بقلم: أنس عيد*
منذ سنوات وانا اشاهد افلاما ومسلسلات عربية وكل ما ظهر في المشهد شخصية طبيب نفسي يصر المخرجين على تصويره كغريب اطوار او مهرج ربما يريدون أن يضحك مشاهديهم أو تنجح اعمالهم الفنية من خلال اضافة شخصية مضحكة للعمل.
لكن مقدار التخريب والعبث في الحقيقة يكاد ان يكون مدمرا ليس للاطباء فقط وانما للمجتمع والدولة معا الطب النفسي متطور جدا وهو الأداة العلمية الوحيدة التي تستطيع التعامل مع الأمراض النفسية والإدمان والمشاكل الإجتماعية بمختلف مسبباتها.
كشخص خبير في التسويق والمبيعات فإني أرى وأرصد واشاهد حجم العبث عند تصوير هذه المهنة العظيمة بصورة قبيحة مثل هذه في الافلام والمسلسلات ما يدفع المشاهدين اللجوء إلى الدجالين والمشعوذين او تناول المسكرات والمخدرات للتخلص من آلامهم النفسية وعدم اللجوء إلى أطباء الطب النفسي بسبب هذه الصورة التي ترسخت عن الأطباء النفسيين في المسلسلات والأفلام.
على سبيل المثال نعلم تماما نحن المسوقين كم تنفق الشركات والدول ملايين الدولارات من أجل بناء صورة ذهنية ترسخها في أذهان الناس عن منتجاتها وعلاماتها التجارية فمثلا مرسيدس على مدار عقود انفقت الملايين حتى ترسخ في أذهان الجميع قيمة الفخامة في سياراتها حتى بات كثير من الناس يقولون في حديثهم الخاص والعام لا يوجد سيارة تشبه المرسيدس ما انعكس بالتأكيد على حجم مبيعاتهم وايراداتهم.
لك ان تتخيل عزيزي القارئ حجم الإنهيار الذي قد يصيب صناعة ما او تجارة ما بسبب الصورة الذهنية التي يأخذها الناس عن هذه الصناعة او التجارة وانا اعرف تماما كخبير في التسويق والمبيعات ان الصورة الذهنية والسمعة تصنف عندنا أنها عمل استراتيجي يحتاج إلى سنوات لصناعته وترسيخه في الأذهان
وانه ليؤسفني ان اجد علما عظيما ومهنة راقية مثل الطب النفسي يحتاجها كل الناس تتعرض لمثل هذه الإساءات في المسلسلات والأفلام العربية دون توصيات من الجهات الرقابية.
ما يؤدي إلى تباطؤ نمو هذه المهنة ما ينعكس على حياة الأفراد والمجتمعات بالسوء نتيجة لجوئهم لطرق غير علمية لحل مشاكلهم النفسية ويكلف خزينة الدولة ملايين بل مليارات الدولارات لتعالج الكوارث الناتجة من الأمراض والمشاكل النفسية التي يعاني منها الأفراد.
بالنهاية كشخص يعلم تماما حجم وقوة الطب النفسي فإني أرجو مستقبلا ان نرسخ صورة الطبيب النفسي بما يليق به لنشجع الناس استشارته واللجوء إليه عند حصول مشاكل اجتماعية او اسرية او نفسية بدل اللجوء إلى الدجالين والمسكرات والمخدرات.