قطوف من قطوف إبداعات الشُعراء..

  • PDF

مراصد ثقافية
إعداد: جمال بوزيان

قطوف من قطوف إبداعات الشُعراء..

ترصد أخبار اليوم قصائد الشعراء وتنشرها توثيقا لإبداعاتهم وتكريما لأصحابها وبهدف متابعة النقاد لها وقراءتها بأدواتهم وليتعلم الـمبتدئون منهم وأيضا لاطلاع القراء الكرام على ما تجود بها قرائحهم. 

*****
هِجْرة في الهِجْرة النبوية
الشاعر الدكتور أدي ولد آدب - موريتانيا

مُهـــاجرٌ.. ترَكَ الأحـبابَ.. والوَطَنا  والذكريـاتُ تنادِي هاهُنا.. وهُنا:
يا مُصْطَفَى سادةِ البطحاء يا قمَراقد أوْرَثَتْهُ النُّبُوءاتُ الهُدَى الحَسَنَا
لا غـارَ..لا شِعْبَ.. لا واد .. ولا جبلٌ  إلا يُنادِي: ببيْتِ اللهِ.. طبْ سَكَنَا
أنت الأمــينُ.. ولا يُــدْعَى بها أحدٌ  إلاكَ.. لا.. لا تسر.. يا سَيِّدَ الأُمَنا

قد أنذرَ المَلأُ الأعْلى النبيَّ.. بما  قدْ بَيَّتَ المَلأُ المَكِّيُّ.. خـــابَ جَنَى!
سبحانْ مَنْ- ثانِيا- أسْـرَى بِهِ مَعَه -فرْدا- مَوَاكِبُ حِفْظ لا تُرَى عَلَنَا
فانْسَلَّ يحْمِلُ بيْتَ الله في دَمِهِ ليجْعلَ الأرضَ بيْتَ الله حيثُ بَنَى
إنْ تبْق روحُ الفتى رهْنًا بمـــوْطِنِهِ فـرُوحُه -مُرْسَلًا- تسْتصحبُ البَدَنَا
تقدَّستْ حصياتٌ.. ذَرَّهَا.. طمَسَتْ عُيونَ مَنْ رَصَدُوهُ.. فارْتَمَوْا وَسَنَا

هُنـا.. تلفَّتَ نِصْفٌ.. نَحْوَ مَكَّتِه   ونصْفُ يَثْرِبِهِ يستشْـرفُ الوَطَنا:
أمَّ القُرى.. لكِ شـوْقي يلْتَظِي أبَدًا وطِبْتِ لِي طيْبة يا يثربٌ سَكَنَا 
أمَّ القُــرَى المَلَأُ المَكِّيُّ بِي ائْتَمَرُوا وَعنْدَ طيْبَةَ يَجْنِي سُوءَ مَا اضَّغَنَا
إنْ هَجَّرُوني غدًا آتيكِ مُنْتَصِرًا أغْزو الحِجَازَ العِرَاقَ الشَّامَ واليَمَنَا

وسارَ مَوْكِبُه/ الاثْنَانِ.. مُحْتَفِلًا إنْ أوْحَشَ الدَّرْبُ صَلَّى: ربُّنا مَعَنَا
دونَ الصناديدِ نسْجُ العَنْكَبُوتِ بَدَا حِصْنًا.. هُنا بيْتُها قدْ هاجرَ الوهَنَا
بيْضُ الحَمَامِ: سَـلامٌ.. عِزُّ بيْضَتِنَا قد أفْرَخَ القلْبُ والإسْلامُ لا حَزَنَا
وأسْفلُ الغارِ مِعْرَاجُ السّمَـا شرَفًا وما الْتَوَى من طريق أوْضَحَ السّنَنَا
هُنَا يُهَــاجِرُ كُـــــــلٌّ عنْ قواعدِهِ  فموكبُ النُّورِ تغْيــــيرٌ.. ورُوحُ بِنَا
الهجْرةُ الرِّحْلةُ الكبْـرى إلى أُفُق   يُطَهِّرُ الأرضَ والإنسـانَ والزمَنا
مِنْ ها هُنا بَدَأ التــــاريخُ دوْرتَه  يُقَدِّسُ العِلْمَ والعُمْـــــرانَ والمَدَنَا


يا موْكبَ النـور إنَّ الهجْرةَ انفتحتْ بابًا إلى الله عمَّنْ آثرُوا الوَثَنَا
بابا إلى الحُسْنِ عن قبْح تَعَتَّقَ في كيْنونةِ الأرْضِ أُفّ طالما احتقنَا!
بابا إلى العدْل عن ظُلْمِ الطُّغَاةِ فقدْ ضجَّ الفضا: بَلَغَ السَّيْلُ الزُّبَا عَفَنَا
بابا إلى العِلْمِ عنْ جْهْل طغَى أمَدا بَابا إلى الحُبِّ عنْ كُرْه نَـمَا إحَنَا


يا مَوْكبَ النور سِرْ مِلْءَ المَدَى حُلُمٌ لا عائقٌ دُونه.. إنَّ الطريقَ لَنَا
ويا سُرَاقَةُ دون الإبْل خَسْفُكَ أوْ تَرْضَى الهُدَى وَحُلَى كِسْرَى-غدًا-ثَمَنًا
سرْ موْكبَ النور وازْرَعْ حيْثمَا عبَرَتْ خُطاكَ مُعْجِزَةً وانفحْ- هناكَ-غِنَى
بأمِّ مَعْبَدَ عرِّجْ.. نُهْـدِهَا رَشَدًا  ونُرْوِهَا- منْ يَبـيسِ الأضْرُعِ- اللَّبَنَا


حُثَّ المَسيرَ رؤوسُ النخْلِ مَرْقَبَةٌ لأهْلِ يَثْرِبَ: هلْ وفْدُ الرسُولِ دَنَا؟
المُحْتَـفُونَ -عَلَى شُمِّ النَّخِيلِ- غَدَوْا  مِثْلَ العَنَاقِيدِ والآطامُ ذاتُ غِنَا
وبالغِنَـاءِ ثَنِيَّــاتُ الوَدَاعِ شَدَتْ  تستفبلُ البدْرَ.. هذا البدْرُ.. جَلَّ سَنَا!
كلُّ البيـوت اشْرَأَبَّتْ: لو غدتْ نُزَلَا لضيْفِها المُصْطفى أكرمْ به سَكَنَا!
يَسَّـابَقُونَ زمــامَ النـاقة الْحَمَلَتْ  رســــالةَ اللهِ.. للكوْنَيْنِ.. دونُ عَنا
لكنَّما الرَّجُلُ/ القــرآنُ هدْهَدَهُمْ: ذي ناقة الله يَهْديها دَعُــوا الرَّسَنَا
ذِي فُلْكُ هِجْرَتِنَا جُودِيُّهَا وَزَرٌ  مَأمْورَة.. حيْثما أَرْسَتْ أحطُّ أنا


من مَبْرك الناقةِ القصْواءِ قدْ نهَضتْ مَدينةُ النورِ تُحْيِي روحُها المُدَنَا 
هنا ابْتَنى المسجدَ الصـدَّاحَ مِئْذَنَة:  اللهُ أكبرُ.. جــهْرا.. تُطْرِبُ الأُذُنَا
صَلَّى بها النخْلُ والآطامُ وارْتجفتْ لها الجبالُ صدًى يدْعو الورَى عَلَنَا
هُنَا العريشُ/ المُصَلَّى بيْن مِنْبَرِهِ  وبيْنَ مَثْوَاهُ روْضُ الجَنَّةِ اخْتزنا
وفوْقَ مِنْبَـرِه للـوحْي مدْرسةٌ  كبْــرى وكرْسِيُّ حُكْم جلَّ مَا اتَّــزَنا!
وهـــاهُنا الحُجُراتُ الطَّيِّبَات وهَا  هُنَـا مَنارُ الهُـدَى.. حَيًّا.. ومُدَّفَنَا


هنا انْبَنَى المُعْجَمُ البَانِي لوِحْدَتِنَا ف المُسْلِمُ المُؤْمِنُ اشْتُقَّا لمنَ أُمِنَا
ومَجْمَعُ المُدُنِ الفُضْلَى: مُهَاجِرَةٌ أنْصارُهمْ إخْوَةٌ فِي الدِّينِ قدْ عُجِنَا
اسْمُ القبيلةِ مشْحونٌ بذاكرة   ثَكْلَى حُـرُوب فهاجرْ عنْهُ طبتَ أنا


إنّا نهَاجِرُ فِي سُفْنِ المَحَبَّةِ فِي بحْرِ القَصِيدِ لِمْنَ أجْرَى الهُدَى سُفُنَا
صلَّتْ عليْهِ القَـوَافِي وَهْوَ كعْبَتُهُا  وخيْرُ منْ في بيوتِ الشِّعْرِ قدْ سَكَنَا
ولَيْتَ لِي بيعةَ الرضْوان مِلْءَ يَدِي تَجْزِي قصيدًا- بنبْض الحُبِّ- مُتَّزِنَا.


*****
لهب التاريخ
الشاعر محمد الوكال ببوش - الجزائر


تواضعي يا رعاك الله واقْتَرِبي
وساجليني تَريْني قمّة الأدبِ


أنا المسافر في طوفانِ أوردتي
ألملم الشعر من عطري ومن صُخُبي


مُحلِّقٌ في سماء الضادِ منذُ مدى
وفارسٌ يتخطّى الريحَ بالخشب


في رحلتي لهبُ التاريخِ مشتعلٌ
والنارُ والشعرُ والتاريخُ منْ لهبي 


تَواضَعِي يا رعاك الله واقتربي
فلستِ قرطبةً راحتْ على العربِ.




*****
راية المجد
الشاعر محمد برحايل - الجزائر




إيهِ (تِبْسا).. يا ابنة الرّبع المجيــــد
عِمتِ بِشرًا فاحمِدي اللّه.. وزيـــدي


واغمُري السّاحات أَنوارًاً.. تُضــــوّي
ومجاهيرا.. تُدوّي بالنّشـيــــــــــد


واطلقي الفرسان يمشون اعتِدادًا
في سرابيلَ كزُرد من حديـــــــــد


وافرشي الزّهوَ وقولي: -- ألفَ (مرحى)
راية المِليون والنّصف.. شهيـــــد


أنتِ للأفذاذ.. نبراس وعـــــــــزْمٌ
في سنين الضَّيْم في اللّيل البليد


كنتِ دوْمًا في حنايا الشّعب أغْلى
من دلال الرّوح والطِّفل الفريد


وستبقين.. كما قبل وأحلى
في شغاف القلب كالحُبّ العنيد


واذكري أبطالنا في (الجرف) لمّا
درسوا الأعداء درسًا كالحصيد


تركوهم أثَرا من بعد عيْـــن
فأبرّوا (عُقبةً) و(ابنَ الوليــــــد)


أقسموا باللّه عهدًا: -- أن سنحيي
عِزّنا بالبذل والصّبر المديـــــد


فاخفقي.. تيهي عُوًّا في حِمانا
واغمرينا بشذا الصُّبح السّعيـــد


ليتنا نُعطيكِ.. يوْمًا..كلّ عــــام
ويُسمّى.. باعتزاز.. يومَ عيــــــــد


واعذريني عن محولي واختزالي
وانكماش اللّفظ عن مَدّ القصيــــد


واغفري لي.. فاقتي.. يُعليكِ ربّــــي
إنّما ما قلتُ.. يهْمي من وريـــــدي.




*****
وعد الرحمان
الشاعر محمد اليحياوي - اليمن




ستزول  رغم أنوفها الأتراحُ
كالليل من نور الضحى ينزاحُ


وعد  من الرحمن .... آمنا به
من بعد حزن تشرق الأفراحُ


فارمِ همومك والمآسي جانبا
واترك لنفسك في الدنى ترتاحُ


للكون ربٌّ مالكٌ ...... ومدبر ٌ
فلِما الأسى  واليأس والأتراحُ


لعباده بالرزق ...... هُوْ متكفِّلٌ
وهو الحكيم  المالك  الفتاحُ


فعليه تتَّكِلُ النفوسُ وترتجي
وله تَخِرُّ ...... بلا إباء الأرواحُ.


*****
عنترة العبسي
الشاعرة رشيدة بوخشة - الجزائر


طيف قد عشّش في رأسي
وأراه عنترة العبسي
فجلست بتلّي أرقبه
وأردّد شعرا بالهمس
وأغرّد أعزف ألحانا
سيجي قد خبّرني حدسي
وبسيف يحكم قبضته
ها جاء يجلجل كالأمس
يختال ويمشي في كبر
أقبل يا تاريخي المنسي
والحاجب يعلو يسألني
(ما العلّة قولي يا أنسي
سأرصّع ليلك أنوارا
لتنيري صبحا كالشّمس)
حام لحمانا من أزل
يا سيّد قوم بني عبس
هذي أغصان باسمة
ورحيق يعصر بالكأس
وتدور بجمع يرشفها
يا كيّة قلب ابن الغلس
ودماء تكسو وجنتها
ها عبلة صاحت (وا قدسي..)
فاركض كالرّيح لنجدتها
ما عاد بقومي من عبسي.


*****
على ضفاف التقى
الشاعرة فاكية صباحي - الجزائر




قلـّـــبْـــــــــــتُ أضرحةَ الأزمــــــانِ أســــــألُها
فانــثالَ رمــلُ الصَّــــــــــدى والرَّجـــــعُ ذرّاهُ


دُكِّي القلاعَ هنا واصغي إلى شغِف الصـ
ـلصــــــــــــــالِ في دَعــــــــــــة واللهُ سـَـــــوَّاهُ


أعطاهُ حاشيةً ًوالقــــصرُ مـــــــــــــــن عجب
فالتبرُ وسَّــــــــــدَه والخَــــــــــــــــــــــزُّ غطــّاهُ


والرُّوح أسكنَها في الجـــــــــــــــــوفِ مارقةً
يلـــــهو بها نَـــــــــــــــــــــــــزقٌ غِـــــرٌّ فـــتهواهُ


من غـَـــــــــــــيِّــها انبثقتْ شَتـْلاتُ صبْوتِها
فاطّـــاولَتْ فنـــــــــــــــــنًـا والكــونُ أغــــراهُ 


واللَّحــــــــــــــدُ يرصـُــدُها تمضي بِلا رسَن
تكــبُو فتـــــلقُــــــــــــــــــــمُها صــــيْداً ثناياه ُ


واليومَ أقبـــــــــــــــــيةُ النسيانِ تبـــــــعثُها 
عينًا مـــــؤرقةً والخَـــــلقُ أشـــــــــــــــــــباهُ


خـــــــــــــوفي وتجرفـُني كالعـِـــــهن بارقةٌ
إن شقّ صـــــــــدري هنا مَا كنتُ أخشاهُ


يا مَن لنا انفــــرجَتْ أبــــــــــــــوابُ رحمتِه
ما إن دعاهُ نِدا المَكــــــــــــــــروبِ لـــــــبّاهُ


عـــــذرا إلهــــــــــــــي إذا أسْرجتُ أدعيتي
فالـــــعمـــــــــــــرُ أرْبكني مذْ ضاعَ أحــلاهُ


قد عدتُ يــــــــزرعُني فيضُ الرؤى عبقا
كفّنتُ هـــــــــذا الذي ما تــــــــــهتُ لولاهُ


مذْ جفّ مَـــــــــــوردُه كالــــــطفلِ أحملُه
بالصدر ما انقطعتْ أطــــــــنـــابُ بلواهُ


معاذ ربِّ الهدى إن صرتُ تمـــــضغُني 
على ضفــاف الشَّــــــــجا كاللـِّـزْج ِأفواهُ


أوْدعتُ ملحــــمـــتي للــــــــــــريح تنثُرها 
ما انكَـفَّ مـــــــــــن رمَقِي يهــفو لمثواه


ما عاد نـــــــــــبعُ الحيا يُغري هنا شفتي
فالمـاءُ من أزل بالقــــــلبِ مـــــــــــــرساهُ


أشتاقـُني مطرا جـــــودٌ غمائــــــــــــــــــمُه
على ضــــــفاف التقى قد شـــقّ مجراهُ.