها
قصصاً وبيت العنكبوت مهانِ


والروم في أدنى البلاد تدنَّسَت
واعمل بما أوصى به لقمان


واسجد لربك خاشعاً متذللاً
واحذر من أحزاب ذوي خسران


سبأ وفاطر ثمّ ياسين بعدها
والصافات تقي من الشيطان


صادٌ تعلَّم والزمر لاتنسها
غافر ورتّل فُصِلَت باتقان


شورى فالزمها وهذا نهجنا
والزخرف احفظ لاتكُن ولهان


والساعة آتية ومن أشراطها
ماجاء في القرآن من دخّان


وبها ترى كل الخلائق جاثية
حتى قُرى الأحقاف تجتمعان


واعلم بأن محمد فتح الدُنى
والفتح الأعظم جاء بعد ثمان


وأقام في الحجرات طول حياتهِ
ومرتلاً(قاف ) بكل أوان


والذاريات مفصلاً آياتها
والطور مسكٌ فاح في الأركان


والنجم نورٌ للخلائق تهتدي
وكذا القمر نورٌ من الرحمن


والله أخبر أن يوم الواقعة
فَصلٌ وأن الحُكم للديان


جعل الحديد منزلاُ سبحانه
وسمع لخولة يوم يجتدلان


والحشر آت ألف يوم طولهُ
وبه ترى الثقلين يمتحنانِ


وبه ترى الأملاك صفاً واحداً
في يوم جمعة ماله من ثانِ


وأهل النفاق تهتكت أستارهم
يوم التغابُن يُعرَفُ البهتان


أما الطلاق فلا تبادر لفظهُ
واجعلهُ كالتحريم في الميزانِ


والمُلك لله والقلم مخلوقهُ
الأول تعالى خالق الثقلان


والحآقّة حقٌ ومن أسمائها
يوم المعارج يخسف القمران


نوحٌ نبيٌّ مرسلٌ من ربه
والجِنّ حق جاء في القرآن


وإذا المزمِّل والمدثر جاءتا
يوم القيامة يبعث الإنسان


والمرسلات أتت تبشّرُ بالنبإ
والنازعات تزلزل الأبدان


عبس من الأعمى فقال الوحي لا
لا يامحمد ياعظيم الشأنِ


وإذا أتى التكوير آن الانفطار
يتلو وللمطففين نيرانِ


وترى انشقاقاً في السما ذات البروج
والطارق الأعلى تراهُ دانِ


وترى وجوهاً ذِكرها في الغاشية
وترى طلوع الفجر في البلدان


والشمس بعد الليل تُشرِقُ بالضحى
والانشراح لفائز بجنان


والتين والزيتون حلوٌ طَلعُها
وبدأ باقرأ في العلق أمران


في ليلة القدر المبارك أُنزلَت
في الوتر لا في الشفع من رمضان


ثم توالى للرسول منجّماً
والبيّنة في قولنا برهان


وإذا رأيت الأرض حولك زلزلت
والعاديات تصيح في الميدان


لعلمت أن القارعة قد آذنت
فلمَ التكاثُر يا أخا العرفانِ؟


والعصر إن الهمز شينٌ فعلهُ
والويل للهمّاز والطعّان


والفيل أدبر في شرود عندما
عجزت قُريشٌ عن حِمى الأوطان


من يمنع الماعون يحرم شربةً
من ماء نهر الكوثر السيّان


والكافرون تنكست راياتهم
والنصر يوم الفتح للإيمانِ


ولقد علمنا أنَّ تبت والمسد
ويلٌ يذوق عذابهُ الزوجانِ


فاحرص على الإخلاص والزم حبلهُ
فبغيرهِ لايقبل الاحسانِ


واعلم بأنَّ الله مالك أمرهِ
ربّ الفلق والناس والأكوان.
******
العرب والعام الجديد
الشاعر محمد صالح العبدلي – اليمن


من يُبصرِ العُرْبَ بالعام الجديد حَفَا
يظنهم عطفوا التأريخ فانعطفا


يظنهم رجعوا لله وانتصروا
لحقهم واستعادوا كل ما انخطفا


يظنهم حرَّرُوا الأقصى وغاصبُها
أضحى طريدَ القضا في جرم ما اقترفا


يظن ميلادهم عاد الوجود به
فاسترجعوا مجدَهم في الأرض والشرفا


يظن رايتَهم دان الوجود لها
أمرًا وصاروا ملوك الكون والخُلَفا


من شاهدَ العُرْبَ بالعام الجديد حَفَا
يظنهم أذْهَبُوا عن وجهِهِ الكِسَفَا


وليس يخطر ُفي بال له أبدًا
أن احتفاهم تعدى سُخْفُهُ السَّخَفا


وأنهم للنصارى واليهود صدى
ولم يكونوا شريكا فيه أوطرفا


وأنهم مِن هوانِ الحالِ ظالمُهم
لايستحقون فيه العدل والنَّصَفا.


*****


التحدي
الشاعر سهيل أبو زهير – فلسطين
إهداء: إلى البطل هشام أبو هواش


ألا هبّي بقيدك يا ليالي
فإن الأَسر لون من دمار
سجنت على كثير أو قليل
وجاء القيد يؤذيني بداري
فحاولت الهروب لأن عِلمي
بما عانيت ناداني حذار
وكنت أُعد أيامي لأمضي
على درب الجهاد ولا أماري
ولكنْ ضاقت الأبواب حولي
فسرت أَعد أيام الإسار
دُفعتُ إلى المحقق إذ دعاني
بلطف ثم عربد في سُعار
وأسلمني لمن أخذوا برأسي
يجرّوني وقد هدَفوا انكساري
فرحت أصيح ملتجئا لربي
فمنّ عليّ ربّي بالدِّثار
وألهمني التصبر فوق صبري
لأجني من معيّته انتصاري
إذا ألبست في رأسي خناقا
أشم به روائحه الشِّرار
طفقت أوزّع البسمات عمدا
وقهرا ثم أبكي في هِذار
يقول بأنهم علماء نفس
وقد فهموا الكبار مع الصغار
فما ارتجف الفؤاد لأن مثلي
تربى في المساجد للتباري
فما أغناه عِلم مع يقين
تملّكني بأن النصر سار
وإذ أحسست من نفسي شموخا
تخبط في الإفادة والقرار
فأعطاهم أوامره بنقلي
لقسم الخائنين للاجترار
فلما استيأسوا خلصوا نجيا
وراحوا يشتمون لظى اقتداري
لذلك قرر القاضي عقابا
سنيّ القهر في أقصى البراري
هناك وجدت إخواني وصحبي
أقاموا في السجون ضيا النهار
وعند إيابهم للدار صاروا
تلاميذ بمدرسة الزواري
فهل أرضاك مِن فعلي عدوّي
أُسعِّر من لهيبي كالضواري
وإن وَلغَتْ جنودك في دمائي
فسوف أجود من ذات الصواري
وفي يوم الأسير رفعت رأسي
لأن الوعد آذنَ بالظَّفار.




*****
أيا نفسي


الشاعر ناصر حسين بومعزة – الـجزائر
بمناسبة ذكرى عيد ميلادي وإن كنت لست ممن يحتفلون بها ولكنني أقف مع نفسي وقفة تأمل!


عيــــدٌ حللتَ ولـــم تستشــــرْ** ولكن ستمضي وتبقي الأثـرْ
وها أنا عـــــدتُ لمــــا فاتني ** فيــانفس رفقا كفاك غَــــرَرْ
وهذا عنـــــانك طــــوع يدي ** وبالــزهد عشتُ فهل أسْتَمِرْ
وهل تدركين بأنـــي ضجِــر ** لما تفعليــــــــن إزاء البشـرْ؟
وهل تعلميـــــن بمــا راعني ** فتلك السنـــون لديها الخبــرْ؟
لإن تأمريني بمــــــا أتقــــي ** فمرحى بنـفس تريد الـــدُّررْ
تعاف لذكر الخنا والشقــــــا ** وتذكــــــر ربا حباهــا الخِيَرْ
فهلا وقعــتِ على ميتــــــــة **أم الخير أجدى لدرء الخطــرْ؟!
أقول القريض وأسعـــى بــه ** لقرض الهموم التي تستعــرْ
وأفنى لأجل عــــلا أمتــــــي**لتدرك ركب الأولى في القمرْ
فلا توهمينـــــي بطـول الحيا ** فذاك خيــــال وليست عبــرْ
وإن كان سعيك نحو العــــلا ** فإنـــي جدير لكي أستقـــــرْ
أخالــــف كل هـــــوى جائر **يريد الشرور ويبغـي الضررْ
وأخشى عليـــــك من نــازل ** سيرديـك حتما بقــاع الحفـرْ
فهل تندميــــن علـــى فعلــة ** ونشــوى تَمرُّ كلمح البصــرْ؟
وحين تفيقين مــن غفلــــــة ** تكون السنــون أتـــاها القدرْ
فحينها يضحك منـك الـــذي ** يزيّن نـــجده نحـــو السقـــرْ
بشتى الأماني وكــل المنـى ** وهــل للأمانـي أمـــانٌ يُقَـــرْ
فعودي سريعــــا إلى ربـك ** فعودك أجدى إلى المقـتــــدِرْ
وقومي بصبح وعند الضحى ** وآخر ليـل وعنـــد السـحـرْ
فخمسون عاما وتسعٌ تمُـرْ **كيوم قصير وبعض الصـــورْ.


*****
جيم .. روايةٌ جريئة تسيّدها التناقض
انطباع قارئ: أمين بشيرباي (مستغانم/ الجزائر)


رواية جيم إصدار أدبي للمتيّزة سارة النمس نُشرت سنة 2020 عن دار الأداب اللبنانية تأتي في ما يقارب 300 صفحة وقد وصلت إلى القائمة الطويلة للجائزة البوكر العالمية للرواية العربية.
ولعل أول ما يلفت الانتباه في هذه الرواية هو كمية التناقض في الشخصيات حيث كان الثيمة اللافتة للانتباه في بناءهم: فقير وغنيّة أسمر قويّ البنّية ونحيلٌ أشقر متديّنة وملحّدٌ بطريقة ما باردة المشاعر وشاعرٌ تحرّكه الأحاسيس كاذبة فنّانة وصادق أمين قاتلة ساديّة وبريء حنون.
والكاتبة استعرضت عضلاتها الأدبية بأسلوب رشيق يميل إلى البساطة والسلاسة في السرّد أين تطرقت سارة النمس في كتابها لمواضيع متعدّدة كالتحرّش الجنسيّ والفقر والعوّز والحب والحياة البروجوازية وأجواء الأحياء الشعبية والعشرية السوداء وغيّرها.
الرواية تدور أحداثها في التسعينيات بذكريات ما بعد الاستقلال إلى غاية العشرية السوداء حديثٌ عٌن رأيّ الأمازيغ ومواقفهم تجاه جبهة الإنقاذ وقرارات الرئيسين الراحلين بومدين وبن بلة رحمها الله وصِدام الثقافتين الأمازيغية والعربية وقضيّة وطن أحاديّ الهوّية يلغي الطرف الثاني وصولاً بالأحداث إلى سنة 2014.
وبالعودة للرواية وما فيها: في أول فرصة للجمعّ بين شخصيتيّن بطلتين تطورّت العلاقة بينهم حدّ التشابه إلى أن حدث الصِدام بشكل مدهش وكأنّ التناقضّ في رواية جيم هو أسلوب حياة الخروج عنه سيصنع ما صنع في أحداث الرواية.
و جيم هذه: شخصية ناتجة عن إمتزاج ثنائي (جهاد وجنّات) مختلف الصّفات فما كان لها إلا أن تكون مجمعاً لصفاتهما في جسد واحد جسد تملأه السوداوية والبلادة.
أكثر من مئة صفحة (ابتداءً من ص21) خصصتها الروائية في تصوير حوار كلاسيكي تُؤديه شخصيتيّن فقط بسعة خاطر وسرد متأن تارة وسريع تارةً أخرى وذلك على طول رحلة في الحافلة نحو وجهة بعيدة إلى عمق الصحراء الجزائرية لاقت الحافلة بين شخصيتيّن تفنّنت الحياة في أذيتهما وتفنّنتا في أذيّة غيرها من الأبرياء.
لعل تكرار كلمتيّ الرجل الشرقيّ كانت مستفزة للقارئ فكلما ظهرت إلى وتلتها مصطلحاتٌ كوظيفة المرأة وحريّتها ممارسة الرجل وصايته عليها ورغبتها في التحررّ.
الرواية ضمت ثلاث أسفار السفر الأول انتهى عند الصفحة 209 بوصول جيم إلى وجهتها.
أما في السفر الثاني فموعدٌ مع عديد المواضيع الجريئة والطابوهات التي يعتبر الخوض فيها محضوراً إلى حدّ ما في ثقافتنا: الزاوج ورتابة الحياة بعد مضيّ العام الأول الحاجة الجنسيّة المثليّين الشواذّ واللاجنسييّن القتل تأثير البرود العاطفيّ في العلاقة الزوجيّة وعلم النفس الذي من شأنه معالجة بعض الاضطرابات التي تعوّدنا عليها في مجتمعنا رغم سوءها وتداعياتها على حاشية المريض المضطرّب.
تطوّر أسلوب الكاتبة في هذا الجزء حيث كانت تغيّر من شخصية الراوّي بالتناوب تقريباً فصلا بفصل مرةً ل جيم ومرتيّن ل لمين كوْن شخصيّة الزوجة كانت نادراً ما تفكّر بصوت مرتفع وغلبت عليها صفة الهدوء إلى درجة اللامبالاة.
وبخصوص السفر الثالث كان في بقعة جغرافية أخرى هناك بين أوروبا وآسيا حيث الزمن مختلف عن زمن أحداث الرواية في فصولها الأولى وحتّى نمط الحياة مغاير تماماً.
أواخر الرواية كان أدب المراسلات والرسائل تلك التي عادة ما تصل مُتأخرة لتنسِّف ما سبقها وكقارئ أعتقد أن هذه الرواية يمكن قراءتها معكوسةً أي أن تشرع في قراءة فصولها الأخيرة ثم تعود للأولى دون أن تتأثر الحبكة كثيراً فالغموض لم تتّم إزالته بانتهاء الرواية مما سيطرح تساؤلات إذا ما كان لها جزءٌ آخر يطبخ بين أصابع الكاتبة فعادةً ما تتضّح معالم الروايات كلما تقدّم القارئ في اكتشاف حبكتها وأحداثها إلا أن جيم من الروايات التي كلما غصّت في ثناياها ازدادت ضبابيّتها واتّسعت دائرة غموضها.