قبسات من رياض الشعر الحر

  • PDF

مراصد ثقافية
إعداد: جمال بوزيان

أخبار اليوم ترصد الإبداع الأدبي
قبسات من رياض الشعر الحر

ترصد أخبار اليوم قبسات من الشعر الحر وتنشرها توثيقا وتكريما لأصحابها وبهدف متابعة النقاد لها وقراءتها بأدواتهم وأيضا لاطلاع القراء الكرام على ما تجود بها قرائحهم. 

*****
في مزرعة الأعراب 
الشاعر أمين بوشيخي– الـجزائر


في مَسرَحِيّةِ الأعرَابِ فَقَط
جُمِعَت الأموالُ مِنَ النَّاسِ ظُهرًا
لبِنَاءِ مساجِدَ ذاتَ عَمَد
تُغلَقُ بَعْدَ العِشَاء
ثُمَّ يَدخُلُها نَفسُ النَّاسِ حُفَاةً عَصرًا
يَدعُونَ رَبَّهُم بَيتًا / يقيهم بَردَ الشِتاء
*
في مَسَاجِدِ الأعرَابِ فَقَط
يُصَليِّ الإمَامُ بِالمؤَذِنِ فجرًا
وتُملَأُ المسَاجِدُ زَوَالاً
لِتَغييرِ الزرابيّ وتَجدِيدِ الطِلاَء
يَعصُونَ اللّهَ لَيلاً ويُسَبِحُونَهُ نَهارًا
أليسَ رَبُّ الصَبَاح / هُوَ نَفسه ربَّ المَسَاء


*
في صَلاَةِ الأعرَابِ فَقَط
يَشتكِي العِبَادُ...لِمَ لَمْ نُسْقَ مطَرًا؟
ثمّ يَبيعُونَ لِلعَطشَان/ بسِتِينَ دِيناراً/ قِنينَةَ الماء
يَطلُبُونَ رَحمَةَ الله/ ويَخشَونَ عَلَى أنفُسِهِم فَقْراً
ولا يَرحَمُونَ المُحتَاجَ/ إذا مَسَهُم بعد الضيقِ الرَخَّاء
مَلَأتُم الدُنيا ظُلماً وجُوراً
فَلِمَ النِفَاقُ إذَنْ / في صَلاَةِ الاستِسقَاء؟!
*
في مزرعةِ الأعرابِ فقط
يَبيعُ الرَاعي اللَّبَنَ
لِيَشتَرِي بِثَمَنِهِ خَمرًا
كي لا تَصحُو النِعَاجُ أبدًا
مِن سُكْرِ الغَبَاء


غَابَت القطعَانُ عَنِ المرَاعِي شَهرًا
فَاشتكَى الذِئبُ
الجُوعَ ونقصَ الغِذَاء
وأرسَلَ تَغييرًا دُستُورِيًا لِلكَلبِ سِرًّا
ألم تَقُل أنّنا إخوَةٌ
في السَرَّاءِ والضَرَّاء


فاعتَذَرَ الكَلبُ
وأصدَرَ عَلَى الفَورِ أمرًا لكُلِّ الدِيَكَة
بِإلقَاءِ خُطَبِ تَوعِية ضِدَّ الفَحشَاء


ثمّ أفنَى البَيطَرِيُّ نِصفَ القَطِيعِ نَحرًا
بِتُهمةِ نَشرِ الرَذِيلةِ في مُجتَمَعِ الظِباء
والنِصفُ الآخَر..
قُطِعَت ألسِنَتُهُم بَترًا
جَزَاءَ انتِقَادِهِم حُكمَ الرَاعِي/
ودارَ الإفتَاءِ/
وقِطَاعَ القَضَاء
*
في بُنُوكِ الأعرَابِ فَقَط
تُستَثمَرُ أموَالُ المشَارِيعِ
تَقَشُفًا وحذرًا
وتُصرَفُ الملاَيينُ عَلَى الرَقصِ والغناء
يَنثُرُ الأغنِيّاءُ المالَ في السَهَرَاتِ نَثرًا
ويُعطُونَ لِلجَمعِيّاتِ بَقشِيشًا مِنْ بَابِ الرِيَاء
كَالذي يَمسَحُ بِيَمِينِهِ دُمُوعَ المَكوِيِّ جمرًا
وشِمَالُهُ يَنفُثُ السُمَّ
وقَدَمُهُ تَركُلُ الدواء
*
في اقتِصَادِ الأعرَابِ فَقَط
يَزدَادُ الفُقَرَاءُ فَقرًا
وتَربَى ثَروَةُ الدَجَالِ مِنْ غَيْرِ عَنَاء
دَجَالٌ بِمئَةِ عَين لَيْسَ أَعوَرًا
كُتِبَ عَلَى جبهتِهِ خَائِن
يَقرَؤُها الأُمِيُّونَ قبل القُرَّاء


يأمُرُ البُنُوكَ / فَتُخرِجُ كُنُوزَهَا فَورًا
فَيتبَعُهُ نُوَّابُ البَرلَمان
وسَبعُونَ مِنَ الوُزَرَاء
كما أنّه شَيَّدَ بِسوِيسرَا قَصرًا
تَحُفُهُ جِنَانٌ
تُسقَى مِنْ آبارِ الصَّحرَاء
ويجرِي وَسَطَ جَنَتيهِ نَهْران
بِرائِحَةِ البِترُول/
وذَوقِ الخَمرِ/
ولونِ الدماء.
*****




عزف منفرد
الشاعرة وحيدة رجيمي – الـجزائر


زمن الجامعة
وأنا طالبة حقوق..
أذكر.. ذلك الزمن.. القلب ما زال إليه يتوق..
أحِبةً كنا..
يسعنا الحب مهما الدنيا من حولنا تضيق..
يفرقنا الغروب.. سرعان ما يجمعنا الشروق..
أذكر.. لعل من أمثالي من يتذكر..
نقتسم لقمة تطعمنا..
نشترك في قراءة كتاب..
كنا في المحبة أحباب..
وفي المآسي والأحزان..
أهلا كنا وأتراب..
نفرح لفرح أحد منا.. ونذرف الدمع السخي
إذا مكروه لصديق أصاب..
ويسأل الحاضر منا
ونتفقد من غاب..
تلك أيام تبقى
في البال والقلب
وإن لم تدون في كتاب.


*****


ربيع عمري
الشاعرة فاطمة الزهراء توق– الـجزائر


سنة محتالة
سارقة
سرقت زهرة عمري
يتّمت ربيع أيامي
سنة حلت..
رحلت بأوراق شبابي
سنة تركت عيون قلبي تحترق
لم تشفق حتى على ورد ذكرياتي
سرقت عطري..
بسمة ثغري
سنة حاربت وهج إشراقي
هاهي تمضى
ويمضى معها عمر آخر..
جرح آخر
ها أنا أزرع ورداً آخر
بأرض أحلامي
أرسم شمسا تضيء
عتمة زماني
هذي بسمتي تجدد ربيعا
عمق جراحي
سنة أودعها..تودعني
لا تعلم أني أواعدها أملاً
يحيي مهجتي.




امرأة من زمن جميل


ثمة امرأة أنيقة
كالبيانو تشبهني
تعزف على أوتار قلبي
لحنا رقيقا كالقيثار ينعشني
بسيطة هي كروحي
نقية كدندنات حروفي
قريبة مني كملامح وجهي
استقرت كالحلم..كالأمنيات
بأوردتي
ناعمه أناملها تشفي
آهات جروحي
امرأة تشبه نبضي
كثوب جميل تلبسني
تكره الحزن حين يسكنني
حاولت أن أفهمها
أن اكتشف ذاك الهدوء
بعينيها
كم كان يدهشني
كانت قصيدة
شبيهة بشعري
وأحيانا مجنونة..؟
كالعطر تأسرني
امرأة من زمنِ جميل
كأنها لوحة فنيه
بألوانها تشاكسني
لا أشك أنها جزء من ذاتي
أنها من صنع حكاياتي
لا شيء يكسرها
كما لو أنها
خلية من خلايا جسدي
بشراييني تشاركني
امرأة حاولت أن أقرأها
كلما اقتربت ضعت..!
في أول السطر تكشفني
وكل ما حاولت أن أتقن الدورة
عدت لأول الحوار
وكانت الحيرة تنهشني.


*****


أنشودةٌ لفراشةِ المجاز
الشاعرة خديجة الطيب دبة–الـجزائر


كفراشة أرخت جناح الضّوء فوق كتابِ
مُتسلّلا من هُدبها المعنى
يُراود فتنةَ الحرف الشهيّ
مُراوغا حدسَ المجازِ
مُشرَّعَ الأسبابِ
لي دهشةُ الأسرارِ
لي نزفُ الرّؤى
من فورة الأعصابِ
لي وجهُ كل قصيدة
سكنت خِيام القلب
واختزلت لديّ تلذُّذي وعذابي
لي موتتي الأولى
ولي من بعدُ ألفُ إيابِ
بي نشوةٌ لغويةٌ
تلقي إليَّ كرومَها
حتى أوزعها على الأكوابِ
بي نهرُ حبّ طاعن في الذكريات
يُريدُ مني دمعةً
كي يعبرَ الأَسرارَ دون حجابِ
لي غيمتان تكاثفَ الشوق القديم
عليهما
الله! من تنهيدة الأهدابِ
حظي من الرؤيا تجلّ كاملٌ
حتى أغيبَ فلا أرى إلاّ وميضَ البابِ.
*****


رسالة إلى الوطن
الشاعرة زينب مناصرية– الـجزائر


مرهقة أنا..
من حال هذا الوطن
حاله كحال الذبيح في الوهن
وفيه أكتب قصائدا
ملفوفة في الكفن
فأنا صحابية الحرف
حروفها أمه بيضاء
ودموعها قوا
في وطعم أول بيت
منها يتحسر على الوطن
وإن سألوني يوما
لمن أكتب؟
..قلت للعابد المصلوب يب
كي في الكنائس كالوثن
لأحلامنا العطشى
التي بعثرها الشجن
وصارت أفراحا مؤجلة
على وجه ماريا مدللة
..لشجر ولد عجوزا
قبل الولادة
وماتت فيه الثمار
وأصبحت زينة وعبادة
.. إلى نهر قريتنا
نهر شواطئه صماء
نهر اتهموه بأنه مجرد ماء
نهر يفتش عن
مداده بين قصائدي
وأمواجه تسكن
في حضن دفاتري
.. إلى الطير
الذي يحلم في حضن وطن حر
بقمح
وماء
لأنوثة تؤثثها
مواجع الغرام
بعدما بعثرها الشوق
وماتت بقلبها الأحلام
عيناها ألف لغز وسؤال
كهذا الوطن
عيونه ظلال.
*****




تحت النخيل
الشاعرة كريمة الطيبي– المغرب


تحت النخيل
وطيف بزخات الطيب يغمرني
موسيقى بألف لحن
وبألف إيقاع
تطربني
كان الموعد نبضات عشق
ونسيم راق
يعبرني
وجلال اللحظات مدد..
سكب الغيث
في ذهول الأعين
تحديت عمرا ضاع في عبث
وكم لاحقته خطوات الزمن
هناك.. أمن وسلام
..وسحر
ومجد شامخ..يضمني
تسلق الحلم أسواري العتية
وقامات النخيل..لاتنحني
أطلال..
تهز الوجد الكامن..
وصدى الأيام يلهبني
إن روحي تمردت!
وثار عليه عشقها
فإلى مواعيد النخيل
تسبقني
إن فؤادي رحيل.. صامت
ونشيد الحضرة
بالفارس.. يذكرني
ونفحات النور تسقي مهجتي
أنا بباب سادتي
فمن يسمعني؟
أنا القادمة من أدغال عذابي
أستغيث!
إن الأصفاد تكبلني
بيداء
وألفت مساءها
المارد
لعالم سحر..يحملني
وألفت هدير رعودها
غديرها
أقداح.. عذبة تسكرني
تحت النخيل
تسمر الدهر مشدوها
وتسابيح الوجود
تروقني.


*****


نصوص أدبية موجزة هايكو
الشاعرة خديجة بديع الادريسي– المغرب




كل الذين يمرون بمحاذاتها
يفقدون توازنهم
بائعة العنب.
***
عصفور الشجرة العارية
غائب هذا المساء ليته يعود
بلحن جديد!.
***
في وحدتي
تجعلني أتوغل أكثر
شجرة عارية!!
***
عيون جميلة
ينتظرها متربصا
بأس الخريف!.
***
بأناملها
تدغدغ المشاعر
عازفة البيانو!.
******
حتى لاتجبر على العودة
ألقت بهما في البحر
خاتم الزواج وأحلامها.
***
خريف قادم
تتصبب عرقا امرأة
في سن اليأس!
***
عيناك
قصائد مزدحمة
بالربيع!
***
تشبهني كثيرا
الوردة التي ذبلت
قبل الأوان!
****
قمر المنتصف
من نوره تقتات
أضواء المدينة!.
***
هو ايضا
يعشق صوت المطر
ظلام الليل!.
***
هذه الليلة
بوجه آخر تعود
ذكرى حائرة!.
***
كل هذا الحزن
وتزغرد
أم الشهيد!.
*****