مشهدان من فلسطين: تخاذل الشيخ وبطولة الزبيدي

  • PDF


بقلم: علي سعادة*
مشهدان يختصران حاضر فلسطين وماضيها ومستقبلها: مشهد البطولة ومشهد الخذلان..
في المشهد القبيح الذي يناقض الروح الوطنية والهوية الفلسطينية يأتي صراع ورثة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بين أقطاب ومسؤولين بارزين على رأسهم وزير الشؤون المدنية والقيادي البارز في حركة فتح حسين الشيخ. 
وكشف تسجيل صوتي نشرته وكالة شهاب المحلية عن حالة من الغضب تعتري حسين الشيخ خلال حديثه في التسجيل حين اتهم عباس بإحداث حالة من الفوضى وتهجم عليه وعلى رئيس جهاز المخابرات ماجد فرج بألفاظ نابية. 
وتبدي المحافل الإسرائيلية اهتماما لافتا بالتطورات الداخلية للسلطة الفلسطينية ومعركة خلافة محمود عباس وسط خشية من خروج الأوضاع عن السيطرة في الضفة الغربية المحتلة مع تصاعد أعمال المقاومة وعدم مقدرة الأجهزة الأمنية للسلطة على مواجهتها. 
والصراع داخل السلطة تفاقم مؤخرا بسبب الحالة الصحية للرئيس أبي مازن محمود عباس والتفكير في بديل عنه. 
المشهد الثاني الذي يريح القلب ويرفع المعنويات عاليا رغم قسوته حين قدم الأسير زكريا الزبيدي طلبا مستعجلا لإدارة سجون الاحتلال للتبرع بنخاعه العظمي للأسير المريض المصاب بالسرطان وليد دقة حسب ما أوردت هيئة شؤون الأسرى والمحررين. 
وأحيل الأسير دقة إلى مستشفى برزلاي إثر تراجع حالته الصحية حيث مكث عدة أيام وأبلغه الطاقم الطبي حينها أنه يعاني من سرطان في الدم اللوكيميا بعد التشخيص الأولي الذي أجري له ليتبين بعد عدة أيام أن هناك تشخيصا آخر لحالته. 
ويستدل من الفحوص الطبية الأخيرة ووفقا للتشخيص النهائي للأسير دقة فإنّه مصاب بمرض التليف النقوي وهو سرطان نادر يصيب نخاع العظم وهو ليس بحاجة للخضوع لجلسات علاج كيميائي وإنما بتزويده بدواء بين فترة وأخرى كما أنه بحاجة لوحدتي دم والخضوع لعملية زراعة نخاع لاحقا. 
وهو معتقل منذ عام 1986 ومحكوم بالسجن المؤبد الذي حدد لاحقا بـ37 عاما وأضاف الاحتلال على حكمه لاحقا عامين آخرين وخلال عام 1999 ارتبط بزوجته سناء سلامة ورزق منها في العام 2020 بطفلة أسماها ميلاد عبر النطف المحررة وهو من الأسرى المعتقلين قبل اتفاقية أوسلو وقد أنتج خلال سنوات الأسر العديد من الكتب والدراسات والمقالات التي واجه بسببها عدة عقوبات كالعزل الانفرادي والنقل التعسفي وغيرها. 
أما الأسير الزبيدي (45 عاما) من مخيم جنين اعتقلته قوات الاحتلال يوم 27 كانون الثاني عام 2019 بعد اقتحام مدينة رام الله وهو أحد الأسرى الستة الذين تمكنوا من انتزاع حريتهم من سجن جلبوع خلال شهر أيلول العام الماضي. 
وأعاد الاحتلال اعتقال الزبيدي ورفيقه الأسير محمد العارضة قرب قرية أم الغنم في منطقة مرج ابن عامر وصدر بحقه حكم بالسجن الفعلي لمدة 5 سنوات وغرامة مالية بقيمة 5 آلاف شيكل مع وقف التنفيذ من 8 أشهر إلى 3 سنوات. 
شتان ما بين موقف الشيخ وموقف الزبيدي كما الثرى والثريا بين الخنوع والبطولة بين التنسيق الأمني مع الاحتلال لتسليم المقاومين وبين من يحمل بندقيته للدفاع عن شعبه وحريته وكرامته.