تباين مواقف الدول تجاه احتلال فرنسا للجزائر بين مؤيد ومعارض

  • PDF

مراصد
إعداد: جـمال بوزيان

أخبار اليوم ترصد مقالات أهل القلم
تباين مواقف الدول تجاه احتلال فرنسا للجزائر بين مؤيد ومعارض 

ترصد أخبار اليوم كل حين مقالات الكُتاب في مجالات الفكر والفلسفة والدِّين والتاريخ والاستشراف والقانون والنشر والإعلام والصحافة والتربية والتعليم والأدب والترجمة والنقد والثقافة والفن وغيرها وتنشرها تكريما لهم وبهدف متابعة النقاد لها وقراءتها ثانية بأدواتهم ولاطلاع القراء الكرام على ما تجود به العقول من فكر متوازن ذي متعة ومنفعة.

مواقف الدول من احتلال فرنسا للجزائر
بقلم: الدكتورة نور الهدى ديب ـ باحثة في التاريخ

اختلفت المواقف من دولة لأخرى تجاه احتلال الجزائر بين مؤيد ومعارض ومحايد وغير مهتم.. موقف الدولة العثمانية باعتبار الخلافة العثمانية هي صاحبة السيادة على أرض الجزائر منذ  العام 1519 م حيث يجب أن نوضح في البداية موفقها المعروف أنه لما اشتد الحصار الفرنسي على سواحل الجزائر في الفترة من 1827-1829 أوفد الباب العالي مبعوثه خليل أفندي في شهر نوفمبر من العام 1829 م وكانت مهمته حل النزاع بين الجزائر وفرنسا فكانت مساعي خليل أفندي لإصلاح الأمر بين فرنسا والجزائر يؤول بالفشل بسبب شروط فرنسا المجحفة التي أحست بقوتها وعلو شأنها بوصفها قوة استدمارية وليدة وطلبت إعادة حق صيد المرجان وإقامة منشآت فرنسية في الجزائر وأدت هذه الطلبات الفرنسية إلى فشل المفاوضات وبالتالي عودة المبعوث العثماني إلى اسطنبول خالي الوفاض في الوقت نفسه كان السفير الفرنسي لدى الباب العالي السيد GuilIMenot يقوم بعدة اتصالات مع الباب العالي بهدف الحصول على فرمان تتم الموافقة بمقتضاه على حملة محمد علي باشا والي مصر على الأقطار المغاربية طرابلس الغرب وتونس والجزائر وهي لب المشكلة لدى الفرنسيين وهدد السفير الفرنسي باحتلال فرنسي للجزائر حال رفض الباب العالي مطالبه إلا أن الرفض العثماني كان الرد النهائي بعد فشل المهمة الدبلوماسية الأولى لتسوية الخلاف الفرنسي الجزائري واقترح الباب العالي لتسوية الخلاف القائم بين فرنسا والجزائر إيفاد مبعوثيْن أحدهما عثماني عن الجزائر والآخر فرنسي وتنفيذًا لهذا الاقتراح كلف الباب العالي طاهر باشا بالسفر للجزائر في شهر مارس 1830 م وفي المقابل أرسلت فرنسا مبعوثها بعد اعتذار السفير الفرنسي لدى الدولة العلية وبالطبع طُلِب من قائد الحصار الفرنسي على الجزائر السماح لطاهر باشا المبعوث العثماني بالوصول إلى الشواطئ الجزائرية والطلب العثماني يدل على قوة الحصار وإصرار فرنسا المسبق على احتلال الجزائر وبعد هذه الترتيبات سافر المبعوث العثماني إلى الجزائر بعد أن زوده السلطان بخطاب موجه إلى محمد علي باشا يطلب منه استفسارات حول المشروع الذي اقترحه عليه الفرنسيون والمتعلق بغزو الأقطار المغاربية. كما أعطى السلطان فرمانًا لطاهر باشا يوضح له فيه الأهداف المرجوة تحقيقها من وراء مهمته في الجزائر كما زوده بتعليمات محددة يجب تنفيذها وتتلخص في: 
1-التفاوض مع قائد الحصار الفرنسي على الشواطئ الجزائرية فور وصوله الجزائر.
2-في حال رفض قائد الحصار التفاوض يقوم بطلب مندوب فرنسي مدني لتفاوض عِوضًا عن قائد الحصار.
3-التباحث مع المندوب الفرنسي فوز تعبيه من الحكومة الفرنسية -محاولة تحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب من عملية التباحث- في حال عدم التوصل إلىاتفاق فعلى طاهر باشا إرسال خطاب بذلك للسلطان العثماني- الإيضاح للأعيان والعلماء وخاصة مدى الخسائر التي سوف تقع على عاتق الإيالة فور حدوث حرب بين فرنسا والجزائر وقيل فيما بعد أن هناك تعليمات سرية مفادها استيلاء طاهر باشا على الحكم من الداي حسين بل وإعدام الداي حسين بسبب المشكلة من وجهة نظر الباب العالي إذا لزم الأمر إلا أن هذا الأمر لم يخرج عن حد التكهنات وليس هناك أي وثائق تدل على هذا الرأي إلا أن قائد الحصار الفرنسي دو کلیر فال Dr CLAIRVAL مع المبعوث العالي من دخول الجزائر العثمانية. وعلى الرغم من فشل المساعي الدبلوماسية في دخول طاهر باشا الجزائر بحرا إلا أنه حاول الوصول إلى الجزائر برًا عن طريق تونس إلا أن حاکم تونس منعه من دخول الأراضي التونسية بعد التهديدات الفرنسية له وعلى إثر فشل طاهر باشا الوصول للجزائر بحرا وبرا اتجه إلى مدينة طولون الفرنسية وقد حاول طاهر باشا بعد وصوله مباشرة الاتصال بالسلطات الفرنسية لبدء التفاوض إلا أن مساعيه الدبلوماسيةلم تجد آذانًا صاغية فقد حاول المبعوث العثماني طوال فترة إقامته بفرنسا الاتصال بشارل العاشرإلا أن السلطات الفرنسية رفضت الاعتراف به کمبعوث للباب العالي على الرغم من حمله وثائق تثبت ذلك ويبدو أن فرنسا قد وجدت بالحل العسكري ضالتها المنشودة في حل خلافاتها المالية مع الجزائر مستغلة ما أسمته الإهانة البالغة التي لحقت بالسفير الفرنسي وبفرنسا كلها بعد حادثة المروحة الشهيرة لدرجة أن السلطات الفرنسية حاولت احتجاز طاهر باشا طوال فترة إقامته في فرنسا وليس أدل على ذلك من خطاب وزير الخارجية الفرنسي لطاهر  باشا الذي أوضح له فيها عدم حصوله على الحرية الكافية للتفاوض مع السلطات الفرنسية وبعد أن حاول وفشل أبلغ طاهر باشا الباب العالي بمحصلة رحلته وهي لاشيئ والحقيقة أن فرنسا حاولت بشتى الطرق إفشال مساعي طاهر باشا لأنه لو استطاع الوصول إلى الجزائر وإقناع الداي بقبول الشروط الفرنسية لحلت المشكلة مما يدل على سوء النية من قبل فرنسا تجاه الجزائر لذا فلم يكن الفشل العثماني إلا نتيجة للسياسة الفرنسية تجاه المشكلة وكان السفير الفرنسي في اسطنبول على رأس من حاولوا عرقلة المساعي العثمانية على الرغم مما تحمله وظيفة السفير من مرونة سامية تهدف إلى حل المشكلات لا عرقلتها ولكن يبدو أنها كانت معطلة في ذلك الوقت ولم يكن السفير الفرنسي وحده من لعب هذا الدور بل شاركه فيها  أيضا وزير البحرية الفرنسي د.هوسي DR.Haussez الذي أمر قائد الحصار الفرنسي بعدم السماح لطاهر باشا بالوصول إلى الجزائر وجاء هذا الاعتراف في مذكرات الوزير الفرنسي حيث كان يمثل وصول طاهر باشا إلى الجزائر فشلا للخطط الفرنسية فقد كانت الخطط الفرنسية تهدف إلى إفشال المساعي الدبلوماسية للوصول للحل العسكري ولما وقع الاحتلال بالفعل حاولت الدولة العثمانية الدخول مع فرنسا في مفاوضات بهدف استرجاع الجزائر اللباب العالي إلا أن هذه المفاوضات لم تصل إلى نتائج مرضية بسبب إجحاف الشروط الفرنسية والتي طُلِبت من طرف الباب العالي فوصلت إلى حد التخلي العثماني فعليًا عن الجزائر مع نفوذ فرنسي كامل ومع ذلك واصلت الدولة العلية مساعيها الدبلوماسية لحل القضية الجزائرية فأرسلت رشید باشا سفيرا لها إلى فرنسا للتفاوض مع من يعنيه الأمر في باريس ومن جهة أخرى أرسلت نامق باشا إلى إنجلترا تحت القضية الجزائرية مع الإنجليز العدو التقليدي لفرنسا إلا أن  الموقف الإنجليزي كان سلبيًا جدا ويبدو أن إنجلترا أحست  أن احتلال الجرائر هو بداية الطموح الفرنسي الکبير في المنطقة العربية العثمانية والقارة الأفريقية ككلوالذي لا يمكن رده فالباب العالي وتداركًا  للموقف أرسل حملة عسكرية لطرابلس الغرب حتی يتمكن من حمايتها وتونس والاقتراب من الجزائر ومساعدة الباي أحمد باي قسنطينة الذي حمل لواء المقاومة ضد الفرنسين وكان الباي أحمد قد طلب من السلطان العثماني المساعدة باعتبار الجزائر ولاية عثمانية وبالفعل أرسل الباب العالي أربع سفن حربية محملة بالجنود تحمل 12 مدفعا و100 من الرماة الـمَهَرة إلا أنه ومع الأسف لم تصل هذه القوة العثمانية إلى الجزائر لقلب باي تونس رجوع القوة بحجة خوفه من ردة فعل القيادة الفرنسية وبالفعل كانت ردة فعل الحكومة الفرنسية قوية حيث أرسلت إلى الباب العالي إنذارًا مفادهُ أنه في حالة وصول هذه القوة إلى الجزائر فإنه على الدولة العثمانية أن تعتبر نفسها في حالة حرب مع فرنسا وعلى الرغم من تلك التهديدات إلا أن الأسطول العثماني توجه إلى تونس لحمايتها من الخطر الفرنسي في المقابل اعترض الأسطول الفرنسي الأسطول العثماني وكانت الحجة الفرنسية في حماية مصالحها الاقتصادية في تونس ومنطقة المتوسط الحقيقة أن فشل الدولة العثمانية الدبلوماسي كان متوقعا نظرا لما آلت إليه  من ضعف بسبب كثرة المشكلات الداخلية والخارجية حتى أن السلطان العثماني محمود الثاني (1808- 1839) قضى على الجيش الانكشاري لما بدأ به من مشكلات على الرغم من أن الانكشارية كانت أهم عوامل قوة الدولة العثمانية ومما أدى إلى كثرة حركات التمرد العسكري ضد السلطة المركزية في إسطنبول ومما زاد من قوة هذه الحركات مساندة القوى العظمى لها بدافع حصول هذه الفئات على حقها كما اتفقت وتحالفت القوى الأوروبية الكبرى على الدولة العثمانية مما أدى إلى هزيمة البحرية العثمانية في موقعة نافارین 1827 م وبذلك قضي تماما على العسكرية العثمانية بعد أن قضى السلطان العثماني على الانكشارية العثمانية أكملت القوى الأوروبية المهمة بقضائها على البحرية العثمانية بالإضافة إلى الحرب التي خاضتها الدولة العثمانية مع روسيا التي انتهت بإبرام معاهدة أدرنة بين روسيا والدولة العثمانية في العام 1829 م إلى جانب رغبة محمد علي باشا حاكم مصر في الاستقلال مما أدى إلى تعاونه مع الدول الأوروبية للاستفادة العلمية الحضارية من هذه الدول مما فتح الباب على مصراعيه للتدخل الأجنبي في شؤون الدولة العثمانية التي كانت تنظر إلى محمد علي ومصر على اعتبارهما درعا حاميا ضد التدخلات الأجنبية كل هذه الأسباب إلى جانب العزلة التي فرضتها الدولة العثمانية على نفسها أدى إلى تخلفها حضاريا وكل هذه الأسباب مجتمعة أدت إلى فشل الدولة العلية في استرجاع الجزائر إلى السلطة العثمانية فمجرد أن وقع الاحتلال الفرنسي أرسل السفير الفرنسي في اسطنبول مذكرة للمجلس العثماني المنعقد لهذا الشأن أوضح فيها أن الجزائر تتمتع بالاستقلال السياسي وأنها غير تابعة للباب العالي مما ينفي اعتداء فرنسا على أملاك الدولة العثمانية.
=== 
هزّ أركان الإلحاد..
ندوة دولية حول الكتاب الذي أثار ضجة إعلامية كبيرة 


مساهمة: محمد مصطفى حابس / جنيف ـ سويسرا


كتبت منذ أسابيع قراءة أولية لكتاب الله والعلم والبراهين بالفرنسية والكتاب ثمرة بحث دام 3 سنوات بالتعاون مع 20 متخصصا في علوم مختلفة وقد أثار هذا الكتاب ضجة كبيرة في الساحة الفرنكوفونية خصوصا بيعت منه 70 ألف نسخة في ظرف شهرين فقط وكنت قد وعدت القارئ الكريم بإتمام القراءة العامة والنقدية أحيانا لبعض أجزائه خاصة الأخيرة منها التي فيها شطحات منسوبة للدين خاصة المسيحية واليهودية..
ونظرا لضيق الوقت سوفت إتمام المقال يوما بعد يوم ومع مرور الوقت اطلع بعض الزملاء الطلبة والأساتذة على جزئه الأول وما نشره الدكتور نذير طيار -حفظه الله- في صفحته وغيره.. اخبرني أحد الأحباب أن ندوة حول هذا الكتاب ستعقد هذا الأسبوع ندوة دولية عبر وسائل التواصل الاجتماعي من طرف أساتذة من أهل الاختصاص فشكرته وقلت في نفسي اتهنى الفرطاس من حكان الرأس إذ استبدلت ما كنت أنوي إتمامه بتغطية لهذه الندوة التي لَخَّصَت عموما ما كنت أرغب في كتابته حينها.. طبعا هذه الندوة الدولية التي حضرها جمهور معتبر من الداخل والخارج نظمتها أكاديمية الثقافة السننية للتجديد الحضاري الجزائرية عبر تطبيقات الزوم- عن بعد- بعنوان: قراءة علمية ونقدية لكتاب (الله العلم والبراهين) شارك فيها كل من البروفيسور محمد سعيد مولاي من جامعة باب الزوار بالعاصمة والبروفيسور عبد الوهاب العمري من جامعة أم البواقي والدكتور عبد الله لعريبي رئيس الأكاديمية مع حضور عدد من المعقبين أساتذة وباحثين ومهتمين من داخل وخارج الوطن.
طبعا يصعب علي تلخيص كل ما جاء في الندوة بتلك المنهجية العلمية الصارمة من طرف المتدخلين في هذا الحيز الضيق والتي دامت ساعة و40 دقيقة عدى التدخلات لكن سأنهل من حيل مهنة المتاعب كما هو معلوم لدى بعضهم أن للصحافة أحيانا طبيعة اختزالية فهي تبخّر ما يقع تحت يدها من أخبار ثم تكثّفه ثم تقتطع منه ثم تصيغه وفق ما يلائم الحال ثم تبسّطه بحيث تكون قراءة الموضوع مناسبة للسواد الأعظم من القراء دون أن نجوع الذئب ولا نبكي الراعي كما يقول المثل الشعبي الجزائري..
الندوة انطلقت بعد تلاوة مباركة من القرآن الكريم من طرف أحد شباب الأكاديمية بعدها قدم الدكتور عبد الله لعريبي الخطوط العريضة العامة لسير الندوة كما قدم تعريفا مقتضبا عن الكتاب ومؤلفيه الفرنسيان ميشيل إيف بونوري وأوليفيي بونسيس وصاحب تقديم الكتاب الامريكي روبرت ويلسون الحاصل على جائزة نوبل في الفيزياء معرجا على سبب إدراج ندوة عاجلة مع بداية السنة الجديدة لأهمية الموضوع علما ان الكتاب صدر في أكتوبر 2021  فقط.
وقد هز الكتاب أركان الإلحاد في فرنسا وقلب قناعات قديمة حول العلوم والإيمان رأسا على عقب واعتبره المؤلفان فجر ثورة محدثا ضجة إعلامية في الصحف والقنوات الغربية والأوساط الفكرية والثقافية والعلمية إذ يهدف الكتاب إلى إثبات وجود الله استنادا على علوم المادة والأحياء الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا خلال القرن العشرين سيما نظرية الانفجار العظيم (البيغ- بانغ) التي أثبتت أن للكون بداية وأسقطت كل النظريات الفلسفية والعلمية القائلة بأزلية الكون كما أشرنا لذلك في مقالنا السابق.
مذكرا ببعض الأسباب التي جعلتهم يخصصون دراسة علمية ونقدية عاجلة لهذا الكتاب منها:
1- تحصين الشباب من تيار الإلحاد الخطير المستشري خاصة في ديار الغرب
2-لأن بعض البراهين العلمية التي استدل بها المؤلفان قائمة على السنن الإلهية المبثوثة في الآفاق كما يقول الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء في تقديمه للكتاب: لم يكن للكون أن يستمر كل هذا الوقت ويصل إلى هذه المرحلة لو لم يضبط ضبطا فائقا. فتغيير طفيف جدا في كثافة الكون البدائي كان سيؤدي إلى واحد من أمرين إما توسعا سريعا جدا في الكون بحيث يستحيل تشكل الشمس والأرض وإما توسعا بطيئا يؤدي إلى انهيار جديد قبل ولادة الشمس منذ 4.7 مليار سنة مختتما مقدمته بقوله: فهذه الشهادة تعزز منظور السننية الشاملة الذي تقوم عليه الأكاديمية والذي يرى أن الكون والإنسان والحياة تحكمهم سنن إلهية دقيقة ومضبوطة لا تتحول ولا تتبدل.. .


الكتاب في حاجة لقراءة نقدية مع تبيان خلفية أصحابه وتوجهاتهم السياسية والروحية:
بعده أحيلت الكلمة للبروفيسور محمد سعيد مولاي من جامعة باب الزوار وهو العالم المتخصص في الرياضيات والمهتم بالإعجاز العلمي في القرآن ليبدأ بتقديم ممنهج مركز بقراءة شاملة موسعة عن الكتاب ذكر منها:
السياق العام الذي ظهر فيه الكتاب إذ بين أنه منذ ما يقرب من أربعة قرون من كوبرنيكوس إلى فرويد مرورا بجاليليو وداروين تراكمت الاكتشافات العلمية بطريقة مذهلة مما أعطى الانطباع بأنه من الممكن شرح الكون دون الحاجة إلى اللجوء إلى إله خالق. وهكذا في بداية القرن العشرين انتصرت المادية فكريا.. وبطريقة غير متوقعة ومذهلة تغير مجرى العلم في الاتجاه الآخر بقوة لا تصدق إذ تعاقبت  اكتشافات النسبية وميكانيكا الكم وتوسع الكون وموته الحراري والانفجار العظيم والضبط الدقيق للكون مما نسف القناعات الراسخة لدى العقل الجمعي للقرن الـ 20 إلى الحد الذي يسمح لنا اليوم أن نقول إن المادية التي لم تكن إلا مجرد اعتقاد مثل أي اعتقاد آخر في طريقها إلى أن تصبح اعتقادا غير عقلانيا مبينا أن الكتاب ينقسم إلى قسمين البراهين العلمية والبراهين من خارج العلم إذ يرى أنه علمي بامتياز لأنه عرض الأدلة العلمية الفيزيائية والبيولوجية الحديثة الدالة على وجود الله وفيه الرد العلمي الفيزيائي والبيولوجي الدقيق الداحض للرؤى أما قسم البراهين من خارج العلم فهو قائم على البراهين اللاهوتية وبراهينه غير منطقية وغير معقولة.. تحتاج إلى قراءة نقدية مبينا خلفية أصحابه معرفا بالمؤلفين وتوجهاتهم السياسية والروحية التي لا يستطيع التحدث فيها إلا من له ثقافة واسعة وشاملة عن العلم والعلماء في فرنسا بالخلفيات المعروفة لأصحاب الكتاب علما أن الدكتور مولاي عاش في فرنسا ودرس فيها معرفا أن ميشال إيف بولوري مهندس في الاعلام الالي وشريك شقيقه في مجمع بولوري الصناعي منها الشركة  الكبيرة التي بيعت وتحولت إلى شركة انتاج اليورانيوم في النيجر ( أريفا).
وهو أيضا عضو في الجمعية المسيحية (أوبيس داي – صنعة الله).
أما أوليفيي بوناسيس فهو خريج المدرسة المتعددة التقنيات وخريج المدرسة الكاثوليكية بباريس (أوبيس داي - صنعة الله) ومؤسس مركز السيدة مريم أم المسيح عليه السلام في مدينة الناصرة بفلسطين.
كما بين الدكتور مولاي بقوله: في الجزء الثاني البراهين لا صلة لها بالعلوم أصلا بل براهين فلسفية على حد تعبير المحاضر بعيدة عن التخصص علما أنه حتى مصطلح الخبير بدعوى التخصص فككت كثيرا من العلوم إذ كانت - على سبيل المثال- الفلسفة كلا ثم تفكّكت شذر مذر: فك اقليدس الرياضيات عن الفلسفة وفك كوبرنيكوس علم النجوم عن الفلسفة وفك نيوتن الميكانيكا أو علم الحركة عن الفلسفة وفك داروين البيولوجيا عن الفلسفة وفك فرويد علم النفس عن الفلسفة والآن صارت العلوم الادراكية تنفك تدريجيا عن الفلسفة. إذ لا ريب أن الفقر الفكري صار مُدقعا على حد تعبير ألان دونو المفكر الكندي.