قِطاف من بساتين الشعر العربي

  • PDF

مراصد ثقافية
إعداد: جمال بوزيان

أخبار اليوم ترصد الإبداع الأدبي
قِطاف من بساتين الشعر العربي

ترصد أخبار اليوم قصائد الشعراء وتنشرها توثيقا لإبداعاتهم وتكريما لأصحابها وبهدف متابعة النقاد لها وقراءتها بأدواتهم وليتعلم الـمبتدئون منهم وأيضا لاطلاع القراء الكرام على ما تجود بها قرائحهم. 

مرثية جعفر أبي عبد السلام
الشاعر الدكتور عبد العزيز شبين - الجزائر

رحم الله العلامة وغفر له وعفا عنه وحشره مع عباده العلماء الصالحین .
أتأسف لبعض المتأدبین کتبوا عن العلامة القرضاوي عند وفاته نثرا وشعرا ولما مات العالم الفقيه والداعیة أبو عبد السلام لم یکتبوا حرفا.. أذنبه أنه جزاٸري!؟ .

ما یَفْعلُ القلبُ كلُّهُ شُعَلُ
لَعلَّ نَبضا بهِ تَعي الجُمَلُ!

کم غرفة منْ حُتوفها غَرفتْ 
بحافَةِ الغمرِ هذِهِ العِلَلُ

يَنأی الفَتی للکاسات مُقْتَرِبًا
یأتي من الحادثاتِ یَنْتَهلُ

تُثْني یَدا عن قضاٸه وجلا
وتطلقُ الحَبلَ أيُّھا الرَّجُلُ

وتطفٸ المنتهی خَواتمُهُ
والمبتدا مِثْلما رأی الأزَلُ

لقاٶه کانَ مَعْ مَشاعِلهِ
کأنَّهُ مِنْ فِراقِهِ ثَمِلُ

كان الَّذي شمعةً أذوبُ بهِ 
یَحومُ فوقَ النُّجومِ یَشْتعلُ


في الحَرْبِ لمْ تنکسرْ مفاتِحُهُ
عبدُ السَّلامِ انتشی به الأملُ


عَیناهُ مِنْ سُورتینِ حِفْظهما 
نفْحًا کما تُکتبانِ یَبْتَهلُ




كأنَّهُ المَشرقانِ قد حُجِبا
بغابةِ الترْبِ حیثما نَزَلوا


ما للشِّهابِ الذي أضاءَ دُجی
تلفُّه في الغَیابةِ الحُللُ


بِحُزنيَ الصَّادي عندَ مَرْقَدِهِ 
یلومُني من مَحبَّتي العذَلُ


سألتُ مَن في الرَّغامِ کوکبُهُ
عَلَّ عَسی قدْ یُجیبُكَ الطلَلُ


الشَّمسُ یوما تُظِلُّ غَیْبتَهِ
والشَّوقُ عندَ الغیابِ مُعْتَقلُ


إلی سَبیل مَضی بهِ وَلَجُوا  
أَشْفِقْ علی البدرِ إنَّهُ خَجِلُ


أتیتَ للجِدِّ في قَداسَتِهِ
تَدْري مَلِیًّا لا یَنْفعُ الهَزَلُ


كلُّ امرٸ قد طالتْ إقامَتُهُ  
إلی ضِفافِ المیعادِ مُرْتَحِلُ


سُقیاكَ ذا مِشْعل أنرْتَ بهِ
إلیكَ كالمُزْنِ ماٶه الهَطِلُ


لا أحْسبُ الشَّمْسَ في مَجَرَّتِها
لَها کمثلِ ابْتِسامِهِ بَدلُ


ما بَیْنَنا الصبحَ کنتَ تُشرقُهُ
لِظلمة هل یَدْرونَ من نَقَلوا


علی السَّوادِ اعْتلی بِمَصْعَدهِ
وفي بیاض ضُحًی به جَعَلوا


وکمْ نُجوم قد کانَ مُنْتَعِلاً
الیومَ غُبْرَ العَفیرِ مُنْتَعِلُ


یا أيُّھا العَزمُ قِفْ بقامَتهِ
فَهلْ تفیدُ اصْطبارَكَ الحِیَلُ


ما کُنْتُ أدْري بِأَنَّ رَوْضَتَهُ
یَسْکُنُها مِنْ ضیق بِها الجَبَلُ


فَلا أظنُّ الفِجاجَ ضَیِّقةً
عَلیكَ لاضَجَّتْ حَوْلَكَ السُّبلُ


یا بردُ کنْ نَفْحةً لِحُرْقتِهِ
طِبْ کالرَّیاحینِ أيُّھا النُّزُلُ


کَشَفْتَ ذا لُبْس هُمْ به شَرَدُوا
ماذا إذا عنْ هِلالهم سَأَلُوا؟


أھلُ الجَنانِ اِلتَقوكَ قَدْ عَلِموا
عَلِّمْ کتابَ الفُتوحِ مَنْ جَهِلُوا 


کنتَ بهِ کالحَمامِ ذا فَنن
حتَّی ازْدَهی بالَّذي تَری زُحَلُ


لِفتیة کالشُّموسِ ساٸقَهُمْ 
کُنْتَ وَتَسْري بِنُورِكَ الظُّللُ


علی یَمین عَصًا تهشُّ بِها 
فینمحي باعْتدالِها الجَدَلُ


فَلَقْتَ بَحْرَ الظلامِ حینَ طَغَی
بِلُجِّ کلِّ انْتِکاسَة ھُبلُ


إنْ غیَّبَ اللَّیْلُ مِنْكَ ذا قَلم
ذِکراكَ بینَ الوَری هِيَ المَثلُ.




*****
حُـبُّ مُحَـمَّـد
الشاعر أبو فراس زهير القطامي - الأردن


كلُّ الأحِبَّـةِ في الـهَـوَى تـَتَـوجَّـدُ
إلا بحُـبِّ مُــحَـمَّـــد هِـيَ تَسـعَـدُ


لا شَيءَ في الأكوانِ يَعـدِلُ حـبَّـهُ
المُصطفىَ المُخـتـارُ طـهَ وأحـمَـدُ 


عَـلَـمُ الـتُّـقىَ نِبـراسُ كلِّ هِـدايَـة
لِلـعـالَـمـيــنَ وَفَــرقـَــدٌ يَـتَـفَــرَّدُ


فهُـوَ الـذي عَـــزَّ الأَنــامَ بِشِـرعَــة
سـادوا بِـهـا وتَشَـرَّفـوا وَتـخَلَّـدوا


غَـطَىَ علىَ الأفـلاكِ ساطِـعُ نـورِهِ
حـتّـى بَـدَت مِـن وَهجهِ تَـتَـوَقَّــدُ


وَهُـوَ الكَـريـمُ وَكَـفُّـهُ مَـبسـوطَــةٌ
للسـائِـلــيـنَ وجُـــودُه لا يَـنـفَـــدُ


أحِـبَــبــتُـهُ لِأَنـالَ مِـنـهُ شَـفـاعَــةً
إذ في مَحَـبَّـتِـهِ المُـحِـبُّ لَيَـسعَـدُ


ثــمَّ الصَّـلاةُ عـلـى النَّــبـيِّ وآلِـــهِ
مــا صـاحَ شــاد أو تَـرنْــمَ مُنـشِـدُ.


*****
وعود كاذبة
الشاعر أبو طالب بن محمد – المملكة العربية السعودية


يا دهرُ القلب ُمتى غدُهُ
أتراه قريبا موعدُهُ


يحيا بوعود كاذبة
ومجيءُ الموت يهدّدُهُ


أنفي بالبسمة مجتهدا
شوقا والدمعُ يؤكّدُهُ


وإليك حنينٌ لا يخبو
إلا والذكرى توقدُهُ


إن غربت شمسك عن عيني
فلها ليلٌ لا ترقدُهُ


وبنيتُ سياجا من صبر
لكنك صرتَ تبدّدُهُ


أينام ولا أغمض جفني
أكذلك حقا مقصدُهُ؟


يتوسد كل سعادته
وسعادتُهُ تتوسدُهُ


والحب -وإن أعجبنا- دَينٌ
بحروق القلب نسدّدُهُ


إن وقع الإنسان بقبضته
يوما لا شيء سيُنجِدُهُ


للمرء زمانٌ تعجبه
وزمانٌ فيك يزهّدُهُ!.


سطوة الليل




سأقتلُ الليل شربا لا انقضاءَ له
من أكؤس البنّ حتى أنتشي أرقا


وأُنزل النجمَ فانوسا لطاولتي
وفي الصباح سأرميه لينطلقا


ما دمت أحيا نهارا لا ضياء به
من سطوة الليل في أحشاء مَن عشقا


فالعدل أن تشرق الأحلامُ ساهرةً
وتُشعلَ الليلَ إسخاطًا له فَلَقا.


*****


الشاعرة رشيدة بوخشة - الجزائر
يا شاعري


فلننكس الرايات يا غيد
ولنطفئ الأقمار يا هندُ
ولنكسر الخلخال يا أسفي
بالله يا ليلى ويا دعد
ما نفعها الحنّاء في يدنا
ما نفعها الأقراط والعقد؟
يا شاعري رفقا بمتعبة
فالظّهر بالأحمال منهدّ
هذي الدّما سالت بأعيننا 
من شامنا للقدس تمتدّ
هذي ورود الحيّ خائفة
من منجل أنيابه الحقد
هذي خيام الرّيح تجمعنا
والثّلج لواح لنا مهد
ما للدّيار اليوم تبعدني
من ألف عام الجذر ممتدّ؟
ما للجموع اليوم تنهرني
بالأمس غنّى الطّير والورد؟
هذي الصّبايا الفأس يعشقها
أكفانها البيضاء واللحد
هذي عيوني السّود مثقلة
بالملح آهاتي لها ورد
أرسل خيول البرق تخطفني
عن ياسميني ما لنا بعد
أرجوحتي بالحيّ تذكرني
والضّلع مكسور لها يشدو
أرسل إليّ النّصر إسورة
أدمى جراحي السّوط والقيد
أنفخ حروفا ملء أوردتي
فالموت يسري ليس لي بدّ 
أرسل إليّ الحرف ملحمة 
فالظّلم مشتدّ ويشتدّ
أشعل شموع الأنس في دمنا 
فالليل مسودّ ويسودّ.


حماقة


جاء  الفتى للحضن كي يحميه
ويمسّح الأسوار كي تأويه 


ويبرّد الأشواق يطلق زفرة 
ويقبّل الأحجار في واديه 


ويهيم في كل الربوع مناديا 
إني أبيع الورد يا شاريه 


نكّارة والحمق فيك سجيّة 
فالطّيب لم يعصر لكي ترميه 


جفت بحار الشّوق جفت أنهر
هو لا يبالي دمعه يرويه


ونفيته من بعد عَود مفرح 
يا كيّة الصّدر الذي ينفيه 


ما كان يجدر أن تذوبي شمعة 
من حرّ شعر جمره يكويه 


ما كان يجدر أن تصيري عشبة 
والبلسم المصل الذي يشفيه 


ما كان يجدر أن تكوني صندلا
وتبخري الجرح الذي يدميه 


ما كان يجدر أن تكوني وردة 
حسناء تعبق بالشذى اليحييه


ما كان يجدر أن تذوقي شعره 
وتميّلي الخلخال كي تغريه 


وليكتب الأشعار فيك روائعا 
ويرتّب الورد الذي يبغيه 


ويحمّم الخصلات في شمس الضحى 
حتى يرى التيجان لا تكفيه 


خفي عليه يا غليظة قلبها 
حنّي عليه ما به يكفيه 


هو لا يحبك فاخرجي من أحرف
ولتتركيه لدهره يبكيه 


فابكي عليه اليوم واسقي الأنهرا 
ما كان يعشق في النساء سواك


والآن ماذا هل حزنت لهجره 
ولدفتر يطوى لكي ينساك 


ما عاد يسكب في عيونك موجه
ما عاد يعشق في الأصيل لقاك 


ما كان يتركها الرياض بجنة
ويتيه في شعب الفلا لولاك 


عضّي على الإبهام يا مجنونة
هو لن يعود وقلبه يهواك


في الحبّ كوني يا صبية طفلة
واهدي له عند المسا النوّارا


واحكي له حول المواقد قصة 
وبدفتر فلترسمي الأطيارا


كوني كعبلة بخّري سيفا له
يسقيك من شريانه الأشعارا


هو فارس بالنّور ينسج حرفه
فلتلبسيه خلتما وسوارا


كوني كليلى حين ينطق قيسها
تقضي الليالي كلها منهاره


وتبيت تجمع بالسلال الانجما
كي ما يمر فتنثر الأنوارا


والقلب بالأضلاع يرجف خائفا
والموق يسكب من لظاه الأنهرا


كوني له عبر العصور حبيبة
كوني له في ليله الأقمارا.