ضرورة رد الاعتبار لمخابر البحث العلمي لحل المشكلات

  • PDF


مراصد
إعداد: جمال بوزيان


أخبار اليوم ترصد آراء حول إصلاح المجتمع
ضرورة رد الاعتبار لمخابر البحث العلمي لحل المشكلات


تزداد الأخطار والأزمات والمشكلات في جل المجتمعات لسبب أو لعدة أسباب وساعد في ذلك عامل أو عدة عوامل.. سألنا أساتذة عن شروط الإصلاح ومناهجه وأولوياته إن نرد تغييرا إيجابيا في المجتمع.
هل كل ما في المجتمع يحتاج إصلاحات؟ وهل يبدأ من الأسرة أم المدرسة أم المسجد أم وسائل الإعلام والصحافة أم المؤسسات الثقافية والفنية أم من جميعها وغيرها؟ وما أولويات الإصلاح؟ وما المناهج الناجحة التي تثمر بناء مجتمع واع راشد قادر على المشاركة في الحضارة الإنسانية؟.


خاصة السلوك العام والقيم والمعرفة والتكنولوجيا
ضرورة إعادة النظر في منظومات المجتمع ومؤسساته
د. خالد شنون ـ أستاذ جامعي


المتتبع والمحلل لواقع الحياة في المجتمعات المعاصرة يجد أن الزمن وماهيته الرياضية هو نفسه إلا أن أبعاده وقيمته واستغلاله واستثماره أضحى سريعا أمام تحديات التغيرات المتسارعة تغيرات في نوعية الحياة وجودتها تغيرات في نوعية الحياة وتأمينها تغيرات ارتبطت بالعولمة ولا تكاد تنتهي إلا لتزيد من وتيرة التأثير وعالم أضحى على محك أزمات عديدة وحلول يصعب فيها الخيار أحيانا ولعل آخرها أزمة كورونا 19 التي حركت المجتمعات والمؤسسات أثرت على اقتصادات عالمية وخلقت نظرة جديدة خلاصتها أن الثبات على مقاربة معينة في العيش ليس سهلا ولعل العلوم وتطورها لطالما ارتبط بتحديات الحياة ومنتظر أن تكون حركيتها كبرى مستقبلا حيث التنظير والقواعد العلمية في إدارة الظواهر ومشكلات المجتمع وأي مرجعية قد تلبي قطعا احتياجات الحياة المعاصرة خاصة في ظل أزمات اليوم وحلول اليوم من رهاب وقلق للمستقبل يذكر أنه ليس سهل التعامل معه حيث حرك هذا الواقع المتسارع مؤسسات البحث والإنتاج والتربية والاقتصاد للبحث في مقاربات من شأنها تحصين الأمم والمجتمعات من المخاطر المحدقة بها مخاطر كان في الماضي سهل دراستها والتنبؤ بها أما اليوم وأمام الاختراعات المذهلة والعولمة الثقافية ففعلا العالم أضحى قرية صغيرة يدار بأزرار على المقاس وعلى هذا الأساس فمن الضروري إعادة النظر في منظومات المجتمع ومؤسساته خاصة ما تعلق منها بالسلوك العام والقيم والمعرفة والتكنولوجيا المنتشرة فيه. وما تمليه على المثقفين ومسيري المؤسسات.
ويشير الخبراء والمفكرون أن الأزمات مولدة للمهمات بل ومحركة للمهمات الكبيرة التي تتجاوز حد البحث العلمي قصير المدى إلى بحث يعنى بالمستقبل بحث يرقى لحد الدقة وفيزياء الحياة الاجتماعية يبنى مقاربات احتمال صادق لا محال.
وفي هذا المقام أعتقد أن المجتمعات الراقية والمتطورة لها تأويلات كبيرة في تفسير واقع اليوم بين التفاهم والصراع وليس يسيرا أن نحلل الظواهر في ظل مجتمعات لم ترتقي لحد المشروع الواضح المدخلات والملامح التي تحقق أهداف المجتمع.
 الرهان كبير  على الإنسان العالمي وعلى الفكر المقاولاتي بعيدا على البحث من أجل البحث الرهان كبير اليوم على رد الاعتبار الكبير لمخابر البحث الصادق بحث ينطلق من مشكلات الواقع ويقنن التخصص العلمي في مقاربة شمولية في شكل مشروع تكون مخرجاته إنتاج علمي وحل للمشكلات ورضا للزبون الذي هو الفرد.
  بات لزاما علينا اليوم الإيمان بمبادئ العمل الجاد المؤسس على العلم والمعرفة وعلى العمل والصحة خاصة الذي أملته علينا الظروف الأخيرة من عدم التواني ولو لزمن قصير في التريث والانتظار حيث الصراع اليوم صراع مع الزمن والبحث العلمي الذي يأبى أن يتوقف عند حد التعلم والتعليم ويتجاوزه إلى حل مشكلات تتجاوز تناقضات الواقع وهي دعوة في ظل الشعور بالمسؤولية وقيم النفع العام والإيمان بعالمية الوجود إلى تجنيد الموارد وتسخير الإمكانات لتجاوز ما تم تسجيل من مقاربات تربوية وتعليمية مبنية على الكم إلى مقاربات تبنى على الكيف والنوع نوع ينافس في كامل بقاع العالم ليحل مشكلات مجتمعه ويتجاوز ذلك إلى حد المساهمة في المنظمات العالمية والإقليمية لحل أزمات الواقع وتحدياته بما تمليه نظرة في عالم متغير وسريع التطور والاختراعات عالم يؤمن بالذكاء والذكاء الاصطناعي والعلم في حل مشكلات البشرية وتوفر حدا من الرخاء العادل بين الأفراد وبين الشعوب لا أقول إني كنت ببعد فلسفي في مقامي هذا ولكن بنظرة معاصرة تنطلق من مقاربة البحث العلمي الصادق الذي يقوم ويصحح ويصور نحو ما أملاه العلم من علمية في دراسة الظواهر وقياس متغيراتها.


*****
الخير يتحقق بتظافر جهود كل فئات المجتمع
د. يوسف قسوم ـ أستاذ جامعي


    هناك نظريات وآراء عدة للمصلحين والفلاسفة فمنهم من يرى أن عملية الإصلاح تبدأ من الفرد وتنتقل تدريجيا إلى الأسرة ثم المجتمع ثم الدولة إلى أستاذية وإصلاح العالم وهو رأي واقعي ومنطقي جدا كون الفرد هو اللبنة الأولى وبصلاحه يصلح المجتمع كما هو الشأن للأم والشاعر حافظ إبراهيم -رحمه الله- قد سبقنا في هذا المجال حيث يقول: 
                            الأم مدرسة إذا أعددتها ... أعددت شعبا طيب الأعراق
    وبالتالي يمكن القول إنه رأي صائب ولكن مع وجود عوامل التهديم كبعض وسائل الإعلام التي تحارب الفضيلة وتدعو إلى الرذيلة إضافة للمناهج التعليمية المستوردة من وراء البحار.. وفي ظل منظومات مغلقة لا تريد إسهام المصلحين في التغيير ستبقى وسوف تبقى محاولات الإصلاح الفردية مجرد أمنيات لأن أمواج الفساد والإفساد المبرمجة من قوى الشر العالمية والإقليمية أقوى وأشرس كونها تدار بأياد شيطانية متمرسة ديدنها العيش في الأوساط الآسنة بل من أهدافها محاربة كل محاولة إصلاحية لأنه وكما يقول المثل: هدام يغلب مئة بناء . ومع ذلك لا يأس ولا قنوط لأنه لو تتضافر جهود المخلصين من منظمات وجمعيات وعلماء وأساتذة وإعلام وتكون النيات صادقة بإذن الله يتحقق الخير.. 
   ومن جهة ثانية هناك النظرية التي تدعو إلى التغيير الفوقي لأن الناس على دين ملوكهم وهذه هي الحقيقة التي لا يختلف عليها اثنان فمعظم الناس ومعظم المجتمعات مع الرئيس والزعيم والملك فإذا كان صالحا مصلحا اتبعته الأغلبية ولو نفاقا ومواراة وهذا ما أكدته تواريخ المجتمعات ولا أدل على ذلك إن ذكرنا أو اخترنا نموذجين رائعين من تاريخنا الإسلامي وهما سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وحفيده سيدنا عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- حيث كانا مَثلين وقدوتين جعلا الناس يأتمون ويقتدون بهما بل بفضل سلوكهما ومحاولاتهما للتغيير تغيرت طبائع الناس وأيضا الملك والسلطة إذا كانت في أياد صالحة مصلحة صادقة تجعل من الإعلام والصحافة والمناهج والمنظمات والجمعيات والأحزاب والفضاءات التطبيقية أدوات بناء لا أدوات هدم مثلما يحصل في مجتمعاتنا الحالية. 
*****


مساهمات الإعلام كبيرة في ترميم كسور وتصدعات تحدث في الأسرة والمدرسة
أ. حورية منصوري   


   إن رقي الأمم لا يتم من العدم.. فلكل بناء قاعدة وأسس وأركان يرتكز عليها ليسمو ويعلو صرحها 
المجتمع هو مجموعة من الأسر وهيئات تكونه. وتعد الأسرة هي اللبنة الأولى التي تنتج لنا الأفراد إذا كانت أولا هذه الأسرة قد ارتوت وتشبعت من مناهل  قيم ديننا ومن الثقافات الموروثة الإيجابية البناءة  التي لا تعارض مناهج الدين والتعليم. 
   تتهاوى الأمة ونحن مسلمون إذا  تحطم مثلث لها وهو مشكلها: 
1- ضلع الأسرة
2- ضلع المدرسة 
3- ضلع المؤسسات الدينية كالمساجد
هذا الترتيب لأضلاع هذا المثلث الذي أعده هو الحياة والحضارة والازدهار الذي يشع من داخله الإصلاح الاجتماعي والدينامية الحقيقية لتحريك عجلات التطور والتقدم الحقيقي.
   إن نرد الإصلاح علينا بتكوين أسرة مثقفة تتعاون مع المدرسة لتكوين فرد صالح معطاء إيجابي في وجهته ونظرته للحياة والوطن لا يتعارض أبدا مع مبادئ دينه وقيمه ومثله السمحة.
   في خضم العولمة والتكنولوجيا أصبح العالم قرية.. تمازجت فيه الثقافات وتداخلت المفاهيم وطفحت شوائب 
عكرت صفو ما ألفناه وتربينا عليه بصفتنا مسلمين.
هذا الاندماج أصبح حربا نفسية لا هوادة فيها أتعب كاهل الأسرة وأضعف جهادها.. إذ نجد في الأسرة نفسها تعارضا بين أفرادها بل وتشتت لوحدتها فانفلت الحبل أيضا بين المربي والتلميذ وهذا بديهي ما دام المربي من الأسرة والتلميذ من الأسرة.
النتيجة الكارثية لهذا التمزق ألا ثقة بقيت حتى بين أفراد المجتمع وحكومته لأن المجتمع هو مجموعة من الأفراد.
   إذا أردنا إصلاحا حقيقيا علينا بإعادة بناء المدرسة وإدخال مناهج تربوية عليها.. إن التغيير الجذري لا بد منه على أن يتماشى وهذا التطور التكنولوجي الرهيب.. لكن يجب ألا يتعارض والقيم الدينية التي تعد المنهج الأقوى لتوجيه السلوك للفرد نحو ما هو أجدى وأنفع.
   بعد الأسرة والمدرسة والمسجد تأتي لمسة الإعلام التي أصبحت سيفا ذا حدين.. فالإعلام له مساهمات كبيرة في توطيد وترميم هذه الكسور والتصدعات داخل الأسرة والمدرسة.. وقد أصبح الإعلام المؤثر المباشر إما سلبا أو إيجابا في نفسية الفرد وتكويناته وتحولاته.
فالجهود للإصلاح والرقي بالأمة عمل يجب أن تتكاثف فيه الجهود وكل المؤسسات التربوية والتعليمية والدينية لخلق فرد صالح سوي خال من أمراض العصر التي تسبب فيها أعداء الأمة وأعداء النجاح.


..يُتبع..