مراصد ثقافية
إعداد: جمال بوزيان
أخبار اليوم ترصد الإبداع الأدبي
قِطاف من بساتين الشعر العربي
ترصد أخبار اليوم قصائد الشعراء وتنشرها توثيقا لإبداعاتهم وتكريما لأصحابها وبهدف متابعة النقاد لها وقراءتها بأدواتهم وليتعلم الـمبتدئون منهم وأيضا لاطلاع القراء الكرام على ما تجود بها قرائحهم.
*****
الْوَادِي الْمُقَدَّسُ
من ألفية الـجزائر
الشاعر إبراهيم قار علي – الـجزائر
قِـفْ بِـي هُـنَـا يَا صَـاحِ حَقَّ وُقُوفُ
وَانْزِلْ فَفِي الْوَادِي الْمُقَدَّسِ سُوفُ (1)
إني خَلَعْتُ النَّعْلَ أمْشِي حَافِيًا
هَـيَّـا بِـنَـا حَـوْلَ الْقِبَابِ نَطُوفُ
يَا جَارَةَ الْوَادِي أتَيْتُكِ طَارِقًا
لَا زَادَ عِنْدِي وَالْمَتَاعُ خَفِيفُ
أهْـلًا وَسـهْـلًا فَالدِّيَارُ دِيَـارُكُـمْ
بَلْ أنْتَ رَبُّ الدَّارِ نَحْنُ ضُيُوفُ
هَيْهَاتَ تُخْمَدُ نَارُنَا فِي مَوْهِن
وَالْـقَـوْلُ فِـعْـلٌ مَا لَنَا تَسْوِيفُ
يَا رُبَّ وَاد غَيْرُ ذِي زَرْع غَدَا
فِرْدَوْسَنَا لَكَ مَا تَشَاءُ قُطُوفُ
لِـلَّٰـهِ دَرُّكَ أيُّـهَـا الْـوَادِي الَّـذِي
فِي لَوْحِهِ الْمَحْفُوظِ أنْتَ حُرُوفُ
هَـٰذَا صَـفِـيـرٌ لِلرِّمَالِ صَلِيلُهَا
وَكَأنَّمَا الْكُثْبَانُ فِيكِ سُيُوفُ
هَـٰذَاالْحُوَيْذِقُ فِي الدُّجَىٰ مِصْبَاحُنَا
لَـمْ يُـثْـنِـهِ خَـوْفٌ وَلَا تَخْوِيفُ (2)
لِلَّٰهِ سَعْدٌ قَـدْ حَـمَـىٰ تَارِيخَنَا
بِدِمَاءِ حَمَّىٰ والسِّجِلُّ نَظِيفُ (3)
هوامش:
(1) وادي سوف: مدينة صحراوية بالجنوب الجزائري وتعرف بمدينة الألف قبة حيث تتخذ المنازل شكل قباب.
(2) الحويذق: يعد الشيخ مصباح حويذق من أهم علماء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين معروف بنشاطه الدعوي والجهادي وهو من وادي سوف.
(3) سعد: هو الدكتور أبو القاسم سعد الله كبير المؤرخين الجزائريين.
(4)الشهيد حَمَّىٰ الأخضر: يعد من أشهر شهداء الثورة التحريرية المباركة في منطقة وادي سوف وقد ضرب أروع صور البطولة ضد الاحتلال الفرنسي.
لِلَّهِ دَرُّكَ يَا مِيزابُ
لِـلَّـهِ دَرُّكَ أيُّـهَـا الْـمِـيـزابُ
وَلْيَسْكُبِ الْمِيزَابُ يَا مِيزَابُ (1)
أعْجُوبَةُ الدُّنْيَا قُصُورُكِ سَبْعَةٌ
لَوْ أنْصَفُوكِ وَمَا كَفَاكِ عُجَابُ
كَمْ تَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ مَنَازِلًا
فَسَدَتْ ثَمُودُ وَأنْتُمْ الْأطْيَابُ
شُدَّتْ إلَيْكِ رَوَاحِلٌ وَقَـوَافِـلٌ
أرْضَ الصَّحَابَةِ هَاهُنَا أصْحَابُ
مَا إنْ يَزَالُ دَمُ الصَّحَابَةِ فِي الثَّرَىٰ
وَلَـكَـمْ تَـخَـضَّـبَ بِـالـدِّمَـاءِ تُـرَابُ
الْأمْرُ شُـورَىٰ مَجْلِسٌ عَزَّابَةٌ
مُـتَـفَـرِّغُـونَ كَـأنَّـهُـمْ عُـزَّابُ (2)
قُطْبُ الْأئِمَّةِ فِي الْبِلَادِ طُفَيَّشٌ
لَكَ فِـي الْعُلُومِ تَفَتَّحَتْ أبْـوَابُ
الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ بَيُّوضُ الْـفَـتَـىٰ
شَيْخُ الْمَشَايِخِ وَالشُّيُوخُ شَبَابُ
مَرْحَىٰ أبا الْيَقْظَانِ تُوقِطُ أمَّـةً
الـنُّـورُ وَالـنِّـبْـرَاسُ وَالْمِيزَابُ
وَالشَّاعِرُ الْوَطَنِيُّ قَدْ شَغَلَ الْوَرَىٰ
وَلَـئِـنْ تَـنَـبَّـأ فَـالْـقصِـيـدُ كِـتَـابُ (3)
هوامش:
(1) وادي ميزاب: من أروع واحات الجزائر يقع شمال الصحراء بولاية غرداية وتعرف بقصورها السبعة.
(2) مجلس العزابة:هيئة دينية على مستوى المسجد وتتولى إدارة شؤون المجتمع الميزابي.
(3) يعد الإمام طفيش والشيخ إبراهيم بيوض من أهم أعلام بني ميزاب وشيوخها بالإضافة للشيخ أبي اليقظان أحد رواد الصحافة الجزائرية أثناء الاحتلال الفرنسي ومن الصحف التي أصدرها: النور والنبراس والميزاب دون أن ننسى شاعر الثورة الجزائرية وصاحب النشيد الوطني الخالد مفدي زكريا.
*****
هذا فِراقٌ بينَنا
الشاعر أحمد جنيدو– سوريا
هذا فِراقٌ بينَنا يا صاحبي
سأقُضُّ حزنَ فِراقِنا بمخالبي
آمنتُ باللهِ العظيمِ مسلِّماً
قدريإلى اللهِ الرَّحيمِ لغالبي
فابْعدْ ترى الآفاقَ بينَ أصابع
علَّالطَّريقَ هَداكَ سدَّةَ صائبِ
تركَ المسيرُ على التَّباعدِ كاهلاً
قدْ لا تزولُ مع السِّنينَ نوائبي
إنِّي خرمتُ مراكبَ الأحلامِ عَمْـ
ـداً أنتَ تسألُ عن حريقِ مراكبي
وهدمتُ بُعداً والجدارَ رفعْتُهُ
وقتلتُ نفسي قبلَ قتلِ مطالبي
لا تمتحنْ صبري فإنِّي متلفٌ
أعددْتُ للمجهولِ زادَ عصائبي
ملقى على الرقِّ المعذّبِ آجلي
وألفُّ نارَ لفافتي بشوائبي
شرَّعْتُ أحلامي وأجنحتي هوتْ
سقطَ الجوابُ على خريفِ مناقبِ
في بيتِ جدِّي ضوءُ وعد نامسٌ
أطفأتُ تلكَ الرُّوحَ نصْرَ غرائبي
لاأُشبهُ الإنسانَ في تكوينِهِ
لا يلزمُ التَّكوينَ ثُقْلُ حقائبي
هذا فِراقٌ قاطعٌ لا لا تعدْ
ملَّ انتظاري بعدَ قرْحِ ذوائبي
أفْلسْتُ من مهجي وأفلسَ فائضٌ
كيفَالثُّبورُ؟! ومدُّهُ من خائبِ
أُجْبي بقايانا رغيفاً آسناً
عندَ التَّضوُّرِ خرَّ سيفُ محاربي
علَّقْتُ في نهرِ الفراتِ قصيدةً
في مطلعِ البيتِ الرَّشيدِ مصائبي
جُبِلَ اليقينُ على يدي مستكْبراً
زلَّ اللسانُ برغمِ كمِّ تجاربي
تحتَ النَّخيلِ ولادةٌ شرعيَّةٌ
جذعٌ يُهزُّ من الرَّطيبِ محالبي
يحياعطاءٌ فاصْطَبِرْ منْ آية
حتَّى تُحدِّثُهُمْ بلاغةُ كاتبِ
عذراءُ أمِّي فالرَّضيعُ مفوَّهٌ
وكلامُهُ في الحقِّ صدْقُ عجائب
قبسٌ من الرِّحمانِ جاءَ يسوغُهُ
والصَّلْبُ يخدعُنا ويُخدعُ صالبي
لمْ ينجرفْ أيُّوبُ بثَّ مواجع
أوجاعُنا الحمراءُ بثُّ مآربِ
مدفونةٌ في الرِّيحِ أغنيتي مدىً
تصِلُ البعيدَ وصوتُها من جانبي
أنا كاذبٌ عرجَ الغيابُ بطرفِهِ
يا ليتَهُ يُبلي مقولةَ كاذبِ
فعلي اليمينِ شمائلٌ مثقوبةٌ
عَبِّي الخطايا لنْ تملَّ ترائبي
وعلى اليسارِ مُقَسْوَرٌمتحاذقٌ
لو رفَّ جُنحُ الليلِ نامَ كواثبِ
يا أيُّها المشلولُ عمقَ حشاشتي
مازلتَ تلهو في مصيرِ وجائبِ.
*****
*****
صرخة وشاهد
جزء من قصيدة
الشاعر حسام رمضون– سوريا
نُعاني ما نُعاني منذ عشر
صنوفَ القهرِ عامًا تلوَ عامِ
يُتاجرُ نصفُ أهل الأرض فينا
وتشحدُ باسمنا كل الصرامي
وتَسلبنا الحقوقَ منظماتٌ
وتَبخلُ بالفُتاتِ من الطعامِ
فمن أوجاعنا ربّوا كروشا
ويبنونَ القصور من الرخامِ
وأسوأُ ما نلاقيهِ تخلّي
أشقاء تمادوا في التعامي
وجيران تُناظِرُ من بعيد
وما أبدوا لنا أيّ اهتمامِ.
*****
حديثُ ما قبلَ الموت
الشاعرة إيمان الكاشف– جُمهورية مصر العربية
يا مَن تُصَبِّرُني والصَّبرُ مفقودُ
ما نفعُها إن أَمُتْ بَعدي الأناشيدُ؟!
هل يَنفَعُ الشِّعرُ بعدَ الموتِ شاعرةً
يَنالُ منها ومِن ديوانِها الدُّودُ؟!
نَفنَى كما الشِّعرِ في الدُّنيا نُعَبقِرُهُ
ما نفعُ فان لهُ في العيشِ تخليدُ؟!
وجَنَّةُ الحُبِّ لم أَطمَعْ بسِدرتِها
وإن وصَلتُ فبابُ الوصلِ موصودُ
والقلبُ آدمُ لكن لم يَذُقْ ثمرًا
لكنَّهُ مِن جِنانِ القربِ مطرودُ
أَشدو بشِعري وما همِّي يُقَرِّظُني
كلُّ الملوكِ وما في المدحِ تمجيدُ
بل أَنزِفُ الشِّعرَ مِن جُرحِ الحشا وجعًا
ودمعتي ابتَسَمَت والوجهُ جُلمودُ
ويَسمَعُ الكونُ أنَّاتي بهِ امتَزَجَت
والحُبُّ فيه بحبلِ اللهِ معقودُ
والكونُ عنديَ مِن دونِ الورى ملَكٌ
إن غابَ متُّ وإن يُقبِلْ أَتَى العيدُ
طالَ الحديثُ وقد قفَّيتُ مُرسَلَهُ
مُوَثَّقًا وبهِ صحَّت أسانيدُ
على السجاجيدِ لم أَسجُدْ بناصيتي
لكن على نورِ عشق قد سجا جيدُ
الشِّعرُ عندي دعاءٌ يُستجابُ لهُ
إذا دعا بيقينِ الدَّمعِ مفئودُ
فاسمَعْ ندائي فإنِّي فيه صادقةٌ
حتَّامَ تَصمُتُ؟! هل للعُمرِ تمديدُ؟!
سأَلزَمُ الصَّمتَ حتَّى إن أَتَى أجلي
فهل تُؤَخَّرُ في موت مواعيدُ؟!
حتَّى أقولَ قُبَيلَ الموتِ أَعشَقُهُ
مَن الطَّريقُ إلى عينيه مسدودُ
لم أَختَرِ الحُبَّ مَن يَختارُ مِيتتَهُ؟!
وإنَّ قلبي على أيديه مولودُ
واختَرتُ أسرًا إلى موتي بعالَمِهِ
وما بسجنيَ تعذيبٌ وتقييدُ
لم يُغمَضِ العقلُ في حُبّ بلا أرب
في الغيبِ يُعشَقُ بالإيمانِ معبودُ.
*****